من الأشغال الشاقة التي كانت تفرض على المعتقلين، والاعتقالات التعسفية، إلى التعذيب، يتعقب متحف في رومانيا، هو الوحيد من نوعه في أوروبا، القمع الشيوعي الذي عاشته أوروبا الشرقية. وينظر إلى هذا المتحف على أنه مكان نموذجي لإحياء الذاكرة إلى جانب آوشفيتز في بولندا الذي يؤرخ للمحرقة، والنصب التذكاري للسلام في كاين في فرنسا، ويرمي إلى توعية الأجيال الجديدة بحقها في الحرية والدفاع عنها. ويلحق بهذا المتحف مركز للأبحاث ومدرسة صيفية تتيح لمئات الشباب والفتيان من روادها اللقاء بمؤرخين من كل أنحاء العالم، إضافة إلى ناجين من معسكرات الشيوعيين. ويتناول المتحف رومانيا ودول أوروبا الشرقية التي كانت جزءاً من «الستار الحديد»، وبعد عشرين سنة على انطلاق فكرته، يبدو أنه حقق غايته ولاقى نجاحاً كبيراً، إذا بلغ عدد زواره حتى اليوم أكثر من مليون شخص. وكتب زوار هولنديون على السجل الذهبي للمتحف: «مذهل جداً، الحرية لا تقدر بثمن». وتقول الشاعرة الرومانية انا بلانديانا: «نحاول أن نعرف الزوار الأجانب على معاناة الرومانيين» التي عاشوها خلال الأعوام الخمسة والأربعين للشيوعية، أي بين عامي 1945 و1989. وتعد هذه الشاعرة وزوجها «القلب النابض» لمشروع الذاكرة هذا. وهي ابنة سجين سياسي كانت كتبه ممنوعة في زمن الطاغية الشيوعي نيكولاي تشاوتشيسكو. ويقول المؤرخ الفرنسي ستيفان كورتوا صاحب كتاب «الكتاب الأسود للشيوعية» انه «في الغرب كانت لدينا ذكريات مجيدة عن الشيوعية، بسبب الحرب الإسبانية وبسبب مواجهة الشيوعية للنازية، أما في الشرق (الأوروبي) فنتحدث عن الإرهاب والتعذيب». ويضيف: «في أوروبا هناك ذاكرتان تجاه الشيوعية». تعد منطقة سيغيه «مكاناً رمزياً للذاكرة» بحسب المعارض البولندي السابق ليش فاليسا. وكل زنزانة من الزنزانات التسعين، تؤرخ لأحد أشكال القمع المعتمدة أيام نظام الاستبداد. فقد زج في هذا السجن نحو 200 شخص من السياسيين والمفكرين الرومانيين المناوئين للشيوعية، بين العامين 1950 و1955، وتوفي فيه منهم 54. وحكم على أكثر من 600 ألف روماني بالسجن لأسباب سياسية بين العامين 1945 و1989. (ا ف ب)