مع استلام فنلندا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، بدأت تبرز ملامح أزمة جديدة بينه وبين وتركيا، اعترف بوجودها وزير الخارجية الفنلندي اركي تيوموجا الذي قال في مؤتمر صحافي أثناء مراسم تسلم بلاده الرئاسة، ان فنلندا ستسعى بكل جهدها لتفادي حدوث أزمة بين الجانبين بسبب الملف القبرصي. جاء ذلك بعد تصاريح أدلى بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، كرر خلالها رفضه إجراء أي تبادل تجاري مع الشطر اليوناني من قبرص، قبل أن يرفع الاتحاد الأوروبي الحصار الاقتصادي المفروض على الشطر التركي من الجزيرة. وزاد اردوغان من حدة لهجته، مشيراً الى انه اذا ما خير بين تعليق الاتحاد الاوروبي المفاوضات على عضوية تركيا وبين المحافظة على موقفه هذا من قبرص، فأنه سيختار الثبات على موقفه من القضية القبرصية، وذلك على رغم تصريحات مفوض التوسعة في الاتحاد الأوروبي اولي رين الذي قال الأسبوع الماضي، ان الاتحاد قد يعلق فعلياً مفاوضاته مع تركيا بسبب رفضها فتح موانئها وطائراتها أمام البضائع والسفن والطائرات القبرصية -اليونانية. في الوقت ذاته، أشار مسؤولون في الخارجية التركية الى مساعي ديبلوماسية لحل الأزمة من خلال رفع متبادل ومتواز من جانب تركيا والاتحاد الأوروبي، للحصار الاقتصادي على شطري قبرص، وهو ما يطالب به اردوغان. إلا أن الأوساط السياسية التركية تشير الى أن أنقره لا يمكنها التراجع عن موقفها في هذه الأزمة أياً كان الثمن. وكان وزير الخارجية التركي عبدالله غل صرح الأسبوع الماضي، بأن على الاتحاد الأوروبي أن يعيد التفكير ويوازن بين علاقاته مع تركيا وعلاقاته مع القبارصة اليونانيين قبل ان يختار ان يفضل أحدهما على الآخر. ويعكف ديبلوماسيو الخارجية التركية على دراسة المضاعفات السلبية التي قد تنشأ عن تعليق المفاوضات على العضوية مع الاتحاد الأوروبي، ويؤكد هؤلاء ان تركيا ستواجه مشاكل اقتصادية كبيرة حينها وأزمة ديبلوماسية مع أوروبا مثل تلك التي عاشتها عام 1997 عندما رفض الاتحاد ترشيحها للعضوية مع الدول العشر الأخرى التي انضمت اليه العام الماضي ومن بينها قبرص. لكن المقربين من اردوغان يؤكدون ان تركيا قد تستفيد على المدى البعيد من هذه الأزمة من خلال الإفساح في المجال لدول صديقة مثل بريطانيا وأميركا وألمانيا أمام الاعتراف تدريجاً بجمهورية شمال قبرص التركية وتقسيم الجزيرة الى الأبد، وهي مصلحة تركية، فيما لا بد للعلاقات بين تركيا وأوروبا أن تعود الى مجراها مجدداً بعد حين لحاجة كلا الطرفين للآخر. وانطلاقاً من ذلك، فأن البطانة السياسية لاردوغان تدفعه الى التشدد في الموضوع القبرصي. يذكر أن الاتحاد الأوروبي كان قد وعد القبارصة الأتراك برفع الحصار الاقتصادي عنهم في حال قبلوا مسودة الحل التي قدمها الأمين العام للأمم المتحدة عام 2004 وهو ما حصل بالفعل، لكن أوروبا تراجعت عن وعدها بسبب ضغوط القبارصة اليونانيين.