بعض الأفكار الغربية يبدو ذات لحظة محرضاً ليس على سؤال فحواه: لماذا هذه الفكرة الآن؟ بل على سؤال آخر يقول: لماذا لم توجد هذه الفكرة قبل الآن في لبنان؟ من هذه الافكار تلك التي ينفذها مقدم"سيرة وانفتحت"على قناة"المستقبل"الاعلامي زافين قيومجيان، في خطوة يهدف من خلالها الى تطوير برنامجه وإخراجه من رتابة اسبوعية قد تلوح مضرة به. اذ، بعد النجاح الذي حققته فقرات"نادي الكتاب"كما قدمت من خلال"سيرة وانفتحت"، ها هو زافين يقدم على تجربة جديدة، هي اشبه بأن تكون نادياً للسينما. لهذا المساء، يتحول برنامج زافين الى"صالة"لعرض فيلم لبناني قصير، في حضور جمهور، يشاهد الفيلم خلال عرضه العام على الجمهور، في صحبة مخرجه، وربما غيره من اهل الفيلم. وبعد انتهاء العرض، الذي يسبقه تقديم خاص من زافين، يناقش الجمهور الحاضر، وربما الجمهور المشاهد في بيته ايضاً، الفيلم ويطرح ما شاء من اسئلة على أصحابه. الفكرة في حد ذاتها جيدة وجريئة، ويقيناً انها تفتح آفاقاً لا بأس بها لنوع معين من السينما المحلية، هي السينما القصيرة، اذ من الواضح ان مثل هذا النشاط من الصعب ان ينطبق على أفلام طويلة. ولكن ربما يكمن الضعف في كون زافين اختار للحلقة الاولى من ناديه السينمائي، فيلماً قد لا يستجيب له الجمهور كثيراً، ليس بسبب صعوبته، فهو واضح الموضوع، بسيط الاسلوب، جيد التمثيل، بل لأن في طروحاته من التشابك، وفي بعض فقراته من التطويل ما كان يمكن معه تفضيل ان يشكل موضوع حلقة لاحقة. ومع هذا يشفع ان موضوع الفيلم، وهو"الدرس رقم 5"للبناني فيليب سكاف، يبدو على علاقة مباشرة بأحداث الحادي عشر من ايلول، كما بقضية الهجرة اللبنانية الى بلاد الاغتراب. والفيلم، كي يعبر عن موضوعه الآتي هذا، غاص بعيداً في التاريخ اللبناني من طريق استاذ انطوان كرباج يلقي على مجموعته من"عجائز الشبان الراغبين في الهجرة"دروساً في الحضارة، على ايقاع حضور صديقته المغنية مي الحريري غير المبرر وغير المفهوم... دروساً تنتهي الى النهي عن هذه الهجرة فيما يشبه الوعظ الاخلاقي. على أي حال، مهما كان الرأي في هذا الفيلم، والاعتراض على ان يبدأ زافين خطوته الجريئة والجديدة به، يظل ان للخطوة حسناتها، وللفيلم مبرراته... اما الحكم على مثل هذه الخطوة، فإنه لا يصح ? كما نعرف ? إلا بدءاً من حلقات تلي الحلقة الاولى التي تكون عادة تجريبية تمهد لما يليها.