النجم الصاعد هذه الأيام في عالم الصناعة الفرنسية هو كارلوس غصن المهندس الفرنسي من أصل لبناني. وُلد في البرازيل التي هاجر اليها جده بشارة من عجلتون لبنان بحثاً عن فرص عمل أفضل مما كان في لبنان في ذلك الوقت. وكارلوس غصن 45 عاماً سُلّم أخيراً مهمة ضخمة إذ عيّنته شركة "رينو" حيث يعمل مديراً معاوناً لرئيسها، مديراً لشركة "نيسان" اليابانية في طوكيو التي كلّف بمهمة انقاذها. كارلوس يتكلّم العربية ولم يقطع العلاقة مع بلده الأصلي، ومتزوّج من لبنانية. وعلى رغم صعود نجمه، بقي طبيعياً ومتواضعاً ومهنياً في تعامله مع مَن يريد معرفة كيف وصل إلى هذا المركز المرموق. وهو روى قصته ل"الحياة"، في مكتبه في بولوني حيث مقرّ شركة "رينو"، وقال إن المسؤولية الجديدة ستنقله للإقامة في طوكيو من أجل إنقاذ "نيسان". درس كارلوس في فرنسا حيث تخرّج من مدرستي "بوليتيكنيك" و"المين" البارزتين، ثم نال دكتوراه العلوم الاقتصادية من جامعة باريس. كانت مجموعة "ميشلان" تبحث عن مهندسين لاستثماراتها في البرازيل، فعرضت عليه الانضمام إليها في أيلول سبتمبر 1978. وهكذا كان، فعمل بين سنتي 1978 و1985 في "ميشلان"، ثم ذهب كمدير ل"ميشلان" الى اميركا الجنوبية واستقرّ في البرازيل حتى 1989. وكان لميشلان مصنعان في البرازيل أحدهما لدواليب الشاحنات ومصنع آخر لصناعة الأسلاك الفولاذية، وبالإضافة الى مزرعتي كاوتشوك طبيعي. وكان كارلوس يدير كل ذلك. وقد ساعده قليلاً كونه ولد في البرازيل وأمضى بعضاً من طفولته فيها ثم أكمل جزءاً من دراسته الثانوية في لبنان في مدرسة الجمهور، ثم انتقل الى فرنسا وكان في السادسة عشرة. في 1996 طلب منه رئيس "رينو" لوي شويتزر الدخول الى مجموعة "رينو" للسيارات. وكانت الشركة تواجه صعوبات بعدما تكبدّت خسارات كبيرة، "فتوليّت منصب مدير عام معاون الذي كان يغطّي المشتريات والصناعة والبحث والهندسة والميكانيك. وكانت مهمتي أيضا أن أتولى المسؤوليات نفسها لمنطقة اميركا الجنوبية وادارة كل المشاريع لصناعات السيارات الكبرى والشاحنات، أي أنني توليت مسؤوليات تقنية وصناعية منذ سنة 96 والآن استعد للذهاب الى طوكيو لأتولّى إدارة نيسان". ويقول شارحاً مهمته في "نيسان" إن صناعة السيارات العالمية هي في مرحلة التركيز والاندماج والحركة الكبرى الاولى بهذا الاتجاه كانت الاندماج بين "مرسيدس بنز - ديلمر" و"كرايزلر"، ما أدّى الى تفكير عميق لدى صناعيي السيارات عموماً للسير على طريق الاندماج. ويقول "تفاوضنا في رينو مع "نيسان" الثانية للسيارات اليابانية بعد "تويوتا" وتوصلنا الى اتفاق يكرّس الاندماج معها وتأخذ "رينو" 37 في المئة من أسهم "نيسان"، وفي إطار هذه العملية أغادر منصبي كمدير عام معاون في "رينو" لأصبح مديراً عاماً ل"نيسان" في اليابان". وإذ بدأ كارلوس يتعلم اللغة اليابانية، فإنه مدرك جيداً أنه بصدد مغامرة كبيرة وجذابة. وعمّا جعل "رينو" الفرنسية تعتقد أن بإمكانها عبر هذا الاندماج مع نيسان أن توقف خسائر الشركة اليابانية، يقول غصن: "هناك العديد من عناصر التكامل بين رينو ونيسان في مختلف الميادين، فالمواقع الجغرافية للشركتين متكاملة، نيسان موجودة في اليابان وتايلاند وتايوان ولها في اميركا الشمالية مراكز قوية، ونيسان أيضاً تصّدر بشكل كبير الى الشرق الاوسط وموقعها جيّد في السعودية وفي الإمارات، أما رينو فوجودها كبير في أوروبا وفي اميركا الجنوبية، وإستناداً إلى هذا التكامل الجغرافي فالأمل أن تعتمد كل من الشركتين على الاخرى لتعزيز مواقعها في أسواقها المتبادلة، ويوضح ان عملية الاندماج كلّفت رينو حوالي 32 بليون فرنك فرنسي 5 بلايين دولار. ورينو حقّقت سنة 1998 أرباحاً جيدة.