يعمد مسؤولون في اتحاد غرف التجارة العراقية إلى التأكيد باستمرار على أهمية الاستفادة من الفرص الكثيرة التي توفّرها العلاقات المتنامية بين العراقوإيران، ما يحفّز قطاعات واسعة من البلدين لتطوير هذه العلاقة ووضع الأولويات الصحيحة لها، دعماً للجهود المبذولة في هذا المجال. وأكد رئيس غرفة تجارة محافظة بعقوبة 50 كيلومتراً شرق بغداد، متاخمة لإيران، سامي حميد ان وفوداً عراقية وجدت في محافظة كرمنشاه، القريبة من حدود العراق، استعدادات للتعامل مع السوق العراقية. وافتتحت شركات ومؤسسات تجارية إيرانية عدّة مكاتب لها في هذه المحافظة المهمّة، للتعامل مع المستجدّات في السوق العراقية، على مدار السنة. وأصبحت هذه التجارة الشغل الشاغل لشريحة كبيرة من التجار الإيرانيين ورجال الأعمال العراقيين، الذين يتجاوز عددهم عشرات الآلاف. وعلى رغم تقديرات تشير إلى ان التجارة بين العراقوإيران تنمو بنسبة 30 في المئة سنوياً منذ الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، تشير مصادر بعضها أميركية الى أن "لا أرقام دقيقة عن حركة التجارة، لأن إيران ترفض الإفصاح عن الأرقام الكاملة المتعلقة بهذا القطاع". إذ تكتفي بإعلان أرقام عن حجم تجارتها مع منطقة كردستان، وتقدّرها بنحو بليون دولار سنوياً، في حين ان مناطق وسط العراق وجنوبه استفادت في شكل كبير من تنامي العلاقات الاقتصادية الجديدة مع إيران، بخاصة في المدن التي تلامس مشاعر الإيرانيين المذهبية، مثل كربلاء والنجف والكاظمية التي يؤمها آلاف الحجاج الإيرانيين شهرياً. وتشير تقديرات إلى ان كل حاج إيراني يزور العراق ينفق تقريباً مبلغاً يقدّر بألف دولار لدفع نفقات الاقامة وشراء الهدايا التذكارية. وعلى نحو آخر يقدر "كتاب الحقائق السنوية"، الصادر عن"وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية"، واردات العراق من إيران ب 8.2 بليون دولار في عام 2006. إلا ان العراقيين، وبعضهم في السلطة الحالية، يرون ان العلاقات الاقتصادية مع إيران ستقوىً، طالما هناك جفاء قائم في العلاقات بين العراق وبين دول عربية عدّة. وعقّب مسؤول عراقي على ذلك بقوله:"ان ما نراه في العراق حالياً هو الكثير من الأعمال التجارية، لكنها تجارة تكاد تكون في اتجاه واحد فقط تقريباً، وإذا وضعنا النفط جانباً فسنجد ان هناك خللاً كبيراً في الموازين التجارية". وترى أوساط عراقية كثيرة ان ما تعرّضت له الصناعة العراقية من أضرار ساهم إلى حد كبير في ازدهار التجارة مع إيران على نحو كبير. ويلاحظ في الأسواق التجارية العراقية ان أجهزة تكييف الهواء الإيرانية الصُنع، تعج بها محال بيع المواد الكهربائية. والطماطم الإيرانية تتصدر سوق الخضار والمواد الغذائية التي تورد معظم أصنافها من إيران، إلى جانب سيارات"بيجو"الفرنسية المصنّعة في إيران التي تجوب شوارع بغداد والمحافظات. كما ان بعض المدن العراقية تشتري الكهرباء من إيران بسبب تزايد الحاجة إليها، إلى جانب قيام شركات إيرانية عدّة بجلب البنزين من تركمانستان لسد النقص الحاصل في هذه المادة في العراق، كما ان المسؤولين العراقيين ينتظرون مباشرة"بنك ملّي إيران"و"بنك سبأ"الإيراني نشاطهما في العراق، وكذلك قيام مصارف عراقية بفتح فروع لها في إيران، كي يساهم القطاع المصرفي في تفعيل العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما، مع متابعة الجانبين عرض إيران تقديم قرض ببليون دولار للعراق. وتجري السكة الحديد العراقية التصاميم المطلوبة لربط الخطوط العراقية بالشبكة الإيرانية، بما يؤمن مرور القطارات لنقل البضائع والمسافرين بين البلدين إلى جانب تصاميم أخرى لخطوط سكك تربط المنذرية شرق بغداد بخط سكك خسروي وكرمنشاه. سوق إقليمية ويعوّل الطرفان على استكمال"نقطة المنذرية"بين العراقوإيران التي تعتبر اكبر المعابر الحدودية بين البلدين. ويجمع المتخصصون على أنها ستكون موضع اهتمام لاسباب أبرزها توقّع ارتفاع حجم التبادل التجاري يبن الدولتين، كما تشير معلومات إلى إمكان انشاء سوق إقليمية كبيرة تشمل العراقوإيران وسورية ولبنان والأردن وبعض دول الخليج، التي تضم أكثر من 130 مليون مستهلك، ما يبرر الاهتمام بتطوير"معبر المنذرية"باعتباره حلقة وصل رئيسية بين هذه الدول. ان تنامي العلاقات الاقتصادية بين إيرانوالعراق ناتج من رغبة الطرفين في تجاوز ما اعترى هذه العلاقات في السابق من مشاكل. لكن يلاحظ ان حركة الأموال بين البلدين تسير في اتجاه واحد، إذ ان العراق بسبب ظروفه المستجدة الحالية بات يعتمد كثيراً على ما يرد إليه من سلع وبضائع إيرانية. ويمكن القول ان الاقتصاد بين البلدين آخذ بالاندماج لاسباب كثيرة قد يكون أهمها إمكان تلبية الصناعات والخدمات الإيرانية معظم تطلعات العراقيين في ظل الظروف الصعبة الحالية التي يعيشونها.