لا يرغب المعتقل المغربي جمال معروفي في مغادرة سجن انزكان الذي يبعد حوالي 60 كلم شرق مدينة أكادير الساحلية. وحين سألته"الحياة"في اتصال هاتفي، أول من أمس، عن سبب ذلك، أجاب انه لا يريد أن يغادر السجن صباحاً ليعود اليه في مساء اليوم نفسه. ذلك أن عنوان إقامته المسجّل في بطاقة الهوية يشير إلى سجن انزكان. وعزا معروفي ذلك الى أنه لا يملك مقراً آخر يمكن أن يؤويه، خصوصاً أن الأسرة التي كانت أعالته في صغره غيّب الموت أفرادها فصار وحيداً بلا أسرة يعيش مشرداً من مكان الى آخر، وفي كل مرة تنفذ فيها السلطات حملات لجمع المشردين يقدّم نفسه ويقول مازحاً"أريد العودة إلى بيتي". مضى الآن على إيواء معروفي في سجن انزكان حوالي سنة ونصف السنة. ولأن سلوكه يشير إلى إمكان استفادته من الإفراج عنه، خصوصاً في ظل عدم صدور أي إدانة قضائية ضده، فهو يواجه ادارة السجن بأنه لا يوجد مكان آخر يمكن أن يذهب اليه، وانه يقيم في السجن ب"قوة القانون". وأوضح معروفي الذي خلت بطاقة هويته من أي مواصفات أخرى مثل مهنته او مكان ولادته، ان تردده على سجن انزكان بتهمة التشرد جعله يضع المكان عنواناً لإقامته. ويطرح وضع المعتقل معروفي اشكالات قانونية وإدارية ونفسية، كما في حال الأطفال الرضّع الذين تكون أمهاتهم سجينات أو حوامل يضعن في داخل المعتقل. إذ ليس واضحاً هل يصح لضابط الشرطة المكلف ملء استمارات طلب بطاقة الهوية أن يُسجّل طالبها على أن محل اقامته السجن أو المستشفى. وفي الإجراءات القانونية فإن الاشخاص المعنيين يقدمون وثائق لإثبات أنهم يقيمون فعلاً في الأماكن المسجلة، مثل فواتير الماء والكهرباء وإيجار المنزل. إلا أنه في حال السجين تغيب مثل هذه الوثائق، وليس واضحاً اذا كانت صفة التشرد وحدها تسمح بتسجيل السجن مكاناً للإقامة. ومشكلة جمال معروفي ليست في كونه يحمل بطاقة هوية بعنوان سجن انزكان فقط. فهو سيواجه بالتأكيد ضغوطاً اجتماعية بعد مغادرته السجن في حال تقدم طالباً العمل لدى شخص أو شركة... فهو يحمل مأساته في بطاقة هويته عوض أن تكون عنصر اثبات لها!