تفتتح في بروكسيل اليوم قمة الاتحاد الاوروبي التي ستناقش الدستور الاوروبي، وسط انفراج جزئي في موقف بولندا من الاصلاحات المرتقبة لإحياء عملية اقرار الدستور بعد سنتين من رفضه في استفتاءين اجريا في فرنسا وهولندا، في مقابل تشدد بريطانيا على صعيد المطالبة بتقليص دور وزير خارجية الاتحاد الاوروبي ونفوذه، وتأكيدها ضرورة اجراء تعديلات محدودة. وتعرض المستشارة الألمانية انغلا مركل التي ترأس القمة مسودة معاهدة جديدة لتعويض فشل اقرار الدستور للمساعدة في تفعيل مؤسسات الاتحاد. وتتناول المسودة كل بنود الدستور الذي صادقت عليه 18 من 27 دولة في الاتحاد، في محاولة لإيجاد حل وسط"يبسط الدستور السابق ويحوله إلى معاهدة مصغرة". وفيما ستقترح مركل عقد مؤتمر لحكومات الدول الاوروبية يستمر ستة شهور ويمهد لتوقيع دستور جديد قبل نهاية السنة، ابلغت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت لجنة برلمانية أن الاقتراح الالماني"صعب". وأكدت بيكيت انها شعرت بالاحباط لعدم إجراء مفاوضات تفصيلية قبل القمة، مشيرة الى ان بريطانيا لن توقع أي معاهدة تنتهك"الخطوط الحمر"التي حددها رئيس الوزراء توني بلير. وأسفت لغياب الاستعدادات للقمة، وقالت:" لم تجر مفاوضات ومناقشات محمومة في أوروبا،"اذ ان معظم زملائنا كانوا في حال انكار لحقيقة إقرار دستور جديد". وفي اشارة الى المرونة في موقف بولندا، قال رئيس وزرائها لصحيفة"بيلد"الالمانية:"كنت سأذهب بنفسي الى بروكسيل اذا كان الامر سينتهي باستخدام حق النقض الفيتو وسأقول: لا نوافق". وأضاف""ما نريده حالياً هو السماح بمناقشة نظام التصويت"الذي يمنح الدول الاوروبية الكبيرة صلاحيات اكبر في اتخاذ القرارات، وهو ما تعارضه تشيخيا ايضاً. وتعتمد قاعدة التصويت المقترحة غالبية 55 في المئة من الدول الأعضاء شرط أن تتجاوز نسبة سكانها 65 في المئة من سكان الاتحاد. ويسعى القادة الاوروبيون إلى تأمين متطلبات استحداث منصب الرئيس ووزير الخارجية لتشخيص دور الاتحاد على الصعيدين الداخلي والخارجي. وتراهن مركل على دعم غالبية الشركاء في الاتحاد بينهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي ونظيره الاسباني ثاباتيرو محاولة تحجيم موقف بريطانيا التي لا تقبل"صفة الوزير"بل منسق للسياسة الخارجية. كما تعترض بريطانيا بشدة على"إلزام البلدان الأعضاء"ميثاق الحقوق الأساسية ومنها حق الاضراب عن العمل، اذ تخشى الى جانب بولندا وهولندا تأثير الواجبات الالزامية في مرونة سوق العمل. وتطالب دول اسكندنافية باستبعاد رموز السيادة المشتركة عن النص الجديد للدستور، علماً ان دول شمال اوروبا لا تقبل الرموز المشتركة مثل العملة الواحدة والعلم والنشيد الرسمي الأوروبي لأنها"تنتقص في رأيها من سيادتها الوطنية". وتعتبر أن إدراج هذه الرموز يدفعها الى تنظيم استفتاء على الدستور الجديد، وهو ما تحاول كل البلدان تفاديه خشية تكرار ازمة رفض الدستور من فرنسا وهولندا.