كلما غرق لبنان في الظلام والمآسي، يظهر في أفق الاغتراب قبس من نور يبشر بعودة العافية والأمل الى الوطن الصغير. هذا ما عرفته ظلمة 1975 - 1990 من شهب ظهرت في الولاياتالمتحدة وأميركا الجنوبية وأوروبا وأستراليا. وركزت الصحف العالمية خلال الأسبوعين الماضيين على اسم كارلوس غصن، اللبناني - البرازيلي، واعتبرته أهم شخصية نافذة في عالم السيارات. ولم تنسَ هذه الصحف أن تذكر بأن جاك نصر كاد يلعب دوراً مماثلاً لولا ان تآمرت عليه عائلة"فورد"، وأبعدته من كرسي القيادة بعدما أنقذ الشركة من الانهيار والإفلاس. الصحف الأميركية، خصوصاً"نيويورك تايمز"وپ"وول ستريت جورنال"كتبت سلسلة مقالات تتحدث فيها عن التشويش السياسي الذي أحدثه قدوم كارلوس الى ديترويت - مدينة صناعة السيارات - وذلك بهدف بحث تفاصيل عقد الدمج بين شركة"نيسان"اليابانية وشركة"جي أم"الأميركية. وتخوف شيوخ تلك المنطقة ونوابها بسبب صرف ألوف العمال في حال تمت الصفقة. ومعروف ان كارلوس غصن قام بصرف 21 ألف مهندس وعامل ياباني، كمقدمة لإنقاذ شركة"نيسان". ووصفت صحف طوكيو تلك الخطوة بأنها عملية جراحية ضرورية لاستئصال مرض الخسارة والنزف. يومها وضع غصن خطة محكمة لوقف خسائر تعدت 20 بليون دولار. وكما امتلأت أعمدة الصحف خلال الثمانينات والتسعينات بأخبار ابن بلدة أميون الكورانية جاك نصر لكونه أنقذ شركة"فورد"من الانهيار، كذلك تتحدث الصحف منذ عشر سنوات عن كارلوس غصن، ابن بلدة عجلتون الكسروانية، الذي بعث الحياة في شركة"نيسان"اليابانية وطوّر الشركة الفرنسية"رينو". وتحت عنوان"تعليق وتحليل"، كتبت صحيفة"ذي بيزنس"البريطانية 17 تموز/ يوليو صفحة كاملة مع عنوان مثير يقول:"سوبرمان يعود الى ديترويت". ويشير الرسم المرافق للمقالة الى صورة كارلوس في ثوب سوبرمان، وقد رفع بين يديه سيارة"جي أم"جنرال موتورز. ويلمح الكاتب الى التفوق الإداري الذي يتمتع به ابن عجلتون، والى عملية الإنقاذ التي بحثها مع الرئيس التنفيذي للشركة ريك واغونر. وتشير الصحيفة الى أن المساهم الأكبر في أضخم شركة لصنع السيارات الأميركية، كيرك كيركوريان، يرى ان طموحات غصن لا تقف عند حد، وانه يسعى الى إنشاء أكبر شركة لصناعة السيارات في آسيا وأوروبا والولاياتالمتحدة. أي شركة يقدر إنتاجها بنسبة 24 في المئة من أسواق بيع السيارات في العالم. يشار الى أن وزارة الثقافة في اليابان سمحت لدور النشر بإصدار منشورات للأطفال تصور كارلوس غصن، في رسوم مختلفة، متحدثة عنه كبطل لا يقهر. ويؤكد وزير الثقافة انها المرة الأولى في تاريخ اليابان تمجد الدولة شخصاً غريباً، والسبب ان الشعب يعترف بالجميل لإداري حاذق عرف كيف ينقذ شركة"نيسان"من الغرق!