بدأ الفنان السوري عباس النوري، بتصوير مشاهده المقررة من مسلسل "الاجتياح" للمخرج التونسي شوقي الماجري. وهو مسلسل يُصور هذه الأيام في دمشق، ويستعرض إضافة إلى الشخصيات الروائية، بعض شخصيات الواقع الفلسطيني الذين عرفهم الجمهور العربي من خلال شاشات الفضائيات أثناء الحصار، وأبرزهم من استشهدوا بعد مقاومة بطولية، مثل محمود طوالبة، المعروف ب"أبو حندل"، أو "الجنرال". و"أبو جندل"الذي ظهر في تصريحات على شاشات الفضائيات الإخبارية أيام الحصار، ويقدم عباس النوري في هذا المسلسل شخصيته، اعتبر من أكثر الشخصيات الفلسطينية التي برزت في الإعلام إبان اجتياح مخيم جنين واقعيةً. وهو استشهد في الأيام الأخيرة لحصار المخيم أثناء التصدي للهجوم الإسرائيلي. ويبرز في المشاهد التي يقدمها النوري، أكثر فترات الحصار معاناة وعنفاً، لتشكل المحور الدرامي الأخير في العمل الذي يروي المعاناة الفلسطينية من جراء اجتياح وحصار الجيش الإسرائيلي لمخيم ومدينة جنين، ورام الله وبيت لحم في عام 2002. ومسلسل"الاجتياح"الذي كتب له السيناريو والحوار الكاتب الفلسطيني رياض سيف، يهدف إلى إعادة إحياء"الملحمة الأسطورية"، التي جسدها أبناء الشعب الفلسطيني خلال ذلك العدوان الإسرائيلي، وتمكين الناس من رؤية الجوانب التي لم تظهر في الإعلام الذي كان ممنوعاً من دخول مناطق الحصار، ما أدى إلى شحّ في المعلومات ولا سيما الصور. مشاهدات خاصة ولما كان التعتيم الإعلامي والحصار يحولان دون معرفة ما يجري، فإن الكاتب سيف اعتمد على مشاهداته الخاصة التي عايشها أثناء وجوده في فلسطين أثناء الحصار، بالإضافة الى استعانته ببعض الأفلام الوثائقية المنجزة عن حصار جنين، كما استعان لدعم السيناريو بدراسة، أعدتها مؤسسة الخليل في الأردن، حول يوميات الحصار والشخصيات التي برزت خلاله. يذكر أن العمل الذي ينتجه المركز العربي للخدمات السمعية والبصرية في الأردن، وبإدارة المخرج الأردني طلال عدنان العواملة، يروي معاناة المحاصرين بعد قطع الماء والكهرباء عنهم، ويصور المجازر الإسرائيلية والمقاومة، مرتكزاً على حكاية عائلة، أفرادها موزعون بين مخيم جنين، ورام الله وأماكن أخرى، وهو يتتبع في المسار الدرامي شبكة علاقات العائلة، ليرصد من خلالها معاناة شخصيات مهمة. موسعاً نطاق بحثه، علماً بأن العمل يشهد"قفزة"درامية مهمة بعد نهاية الحصار. يشارك العمل بالإضافة الى عباس النوري، نخبة من الممثلين من عدة دول عربية، فمن سورية هناك: رشيد عساف، انطوانيت نجيب، عمايري، وغيرهم. ومن الأردن: زهير النوباني، نادرة عمران، صبا مبارك، إياد نصّار. ويدير الإضاءة والتصوير قادماً من مدرسة السينما في بولونيا، زبغنيو فرتشنسكي وزميله المصور أندريه لوكاش، أما بقية الفنيين فمن سورية، وأما"الماكياج"فيتولى مهمته فريق إيراني مختص، كان استعين به في عدد من الأعمال التاريخية مثل"أبناء الرشيد: الأمين والمأمون". وحول هذا العمل قال طلال العواملة، المدير التنفيذي للمركز العربي: الاجتياح واحد من عدة مسلسلات ينتجها المركز العربي هذه السنة، ليستكمل فيها مسيرته محاولاً تقديم أفضل الإنتاجات للمشاهد العربي، سواء على صعيد الدراما التاريخية، أم الاجتماعية، أم البدوية. ومن هذا المنطلق فإن هذا العمل يعتبر توثيقاً لما لم توثقه شاشات الإعلام العربي والعالمي، ووكالات أنبائه، لكونه يدخل في صميم المسألة الإنسانية، والمعاناة اليومية للمواطن الفلسطيني، مازجاً بين الأفق الإنساني والسياسي في آن، وهو في الوقت نفسه يؤرخ لعملية اجتياح مخيم جنين والمدن الفلسطينية الأخرى، مجسداً صوراً مشرفةً للمقاومة الشعبية التي أبداها المخيم، ومعاناة شعب بأكمله يرزح تحت الاحتلال، وحب هذا الشعب للحياة والتمسك بها حتى أخر رمق، حيث تتقاطع بالعمل وفي شكل فني متقن، قصص الحب مع قصص الموت والدمار والاغتيال اليومي للقيم الإنسانية.