طلبت صوفيا والاتحاد الأوروبي أمس من طرابلس تسليم الممرضات والطبيب البلغاريين المتهمين بحقن مئات الأطفال الليبيين بالفيروس المسبب لمرض الأيدز، بعد يوم من خفض القضاء الليبي أحكام الإعدام الصادرة بحقهم إلى السجن المؤبد على خلفية تسلم عائلات الأطفال المصابين تعويضات تقدر بمليون دولار لكل منهم. ورهنت ليبيا تعاونها في ما يخص استفادة المتهمين من اتفاق كانت وقعته مع بلغاريا يقضي بتبادل المحكومين، بمدى "التعاون" الأوروبي في تمويل صندوق مساعدات. وقال وزير الخارجية الليبي عبدالرحمن شلقم أمس إن"قرار مجلس القضاء الأعلى لا يطوي الملف تلقائياً، فما زالت هناك مرحلة مهمة وهي إعطاء ضمانات علاجية للأطفال وأسرهم، والكرة الآن في الملعب الأوروبي والبلغاري". وأضاف أن"المرحلة المقبلة ستشهد اتصالات بين ليبيا والاتحاد الأوروبي لتحقيق أفعال على الأرض في ما يتعلق بتنفيذ الالتزامات الأوروبية نحو الأطفال وتأهيل مستشفى بنغازي". غير أنه أضاف أن هناك"اتفاقاً بين ليبيا وبلغاريا يغطي الجوانب المدنية والجنائية للقضية... ونحن لا نمانع من أن تستفيد الممرضات والطبيب من كل الفرص التي تتيحها الاتصالات السياسية والصيغ القانونية، ولكن لابد من الأخد في الاعتبار تحسين ظروف الأطفال والعائلات المتضررة". وشدد على أن"عامل الوقت مهم يجب أن تأخده كل الأطراف في الاعتبار، وليس ليبيا فقط". وفي صوفيا، بدأت إجراءات تقديم طلب رسمي لتسلم المتهمين. واعتبر وزير الخارجية البلغاري إيفالو كالفين أن خفض الإعدام إلى السجن المؤبد"خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح"، إلا أنه أكد أن الملف لن يقفل إلا بعودة المتهمين إلى بلدهم. وأعلنت النيابة العامة أنها بدأت صباح أمس الإجراءات لطلب تسلم الممرضات والطبيب. وقال المدعي العام بوريس فيلتشيف للصحافيين إن"النيابة البلغارية سترسل الوثائق اللازمة إلى ليبيا". ورحبت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا بإلغاء الإعدام. وأعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن"سعادته"بالقرار الذي اعتبر أنه"حكيم وشجاع ويستحق التقدير". وأعلن ناطق باسم الرئاسة الفرنسية أن ساركوزي قد يتوجه"قريباً"إلى ليبيا تلبية لدعوة من العقيد معمر القذافي إذا كان ذلك يساهم في"تسوية"قضية الممرضات البلغاريات. وأكد مصدر رسمي ليبي أن الرئيس الفرنسي سيزور طرابلس الثلثاء المقبل. وفي واشنطن، قال المسؤول الثاني في وزارة الخارجية الأميركية ديفيد ولش إن القرار الليبي"خطوة إيجابية للامام، ولكن ليس نهاية للمحنة"، ودعا طرابلس إلى الافراج عن المتهمين. وأضاف:"نشعر بالتشجيع لتخفيف أحكام الإعدام، ونأمل في أن يتمخض عن طريقة تسمح لهم بالعودة إلى ديارهم". واعتبر مسؤولون أميركيون أن القرار قد يساعد في تهدئة التوترات بين ليبيا والولاياتالمتحدة. التعويضات ليبية وفي سياق متصل، أكدت المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية بنيتا فيريرو فالدنر أن طرابلس دفعت أموال التعويضات لأسر الضحايا. وقالت:"نفذنا القسم المتوجب علينا من الاتفاق، وبهذا لا أتحدث عن دفع مبالغ مالية كبيرة. فهي تأتي في الواقع من مؤسسة القذافي، إنها أموال ليبية". وأشارت إلى أن"الاتحاد الأوروبي لم يدفع تعويضات. مؤسسة القذافي تولت هذا الأمر". وأوضحت:"منذ زيارتي الاولى في أيار مايو 2005، حسّن الاتحاد الأوروبي فقط الأوضاع الطبية في مستشفى بنغازي من خلال تقديم خدمات مباشرة... إنها التعويضات في المقام الأول أموال ليبية جمعت للأسر. ولا تأتي من الاتحاد".