بعد طول شد وجذب، اختار"الناخبون الكبار"في إيطاليا السيناتور والزعيم الشيوعي السابق جيورجيو نابوليتانو رئيساً للجمهورية. وحصل نابوليتانو على 543 صوتاً من أصوات"الناخبين الكبار"البالغ عددهم 1009 وهم أعضاء مجلسي النواب والشيوخ وممثلو المقاطعات. وبذلك حصل الرئيس الحادي عشر للجمهورية الإيطالية على الغالبية الضرورية للتربع في سدة الحكم للسنوات السبع المقبلة. وجاء انتخابه في الجولة الرابعة من الاقتراع والتي كانت تقتضي حصول المرشّح على غالبية 507 أصوات وهو ما يعادل نصف الأصوات زائد صوتاً واحداً. وكانت الساعات التي سبقت التصويت الرابع شهدت اتصالات محمومة بهدف إقناع رئيس الحكومة المنتهية ولايته سيلفيو بيرلوسكوني بالتصويت لمصلحة نابوليتانو بعدما اتضح أن ائتلاف اليسار الوسط بزعامة رومانو برودي يعتزم انتخاب مرشحه للرئاسة، إذا أصر بيرلوسكوني الاعتراض على ذلك الترشيح. وعلى رغم تأكيد زعامات في اليمين الوسط أهمية نابوليتانو وتاريخه الدستوري وقيمته المعنوية فإن بيرلوسكوني رفض، جملة وتفصيلاً، دخول"شيوعي سابق"إلى قصر الكويرينالي، مقر رئاسة الجمهورية الإيطالية، ما دفع اليسار الوسط إلى تغيير موقفه والتصويت لنابوليتانو بعدما صوّت لثلاث جولات بقسائم بيض. وعلى رغم عدم حصول الرئيس الجديد على الغالبية الواسعة التي فاز بها سلفه كارلو آزيليو تشامبي، أكد قادة اليسار - الوسط أن"نابوليتانو سيكون رئيساً لجميع الإيطاليين"وسيكون"ضمانة دستورية لا غبار عليها". وبغض النظر عن النسبة التي حصل عليها نابوليتانو فإن عملية التصويت نفسها ستتحول إلى معطى سياسي مهم، إذ تؤشر للمرة الأولى الى دخول زعيم من الحزب الشيوعي السابق إلى قصر الكويرينالي الأمر الذي يُفترض أن يُغلق في شكل نهائي ملف"شبح الشيوعية"التي طالما لوّح به بيرلوسكوني خلال السنوات الأخيرة، وشدد عليها مراراً خلال الحملة الانتخابية الأخيرة. ولا يُستبعد أن يكون ذلك"حصان طروادة"يستخدمه خلال الحملة الانتخابية التي ستُجرى في إيطاليا الشهر المقبل، لاختيار رؤساء بلديات مدن كبرى. وهنأ بيرلوسكوني نابوليتانو وتمنى ان"يعمل على تنفيذ مهماته المنصوص عليها في الدستور بحيادية مطلقة". وعلى رغم أن ائتلاف بيرلوسكوني، ما عدا رابطة الشمال، التزم بقرار التصويت بأوراق بيض فإن التباينات التي برزت خلال اليومين الماضيين داخل هذا الائتلاف، ستترك تأثيراتها السلبية على قدرته في الاستمرار. ويلقب الرئيس الإيطالي الحادي عشر جيورجيو نابوليتانو ب"الملك أومبيرتو"نسبه للتشابه الكبير بينه وبين آخر ملوك إيطاليا الملك أومبيرتو الثاني ولأناقته العالية وأسلوبه الرشيق. ويُسّر البعض بأنه سليل عائلة أرستقراطية من مسقط رأسه مدينة نابولي الجنوبية. ولد في عام 1925 وانضم إلى الحزب الشيوعي في سن العشرين. وفي سن الثامنة والعشرين انتخب عضواً في البرلمان الإيطالي. ومثّل نابوليتانو داخل الحزب الشيوعي الإيطالي، الاتجاه المعتدل الداعي إلى الحوار مع الحزب الاشتراكي. وسعى إلى التقريب والتوحيد بين الحزبين. ساهم مساهمة مهمة في عملية تغيير اسم الحزب الشيوعي الإيطالي إلى حزب"اليسار الديموقراطي"بزعامة أكيلي أوكيتّو. وشغل منصب رئيس مجلس النواب الإيطالي بين عامي 1992 و1994