نتساءل في هذه الفترة التي يتعرض فيها لبنان الى قصف اسرائيلي، ويتعرض فيها، وفي كل الاوقات الماضية، الشعب الفلسطيني الى قصف اسرائيلي، نتساءل: هل هذا القصف هو الاول من نوعه؟ وهل هو آخر شكل من اشكاله؟ وهل سيؤدي الى حصول الفلسطينيينواللبنانيين الى حقوقهم الكاملة؟ وهل سيؤدي هذا العنف الاسرائيلي الى انهاء الحقوق وحسم المقاومة الفلسطينيةواللبنانية؟ فالعودة الى الحرب مع العدو المحتل للأرض الفلسطينية، و"شبعا"اللبنانية، وجولان السورية، ليست هي الحرب الاخيرة الحاسمة، التي تحرر الاراضي المغتصبة، وتعيد الحقوق الى اصحابها، وتحدد رجوع اللاجئين والنازحين الفلسطينيين الى ديارهم. فمنذ ان بدأ الغزو الصهيوني في زمن الاستعمار العثماني للمنطقة، وبدأ اليهود القادمون من مناطق مختلفة من انحاء العالم يتصادمون مع الشعب الفلسطيني، تحت مظلة الانتداب البريطاني، وبحسب تصريح وزير الخارجية البريطاني"بلفور"الذي قرر تأسيس دولة للصهاينة في الارض الفلسطينية، فإن العنف الاسرائيلي تصاعد، وأدى الى اغتصاب مساحة واسعة من فلسطين، من خلال نكبة عام 1948، ومن خلال دفع الفلسطينيين الى الخروج من أرضهم، ونقلهم الى لاجئين مشردين. وعلى رغم تنفيذ قرار"بلفور"في النكبة، فإن العنف لم يتوقف، ورفع درجة الاحتلالات لم يتوقف، لأن العدو قام بعملية هجوم ارهابي واسع في عام 1967، وحقق النكسة للجيوش العربية، وأدت هذه العملية الى احتلال صحراء سيناء المصرية، وقطاع غزة والضفة الغربية، وهضبة الجولان السورية. وحصلت بعد النكسة اتفاقات اسرائيلية مع مصر والاردن ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومفاوضات مع سورية ولبنان، إلا ان كل ما جرى لا يعني ان الحقوق العربية قد حصل عليها الفلسطينيونواللبنانيون والسوريون، كما لا يعني ان الوجود الصهيوني سيؤدي الى السلام والوئام والاستقرار. فعندما بادر الفلسطينيون بمسلسل من الانتفاضات، فإن العدو لم يعترف بحقوقهم وبتطلعاتهم، واعتبرهم ارهابيين، وشرع بشن الهجومات عليهم، وعندما بادرت المقاومة اللبنانية في مكافحة قوات الاحتلال في جنوبلبنان، أرغمت العدو علىالانسحاب المفاجئ، والاحتفاظ بجزء من الارض اللبنانية، وهو منطقة"شبعا"، اما المفاوضات التي أجراها السوريون مع الاسرائيليين، فإنها لم تصل الى حل مقبول، ولم يضطر العدو الى الانسحاب من الارض السورية، لأنه يؤمن بأن أي اتفاق مع أي طرف يجب ان يكون تحت الهيمنة الاسرائيلية. ولذلك، فإن العنف الاسرائيلي الحالي، لا يعتبر ابتكاراً مخالفاً لما مضى، او مخالفاً لما سيحدث في المستقبل، أي ان القصف الاسرائيلي لقطاع غزة وللضفة الغربية ولمختلف مناطق لبنان، ليس له أي مبرر موضوعي، وانما يؤكد المواظبة الاسرائيلية على العنف والقصف والقتل والتدمير للبنية التحتية في كل الانحاء المستهدفة. والدليل البسيط على هذه الحقيقة، ان قوات الاحتلال بادرت الى خطف أحد عشر ألف فلسطيني، وشعرت بالانزعاج لأن المقاومة الفلسطينية خطفت منهم جندياً واحداً، ولأن المقاومة اللبنانية خطفت منهم جنديين فقط، ولم يشأ العدو ان يطلق سراح الاسرى مقابل الإفراج عن جنودهم الثلاثة، وانما شاء ان يمارس العنف ضد المدنيين الفلسطينيينواللبنانيين كافة. ونؤكد حالياً، بحكم معرفتنا للقوة الخاصة بالعدو، ان التطلعات الفلسطينية والتطلعات اللبنانية لن تتحقق من خلال العنف الحالي، ومن خلال مقاومته الحالية، لكن الثقة بالحقائق المعروفة لن تزول من الأدمغة العربية، ولن تتلاشى من عقول الأجيال الجديدة، وسيبقى الاصرار العربي مستمراً حول الحقوق المهدورة. كاتب اردني