بقيت ردود الفعل على جريمة اغتيال الشاب زياد قبلان والفتى زياد غندور بعد مضي أسبوع على ارتكابها في حدود إجماع الأكثرية والمعارضة في لبنان على إدانتها والتصدي لمحاولات إحداث فتنة مذهبية وطائفية بين اللبنانيين، ولم تتبلور في اتجاه استئناف الحوار بحثاً عن مخرج لإنهاء الأزمة. وقطعت التحقيقات خطوات متقدمة نحو الإمساك بخيوط أساسية يمكن ان تقود الى تحديد مكان لجوء مرتكبي الجريمة، فيما بلغ عدد الموقوفين حتى ليل امس أربعة، عدا عن الشهود وآخرهم اثنان كانا موجودين في منطقة مؤدية الى مطار رفيق الحريري أثناء عثور قوى الأمن الداخلي فيها على سيارة من نوع"بيجو"تخص شقيق عدنان شمص الذي قتل في حوادث الجامعة العربية في 25 كانون الثاني يناير الماضي وصاحب استديو تصوير في الضاحية الجنوبية. راجع ص 8 وجدد رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط في جولته على عدد من قرى الجبل أمس التشديد على دور الدولة في حماية المواطن سياسياً واقتصادياً وأمنياً، مشيراً ايضاً إلى أنها تشكل الحماية للمقاومة الوطنية بعد ان يتم استيعاب عناصرها داخل الجيش اللبناني، ومتوقعاً ان تعلن في هذا الأسبوع تفاصيل جريمة قتل قبلان وغندور. وإذ قوبلت مواقف جنبلاط المتكررة من الجريمة بارتياح سياسي وشعبي، فإن ردود الفعل عليها من المعارضة وتحديداً من نائب الأمين العام ل"حزب الله"الشيخ نعيم قاسم بقيت في إطار تبادل التحيات مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، إذ قال في احتفال تأبيني امس:"سمعنا كلمات إيجابية في الأيام الأخيرة ونحن نقول رداً عليها اننا كنا في السابق إيجابيين ولم نتوقف، والآن نحن أكثر إيجابية ايضاً، وأيدينا ممدودة لملاقاة الاقتراحات الوحدوية والوطنية، ونحن حاضرون لفتح صفحة جديدة تنهي المآزق الموجودة". وأضاف قاسم:"نحن ندعو الى ان لا تبقى الإيجابية في الكلمات، بل الى ان تتحول الى إجراءات عملية، وبالتالي نحن حاضرون لأن نتفق على برنامج المشاركة غداً أو بعد غد كي يرى الناس اننا أنجزناها، وإن كنتم تريدون حلاً من نوع آخر فتعالوا الى الانتخابات النيابية المبكرة لإعادة انتاج السلطة، وإذا قلتم بالحوار الذي ينتج حلاً فقدموا إجراءات عملية حتى لا يكون الحوار تقطيعاً للوقت أو نقاشاً لا فائدة منه". وجمعت التعازي بالشهيدين أمس صدفة وفداً من"حزب الله"على رأسه نائب بيروت أمين شري ورئيس لجنة الارتباط في الحزب وفيق صفا مع وزير الإعلام غازي العريضي وأعضاء لجنة المتابعة في قوى 14 آذار. وارتجل شري كلمة قدم فيها التعازي باسم السيد حسن نصرالله"بالشهيدين المظلومين في سبيل الوطن"معتبراً ان"شهادتهما هي شرف لكل سياسي وكل مواطن لبناني، ونحن من جانبنا لا نستطيع إلا ان نتوقف امام الصبر الذي مارستموه من خلال موقفكم الشجاع الذي لا يسعنا إلا ان نقدم له التحية". وأضاف شري:"ان الحزب يثمّن موقف بعض القيادات السياسية الذي تحلى بالوعي وكان اساسياً في تفويت الفرصة على أي فتنة من الناحية المذهبية والطائفية والمناطقية، ونقول في هذه المناسبة انه ليس هناك من خيار عند اللبنانيين إلا العيش المشترك وأن تكون المشاركة هي القاعدة لإنقاذ البلد وأن نبقى يداً واحدة في خدمة الوطن لأن الاستئثار والتفرد لن يوصلا احداً الى نتيجة. وعلى كل حال سنكون ايجابيين الى أبعد الحدود". ورد العريضي شاكراً للوفد حضوره للتعزية ومؤكداً ان"موقف جنبلاط حمى لبنان وأن موقف العائلة والأهل كان مساعداً لموقفه"، وأمل بأن"تقترن كل هذه المواقف بالممارسة والفعل وأن نؤكد جميعاً الانتماء الى الدولة والوقوف الى جانب مؤسساتها ونعمل على تمكينها من القيام بواجباتها". وأكد ان العدالة يجب ان تأخذ مجراها لتهدأ الخواطر والنفوس وليكون ما حصل دافعاً للحوار والوفاق على اساس قيام نقاش سياسي حقيقي ومسؤول حول كل القضايا والنقاط الخلافية للتوصل الى حلول تحفظ لبنان ووحدته وتقطع الطريق على من يحاول إثارة الفتنة سواء اكان في الداخل ام في الخارج. بدوره قال مصدر قيادي في الأكثرية في تعليق على كلام الشيخ قاسم ان"جنبلاط، مع انه كان المستهدف الأول سياسياً بالجريمة، وإن كثيرين كانوا يراهنون على رد فعل منه قد يعيق السيطرة على تداعياتها السياسية والأمنية، سارع الى توجيه رسالة إيجابية في اتجاه الجميع، لا سيما المعارضة". وأضاف المصدر القيادي نفسه ل"الحياة"ان جنبلاط حسم أمره منذ اللحظة الأولى لحصول الجريمة وقال للجميع:"لن نسمح بجر البلد الى حرب اهلية أو فتنة مذهبية"، وجاء رد الفعل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري وقيادة"حزب الله"منسجماً مع دعوته، وبالتالي لا بد من توظيف الرغبة المشتركة في وأد الفتنة في اتجاه التعاون المشترك ضد المراهنة على تهديد الاستقرار العام". وسأل المصدر:"اذا كان يتعذّر علينا حالياً التوصل الى تسوية للأزمة، فلماذا لا يبادر الجميع الى الاتفاق على هدنة مديدة تكون بمثابة فرصة جديدة للبحث في إحياء الحوار وإعادة الاعتبار إليه من اجل ايجاد حل لنقاط الاختلاف التي ما زالت عالقة؟". ولفت الى ان ما قاله جنبلاط كاف، ليس فقط لتنفيس اجواء الاحتقان وإنما لتهيئة الظروف من اجل العودة الى التواصل الذي كان تحقق من خلال تبادل المواقف الإيجابية. وتساءل عما اذا كانت المعارضة تقصد بدعوتها الى إطلاق مبادرة سياسية الطلب من جنبلاط التراجع بالتخلي عن ثوابت الأكثرية، خصوصاً أن هناك مبادرة كان أطلقها اخيراً رئيس الحكومة فؤاد السنيورة عندما طرح تشكيل حكومة جديدة أو توسيع الحالية، على ان تتمثل المعارضة ب13 وزيراً في مقابل 17 وزيراً للأكثرية ويكون الاتفاق واضحاً على سياستها. ورأى في اقتراح السنيورة أساساً للولوج الى الحل، لا سيما ان مبادرته تتضمن آلية لوضعها قيد الترجمة الفعلية، مشيراً في هذا المجال الى ضرورة تبني ما أجمع عليه المؤتمر الوطني للحوار في البرلمان اضافة الى النقاط السبع التي أقرتها الحكومة بالإجماع إبان العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز يوليو الماضي. وأكد المصدر نفسه ان هناك فرصة للاتفاق على البرنامج السياسي لهذه الحكومة بعد توسيعها او لحكومة بديلة شرط التفاهم على جدول زمني لتطبيقه. على صعيد التحقيق في الجريمة، أكدت مصادر أمنية ل"الحياة"ان الموقوفين الأربعة أدلوا بمعلومات تفصيلية ومهمة أتاحت للأجهزة الأمنية إعداد سيناريو متكامل للجريمة نافية ان يكون بين الموقوفين أي متهم له علاقة مباشرة بارتكاب الجريمة. وتحاول الأجهزة الأمنية التأكد ما اذا كانت سيارة ال"بيجو"ركنت على طريق المطار قبل حصول الجريمة ام انها استُخدمت فيها. الى ذلك، يتسلم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اليوم من وكيله للشؤون القانونية نيكولا ميشال تقريره عن زيارته الأخيرة للبنان لمساعدة الأطراف اللبنانيين على إبرام معاهدة إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي وفيه كما تقول مصادر مطلعة ل"الحياة"سرد لوقائع المحادثات بصورة تفيد ان الأبواب باتت مغلقة امام إبرام المجلس النيابي اللبناني المعاهدة التي وقعتها الأممالمتحدة مع الحكومة اللبنانية في شأن إنشاء المحكمة. ويتزامن رفع ميشال تقريره الى بان كي مون الذي سيحيله بدوره الى مجلس الأمن للنظر في الإجراءات البديلة لإقرار المحكمة، مع استعداد مجلس الأمن لدراسة تقرير أعده الموفد الدولي لتطبيق القرار 1559 تيري رود لارسن وفيه كما تقول المصادر إشارات واضحة الى استمرار عمليات تهريب السلاح من سورية الى لبنان إضافة الى تعذر حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، ونشوء تنظيمات مسلحة جديدة، في إشارة الى تنظيم"فتح الإسلام".