انتزع رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو بيرلوسكوني من المعارضة اليسارية أربعة أقاليم مهمة هي لييمونتي ولاتسيو وكامبانيا وكالابريا، وأبقى هيمنته على إقليمي فينيتو ولومبارديا، وذلك في أوسع عملية انتخاب لرئاسات الأقاليم شارك فيها ما يزيد عن 44 مليون ناخب وشملت 13 من اصل 20 اقليماً في البلاد. وكان بيرلوسكوني اعتبر هذه الانتخابات تصويتاً على شعبيته، لذا بذل جهداً استثنائياً لدعم مرشّحيه الذين تحالفوا مع «رابطة الشمال» الإنفصالية والتي جاءت نتائج التصويت لمصلحتها إذ تمكّنت من بسط هيمنتها على مساحة كبيرة من الشمال الإيطالي، وفاز مرشّحوها برئاسة إقليمين مهمين هما فينيتو ومركزه مدينة البندقية وبييمونتي ومركزه مدينة تورينو الصناعية. وفاز مرشّحو بيرلوسكوني في إقليمي كامبانيا وكالابريا بفوارق كبيرة فيما تمكنّت مرشّحته في إقليم لاتسيو (الزعيمة النقابية اليمينية) ريناتا بولفيريني من تحقيق فوز صعب على منافستها الراديكالية إيمّا نونينو، التي كانت تجرّ وراءها تبعات الفضائح الأخلاقية لرئيس الإقليم السابق مارّاتسو، ووقوف شريحة كبيرة من القطاع الكاثوليكي الإيطالي والكنسي ضدها بسبب مواقف الراديكاليين المعروفة من قضايا الحرية الشخصية. وعلى رغم الانتصار الحقيقي الذي أحرزه بيرلوسكوني وتجاوزه مرحلة صعبة فإن النتائج اثارت لديه قلقاً شديداً، أذ اعتبرت بمثابة مؤشر الى هيمنة «رابطة الشمال» على اليمين الحاكم، علماً ان زعيم الرابطة أومبيرتو بوسّي نفى وجود «فرز داخل الإئتلاف الحاكم»، مشيراً الى ان «طبيعة التحالف وزعامته لن تتغير وما يُشاع عن ذلك ليس إلاّ فبركة صحافية». غير أن معلّقين كثيرين قريبين من ائتلاف بيرلوسكوني يشيرون إلى المصاعب التي سيواجهها رئيس الحكومة في المواجهة مع مشكلات وملفات لاحقة مهمة ومنها ملف الفيديرالية التي تطالب بها «الرابطة» وتواجه معارضة شديدة من أطراف واسعة من الإئتلاف الحاكم وخصوصاً من جانفرانكو فيني رئيس مجلس النواب وحليف بيرلوسكوني، الذي أعرب عن قلقه مؤكداً ان «الإئتلاف الحاكم اصبح تحت هيمنة الرابطة». ولا تختلف مصاعب اليسار في طبيعتها عن مصاعب رئيس الحكومة. فعلى رغم التقدم الطفيف في عدد الأصوات فإن الحزب الديموقراطي الإيطالي بزعامة بيير لويجي بيرساني هو الخاسر الأكبر في هذه الجولة الإنتخابية لأن الملايين من أصواته تشرذمت ما بين جموع رافضي التصويت الذين بلغ عددهم ما يربو على ثلاثة ملايين، وما بين حزب «إيطاليا القيم» بزعامة القاضي السابق أنطونيو دي بييترو وحركة التغيير التي يقودها الكوميدي بيبّي غريللو الذي تسبب في خسارة مرسيدس بريسّو مرشحة اليسار لرئاسة إقليم بييمونتي بفارق نصف نقطة، فيما حصل مرشّح غريللو على 4.5 في المئة من الأصوات جميعها من معسكر اليسار الغاضب. وعرّض مرشّح غريللو فوز مرشح اليسار في مقاطعة إيميليا رومانيا (ومركزها مدينة بولونيا ذات الغالبية اليسارية) إلى مخاطر الخسارة إذ انتزع مرشّحه ما يربو على 8 في المئة من الأصوات اليسارية وأجبر مرشّح المعارضة على الفوز بفارق بسيط للغاية.