في القسم العلوي للرغاص قناة تصل الحلق بالرئة تقبع الحنجرة، وهي عضو مهم مسؤول عن الكلام والنطق والبلع. تتألف الحنجرة من تسعة غضاريف، بينها الغضروف المعروف بتفاحة آدم. وتهبط هذه الغضاريف ببعضها البعض بواسطة أربطة وعضلات تعمل على تقريب الحبلين الصوتيين أو إبعادهما أثناء الشهيق والزفير. والحنجرة كغيرها من أعضاء الجسم الأخرى قد تكون مقراً للإصابة بالسرطان. وسرطان الحنجرة يعتبر من أكثر السرطانات انتشاراً التي تضرب الرأس والعنق، وهو يشاهد عادة في المرحلة العمرية 50 إلى 75 سنة ويصيب هذا الورم الرجال أكثر من النساء وذلك بنسبة 10 إلى واحد. ويشكل سرطان الحنجرة 5 في المئة من سرطانات الجسم كلها، ولكن هذه النسبة قد تقفز إلى 12 أو حتى 13 في المئة في البلدان التي يكثر فيها التدخين. ما هو سبب سرطان الحنجرة؟ ان السبب الفعلي لسرطان الحنجرة ما زال مجهولاً، ولكن هناك عوامل خطرة لها دورها، في شكل أو بآخر، في التمهيد للإصابة بهذا السرطان، ومن هذه العوامل: - التدخين، ان خطر التعرض لسرطان الحنجرة هو 30 مرة أعلى عند المدخنين أسوة بغيرهم من غير المدخنين، وهذا الخطر يزداد كلما زاد عدد السجائر المدخنة في اليوم الواحد. ان المشتقات السامة المنبعثة من حرق السجائر، كالقطران والبنزوبيرين والميتانول وسيانيد الهيدروجين وغيرها، تحدث في العشاء المخاطي المبطن للحنجرة تغيرات تؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بالسرطان. عدا هذا، فإن دخان السجائر يعمل على رفع حرارة الجو في الحنجرة إلى 42 درجة مئوية، وهذه الحرارة العالية تسبب حروقاً مجهرية تمهد الطريق لاستيطان الورم الخبيث. المشروبات الروحية، فقد بينت التحريات البحثية ان هناك علاقة قوية بين شرب الكحول وسرطان الحنجرة. وإذا اجتمع شرب الكحول مع التدخين فإن هذا سيزيد من خطر حدوث سرطان الحنجرة. استنشاق المواد السامة. ان التعرض للمواد السامة مثل الأميانت والاسبستوس وغيرهما يمكن أن يؤدي إلى مضاعفة خطر حدوث سرطان الحنجرة إلى معدل يصل إلى 20 مرة. الارتداد المعدي - المريئي، لقد أكد باحثون ان ارتداد محتويات المعدة الحامضية إلى جوف المريء يسبب تخرشات مؤلمة في الغشاء المخاطي للمريء، وإذا استمر هذا الأمر لمدة طويلة فإنه سيؤهب لنشوء السرطان في المريء والحنجرة. سوء استعمال الصوت، ان الأشخاص الذين يستعملون حناجرهم أصواتهم بكثرة كالمغنين تنشأ عندهم عقيدات على الحبلين الصوتيين، إذا لم يتم رفعها تصبح قابلة للتحول إلى السرطان اللعين. الفيروس الحليمي البشري، وهذا الفيروس معروف بأنه يسبب أوراماً حليمية في الجهاز التناسلي يمكن أن تتحول إلى السرطان لاحقاً. ان الأم قادرة على نقل هذا الفيروس إلى الطفل لحظة الولادة، وهذا الفيروس يبقى معشعشاً في الحنجرة ليؤدي لاحقاً إلى أورام حنجرية حليمية تتعرض للتسرطن في ما بعد. العامل العرقي، ان سرطان الحنجرة أكثر مشاهدة بمرتين عند الأفارقة أصحاب البشرة الفاقعة، أسوة بالآخرين من ذوي البشرة الفاتحة. - عامل السن، ان سرطان الحنجرة يشخص عادة عند الأشخاص في عمر الخمسين إلى السبعين. عامل الجنس، ان سرطان الحنجرة يشاهد خصوصاً عند الجنس الخشن ونادراً جداً عند الجنس اللطيف. ضعف الجهاز المناعي، ان الأشخاص الذين ضعفت أجهزتهم المناعية هم أكثر تعرضاً لسرطان الحنجرة مقارنة بسواهم. كيف يتظاهر سرطان الحنجرة؟ إن موقع حدوث السرطان في قلب الحنجرة يلعب دوراً في كشف النقاب عنه باكراً أو متأخراً. فالسرطان الذي يستوطن الحبال الصوتية يعطي عوارض وعلامات مبكرة تفضح وجوده، من أهمها بل أبرزها، بحة الصوت أو الصوت الخشن. وطبعاً هذا لا يعني ان كل بحة في الصوت سببها السرطان، فهناك إصابات شتى قد تكون مسؤولة عن هذه البحة، مثل التهابات الحنجرة، والصراخ، وارتداد المفرزات الحامضية من المعدة وغيرها. وإلى جانب بحة الصوت هناك عوارض أخرى منها: السعال المستمر الذي قد يكون وحيداً أو مترافقاً مع قشع مدمى. الألم في الحلق أو الرقبة. صعوبة في التنفس. صعوبة في البلع. ظهور كتلة ما في العنق. إن المعاناة من عارض واحد أو أكثر من العوارض السابقة لفترة طويلة يجب ان تدفع إلى الاستشارة الطبية، بهدف إجراء الفحوصات اللازمة للوقوف على السبب الذي يقف خلفها. ان فحص الحنجرة بمنظار خاص يعطي معلومات جوهرية، وقد يلجأ الطبيب في حال الشك إلى طلب فحوص أخرى مثل التصوير الطبقي المحوري، أو ربما إلى أخذ خزعة. ومتى تم تشخيص سرطان الحنجرة يبدأ الشروع في المعالجة المناسبة، وسابقاً كان يتم استئصال الحنجرة كاملة، ولكن ومنذ سنوات تراجعت الحاجة إلى اجتثاث الحنجرة كاملة، فبفضل الجمع بين تقنيات العلاج المختلفة أصبح في الإمكان الحفاظ على الحبال الصوتية لدى قسم لا بأس به من المصابين. أكثر من هذا استطاع العلماء ان ينجزوا خطوات إيجابية بالمزج بين الجراحة بالليزر والتبريد كبديل جيد للعلاج الإشعاعي في المراحل الأولى من سرطان الحنجرة، إذ سمحت هذه التقنية بتجنب مضاعفات العلاج الإشعاعي وفي تحقيق تحسن ملموس في نوعية الصوت. ان سرطان الحنجرة يعتبر من المشاكل الصحية التي تترك إحباطاً نفسياً شديداً، ليس على المصاب فقط، بل على المحيطين به لذلك من الضروري تفادي العوامل الخطرة المؤهبة لحدوثه ومن أهمها: التدخين، والكحول، واستنشاق الملوثات، واستعمال الصوت المبالغ فيه.