المقاتل الأكبر، سيلفيو بيرلوسكوني، أسدل الخوذة على رأسه، وهتف بالنفر القليل من أعوانه الذين تجمّعوا أمام مسكنه في العاصمة روما، وأعلن إصراره على المقاومة القصوى:"سنصمد". وضد الناس كلهم، وضد كل شيء، يجدرّب بيرلوسكوني"التحوّل"المتكرر من جديد. فهو مهزوم، ولكنه، على رغم ذلك، يحاول جاهداً إشاعة اليقين بأنه المنتصر. وبلوغ مرتجاه في هذا"التحول"يقتضي أن يتلاعب زعيم يمين الوسط - بيرلوسكوني -، وأن يزيّف ما يبلغه من مقترحات ائتلاف يسار الوسط. وماسيمو داليما - رئيس حزب اليساريين الديموقراطيين - ناشده ان يعترف، قبل أي أمر آخر، بهزيمته الانتخابية، وأن يقرّ بشرعية تشكيل رومانو برودي الحكومة. وبعد ذلك يمكن، بحسب داليما، ابتداء حوار بين الائتلافين قد ينتهي الى اتفاق على رئيس الجمهورية المقبل. إلا أن الفارس - وهو لقب"فارس العمل"العزيز على قلب بيرلوسكوني - يجيب بتضمينات ثقيلة، وباستسهال سياسي غير معهود. وهذا الرد يحمل ائتلاف الاتحاد على الرد، وإثارة غضب رابطة الشمال. وبيرلوسكوني يحدد مقترح شكل من أشكال"التسوية التاريخية البيرلوسكونية"، على شاكلة التسوية التاريخية بين الشيوعيين والديموقراطيين المسيحيين في نهاية السبعينات. فهو يقترح تأليف حكومة تقوم على"اتفاق محدود ومقيد زمنياً، وتكون قادرة على مواجهة الالتزامات الدستورية والاقتصادية الداخلية، والالتزامات الدولية التي تقع على كاهل البلد". ويحاول جاهداً التسلل عبر الخرم الضيق بين داليما المهموم دوماً بالتوافقات وبرودي المعارض بشدة لأي فكرة تستند الى"التذاكي مع الخصم". وپ"الائتلاف العريض"ثمرة تزوير كبير للحقيقة. وسنده هو مقولة:"نحن بإزاء حال من الجمود وأمام وضع اذا ما أُخذ التصويت الشعبي فيه كمعيار، فإنه ليس ثمة منتصر ولا مهزوم". وهذا الاختزال المُلفّق أسقطته الأرقام. وعلى رغم ذلك، فبيرلوسكوني ينطلق من هذا التلفيق ليرسي تفسيره الشخصي لمبدأ"التحالفات الكبرى". وكيفما قومنا مبدأ"التحالفات الكبرى"، بالاستناد الى التجربة الألمانية الأخيرة، فالناخبون أسقطوه، وتدحضه مجريات الأمور والوقائع. عن ماسيمو جانيني،"لا ريبوبليكا"الإيطالية ، 15/4/2006