قالت مصادر واسعة الاطلاع ل "الحياة" إن التحقيقات الجارية في الجريمة المروعة التي هزت اللبنانيين وذهب ضحيتها الفتى زياد الغندور 12 سنة وزياد قبلان، حققت تقدماً إضافياً، أدى الى التوسع في المعلومات التي أعلن التوصل إليها وزير الإعلام غازي العريضي أول من أمس، بعد الاجتماع الوزاري - الأمني الذي رأسه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة للبحث في النتائج التي توصل إليها التحقيق وفي ضبط الوضع الأمني. وأكدت المصادر ل"الحياة"أن المعطيات الجديدة التي توصل إليها التحقيق أمس تتعلق بالأشخاص الذين خططوا لجريمة خطف قبلان والغندور، والذين نفذوها استناداً الى إفادات شهود ولعملية قتلهما بالرصاص ولمكان رمي جثتيهما في منطقة جدرا على الطريق الساحلي لمنطقة إقليم الخروب - قضاء الشوف. وأوضحت المصادر أن المعلومات التي توافرت مكنت الأجهزة الأمنية من معرفة منفذي الجريمة الذين تصرفوا على خلفية مقتل المغدور عدنان شمص في 25 كانون الثاني يناير الماضي وتحت عنوان الثأر له. وإذ اتجهت الأنظار الى بعض أشقاء شمص، على أنه مشتبه بقيامهم بالجريمة، فإن الأوساط الرسمية ما زالت تتكتم على أسماء المشتبه بهم الذين تردد أن عددهم يناهز ال11 شخصاً، في انتظار استكمال جمعها المعلومات، سواء من خمسة موقوفين على ذمة التحقيق أو من خلال مصادر معلومات أخرى...راجع ص 7 و8 وفي إطار التأكد من أن لا علاقة للمغدورين الغندور وقبلان بعملية قتل عدنان شمص، أشارت مصادر رسمية الى أن النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا أبلغ الاجتماع الوزاري - الأمني الذي رأسه السنيورة أول من أمس أن القضاء اللبناني راجع ملف التحقيقات في اغتيال شمص، والذي شمل التحقيق مع عشرات الأشخاص الذين قارب عددهم مئة، وتبين أن اسم أي من المغدورين أو والديهما لم يرد في كل هذه التحقيقات والإفادات، وحتى في الشكوى التي قدمتها عائلة شمص. وقالت مصادر أمنية أن الأجهزة تمكنت أمس من العثور على سيارة يشتبه في أنها استخدمت في عملية خطف الغندور وقبلان، وأنه يجري التأكد من ذلك في التحقيقات الجارية. أما على الصعيد السياسي فقد أطلقت مناخات التهدئة التي أشاعتها مواقف رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي، بعد عملية الخطف ومع تشييع جثتي المغدورين، والمواقف المستنكرة للجريمة، خصوصاً من"أمل"و"حزب الله"وآل شمص، تكهنات حول إمكان البناء عليها لفتح كوة في جدار الأزمة السياسية على قاعدة التلاقي من أجل منع الفتنة الداخلية. وفيما واصلت عائلتا المغدورين تقبل التعازي أمس وزارهما السنيورة يرافقه العريضي، شيّع لبنان أمس السيدة علياء رياض الصلح في مأتم رسمي وشعبي مهيب ومؤثر، بُعيد وصول جثمانها من باريس، الى مثواها الأخير في مسجد الإمام الأوزاعي، في حضور ممثلين لرؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة. وعاد رئيس الجمهورية إميل لحود فقدم التعازي للعائلة في قصر الرئيس الراحل رياض الصلح، كذلك السنيورة. وكان تقدم المشيعين، الى شقيقات الفقيدة، الأميران خالد والوليد بن طلال نجلا شقيقتها، فشاركا في حمل النعش الذي كلل بالعلم اللبناني وبالورود. وقال السنيورة بعد التعزية بالغندور وقبلان ان"الخسارة هي لكل لبناني لأنهما سقطا ظلماً... ونحن نمر بتجربة صعبة ومريرة ولكن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم سيأتي يوم على أمتي يكون فيه الممسك على دينه كالقابض على الجمر. ونحن الآن قابضون على الجمر لكننا لن نتخلى عن إيماننا بربنا سبحانه وتعالى وبوطننا وبأنفسنا". وقال إنه"لن يكون بعيداً اليوم الذي يكتمل فيه التحقيق في الجريمة لنثبت من ارتكبها ومن يمكن أن يكون قد وقف خلفها". أما على صعيد ردود الفعل على مناخ التهدئة الذي ساهمت مواقف جنبلاط في إطلاقه، فقد راوحت مواقف قياديين من"حزب الله"بين الحياد وبين اعتبار كلام رئيس اللقاء الديموقراطي إيجابياً، كما قال النائب الدكتور حسين الحاج حسن، من كتلة الحزب النيابية. لكن الحج حسن أكد ان الرد الإيجابي على كلام جنبلاط"لا يكون بوقف الاعتصام من قبل المعارضة في وسط بيروت ولا بإجراءات شكلية، بل من خلال مشروع متكامل لمعالجة القضايا الخلافية وهناك حاجة الى الحوار"، نافياً وجود هدنة متفق عليها. وفيما تحدث رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد عن"تعقل الفرقاء السياسيين"في التعاطي مع الجريمة، دعا الى"اختصار المسافات"وإجراء انتخابات نيابية مبكرة. وصدرت تصريحات من نواب في كتلة الرئيس بري فقال النائب ياسين جابر أن بري أراد أن يعبر عن مساعيه بفتح الحوار من خلال الاتصالات التي أجراها بالنائب جنبلاط معتبراً الأجواء الحالية مشجعة على بدء مرحلة جديدة. وفيما يترقب بعض الأوساط ما إذا كانت هناك خطوات إضافية بالانفتاح بين الفرقاء، خصوصاً أن وفداً من"حزب الله"ينوي التعزية بالمغدورين الغندور وقبلان، نقل زوار بري عنه مجدداً ارتياحه الى موقف جنبلاط"لأن الكثير من الناس يتشوّق لسماع ما قاله"عن التلاقي حول المقاومة. لكن بري أكد أنه ما زال صائماً عن الكلام السياسي. وأشار الى أنه لا ينتظر تطورات سياسية مهمة خلال الأيام المقبلة على رغم أن كلام جنبلاط فتح باباً،"لأن الأمور لم تنضج بعد كما يبدو. ومع أن البعض يفضل الانتظار قبل أن نصل الى الحلول، فإن الحالة الانتظارية لا تؤدي سوى الى أن يستمر اللبنانيون في دفع الثمن".