امتاز النظام الشيوعي من غيره من الأنظمة السياسية العالمية بنمط من الطرف والفكاهة. وليس انتشار الطُرف الشيوعية أو النكات وسيلة من وسائل مقاومة تعسف النظام وحسب، فهو، كذلك، صمام أمان الأنظمة الشيوعية. فالقادة الشيوعيون، ومنهم ستالين، رووا الطرف. والكتب عن الطرف الشيوعية كثيرة، ومنها كتاب راينهار فاغنر عن طرف ألمانياالشرقية، وكتاب بيتر بيكهامن"المطرقة والفكاهة". ويشدد بعض دارسو الطرف الشيوعية على دورها في إسقاط تشاوتشيسكو، الأمين العام للحزب الشيوعي الروماني. فعدد الطرف تضاعف مرتين في الأعوام الثلاثة الأخيرة من عهده. ومع نشأة معسكر الاتحاد السوفياتي، دخلت السلطات الشيوعية في مواجهة مع تراث الفكاهة اليهودي والتشيخي اللاذع، وفشلت في القضاء على هذا التراث. وبعض هذه الطرف يعود الى عهد الإمبراطورية النمسوية - المجرية، على غرار الطرفة التالية عن الزعيم الشيوعي المجري ماتياس راكوزي. فذات مرة كان صديقان يتمشيان في الحديقة. فسأل أحدهما الثاني:"ما رأيك في راكوزي؟"."لا أستطيع إجابتك هنا، اتبعني الى مكان آخر". فوصلا إلى زاوية الطريق، فقال الصديق لصديقه:"الآن قل لي رأيك". فاستمهله وطلب التوجه الى مدخل مبنى قريب. وفي المدخل أجابه:"في الواقع، أنا أحب راكوزي". وعزز تمسك سكان البلدان الشيوعية بالطرف، قدرتها على الاحتجاج في السرّ على النظام القائم. وعند مقابلة بعض سكان الاتحاد السوفياتي السابق، وسؤالهم عما أضحكهم في طرف خلت من حس الفكاهة والطرافة، تثور حفيظتهم، ويغضبون، ويقولون ان هذه الطرف فريدة من نوعها. وكانوا اسبوعياً ينتظرون الطرف الجديدة، لسردها على المقربين. فبعض هذه الطرف تحف فنية، على ما تقول المدققة اللغوية الرومانية دوينا دورو التي واظبت عقداً من الزمن على التأكد من صحة تهجئة اسم أمين عام الحزب الشيوعي نيقولا تشاوتشيسكو في الصحف. فخير دليل على عظمة الطرف، الطرفة التالية:"ما الأبرد من المياه الباردة في فصل الشتاء الروماني؟ المياه الساخنة". وأرشيف الاستخبارات المجرية يعج بملفات أشخاص اعتقلوا بتهمة سرد الطرف. فضباط الاستخبارات تكبدوا مشقة ملاحقة رواة الطرف، والبحث عن أدلة تدينهم. وفي 1967، أعدم رجل في تشيكوسلوفاكيا بتهمة"التشهير بالشعب الديموقراطي". فهو روى الطرفة التالية:"لماذا أسعار اللحم مرتفعة جداً بالمجر؟ ليتمكن العمال من تناول ساندويش شحم اللحمة نهار عطلتهم". وأول طرفة عن الشيوعية رويت بعد الثورة البولشفية في 1917. فعند زيارة موسكو، شاهدت سيدة جملاً، فأبدت دهشتها وقالت:"انظروا ماذا فعل البلاشفة بهذا الحصان!". وفي نظام السجن السياسي الستاليني، ألقي القبض على مئتي ألف شخص، وسُجنوا بسبب حسهم الفكاهي. وبعد اعتقال هؤلاء انتشرت طرفة عن ثلاثة سجناء، الاول سجن بتهمة السرقة لأنه تأخر خمس دقائق عن دوام العمل، والثاني بتهمة التجسس لأنه وصل الى العمل قبل خمس دقائق من بدء الدوام، والثالث بتهمة امتلاك ساعة غربية بعدما وصل وقت الدوام بالضبط. عن بن لويس،"بروسبكت"البريطانية، 5/2006