في وقت كثفت الأطراف المعنية مساعيها أمس للتوصل إلى اتفاق بين ليبيا وبلغاريا لترحيل الممرضات الخمس والطبيب المتهمين بنقل فيروس الايدز إلى مئات الأطفال الليبيين، أكدت مصادر مطلعة أن المفاوضات التي بدأتها مساء أول من أمس في طرابلس المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو فالدنر وزوجة الرئيس الفرنسي سيسيليا ساركوزي حققت تقدماً كبيراً، لكن"خلافات صغيرة"تعرقل إعلان اتفاق نهائي. وأجرت فالدنر أمس مفاوضات مع مسؤولين ليبيين، فيما التقت زوجة الرئيس الفرنسي ابنة العقيد معمر القذافي عائشة، لكنها لم تلتق والدها الموجود في سرت. ووصلت ساركوزي وفالدنر الأحد إلى ليبيا بهدف تسريع الافراج عن الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني الذي منح الجنسية البلغارية. وأجرت المسؤولة الاوروبية محادثات ليل الاحد - الاثنين مع مسؤولين في وزارة الخارجية الليبية حددوا شروط بلادهم للإفراج عن المتهمين. وأوضح مصدر ديبلوماسي في طرابلس أن المسؤولين طالبوا ب"تطبيع كامل بين ليبيا وأوروبا في المجالات كافة"، كما طالبوا دول الاتحاد الأوروبي ب"تنفيذ مشاريع في ليبيا"، بينها"تشييد طريق سريع يربط بين الحدود مع تونس في الشرق والحدود مع مصر في الغرب، وبناء سكك حديد تربط الموانئ الليبية بمدن أفريقية وترميم الآثار، إضافة الى تقديم ضمانات علاجية للأطفال"المصابين بالايدز. وأكد ديبلوماسي فرنسي أن"العقبة الرئيسية ما زالت هي المال وليس ترفيع العلاقات الديبلوماسي، إذ ينتظر الليبيون الحصول على مزيد من التعويضات، في حين يرفض الاتحاد الاوروبي دفع تعويضات على اعتبار أن هذه الخطوة قد تعد اعترافاً بأن الممرضات والطبيب مذنبون". غير أن مصادر ليبية أكدت ل"الحياة"في تونس أن طرابلس طلبت تسليمها ضابط الاستخبارات الليبي عبدالباسط المقرحي المحكوم بالسجن المؤبد في حادثة لوكربي، في مقابل إطلاق المتهمين البلغار. وأضافت أن المفاوضات"وصلت مراحلها الأخيرة لاتمام مقايضة يقضي بموجبها المقرحي عقوبة السجن مدى الحياة في بلده". ويمضي المقرحي عقوبة بالسجن مدى الحياة في اسكتلندا بعدما دانته محكمة بريطانية أقيمت في هولندا بالضلوع في عملية إسقاط طائرة ركاب تابعة لشركة"أميركان آيرلاينز"فوق قرية لوكربي. واعتبر الرئيس الفرنسي أن المحادثات حول ملف الممرضات البلغاريات المحتجزات في ليبيا"صعبة للغاية"، من دون أن يؤكد احتمال سفره غداً إلى ليبيا. وقال رداً على اسئلة صحافيين:"ما أعرفه هو أن الامر صعب للغاية. وهو مستمر منذ ثماني سنوات". وكان مصدر رسمي ليبي أفاد أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيصل الأربعاء إلى ليبيا لإجراء محادثات مع الزعيم الليبي في سرت، لكن الناطق باسم الرئاسة الفرنسية ديفيد مارتينون رفض تأكيد الزيارة أو نفيها. وكانت سيسيليا ساركوزي والأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان الذي يرافقها أيضاً في زيارتها الحالية زارا ليبيا قبل نحو عشرة أيام، والتقيا الممرضات والطبيب وأسر الأطفال المصابين في مستشفى بنغازي. وكشف الناطق باسم الرئاسة الفرنسية أن ساركوزي أجرى مساء أول من أمس اتصالات هاتفية عدة مع رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو تناولت"الجدول الزمني للاتفاق على إطلاق سراح الممرضات والطبيب وترحيلهم فوراً من الأراضي الليبية". وأشار وزير الخارجية البلغاري ايفايلو كالفين إلى أن المفاوضات يفترض أن تنتهي أمس، إلا أنه لم يحدد موعد عودة الممرضات والطبيب إلى صوفيا. وقال لدى وصوله إلى بروكسيل للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي:"نحن الآن في مرحلة باتت فيها القرارات محض سياسية، ويمكن أن يُرحلوا بسرعة كبيرة". وأضاف:"أتمنى أن تتوافر الإرادة الكافية لدى الجانب الليبي لوضع اللمسات النهائية".