شهد البرلمان اللبناني امس سابقة نيابية تمثلت بنزع احدى صلاحيات رئيس الجمهورية اميل لحود في التعيينات القضائية ولمرة واحدة. وفي نهاية الشهر الأول من العام 2006، صدق المجلس النيابي أمس على موازنة العام 2005 في اول جلسة منذ بدء الأزمة الحكومية الناجمة عن اعتكاف الوزراء الشيعة الخمسة، فيما طغت هذه الازمة خلال المداولات الجانبية على هامش الجلسة في محاولة لاستكشاف المخرج الذي طال انتظاره لعودة وزراء حركة"أمل"و"حزب الله"الى الحكومة. وصوت 73 نائباً هم إجماع الحضور من أصل 128 لمصلحة موازنة العام الماضي، في ظل غياب نواب كتلة"حزب الله"، فيما حضر نواب حركة"أمل"، على أن يبحث المجلس النيابي في جلسة لاحقة مشروع قانون موازنة هذه السنة. ودُعي المجلس الى جلسة مناقشة عامة الخميس المقبل يُنتظر ان تُطرح فيها ايضاً الازمة الحكومية في ضوء الاتصالات التي تجري خلال هذين اليومين. وتميزت الجلسة النيابية أمس بانضمام غسان تويني الى الهيئة العامة بعدما حل مكان ابنه الزميل الشهيد جبران تويني الذي اغتيل في 12 كانون الاول ديسمبر الماضي بالتزكية في الانتخابات لملء المقعد الذي شغر بعد جريمة الاغتيال. وتطرقت مداخلات النواب خلال الجلسة الى عدد من المواضيع السياسية الاقليمية والمحلية منها فوز حركة"حماس"بالانتخابات الفلسطينية، حيث دعا تويني الذي امتدح المقاربة البراغماتية التي قامت بها"حماس"في انتصارها الديموقراطي، الحكومة اللبنانية الى فتح حوار جدي معها، فنوه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بالاقتراح، مؤكداً انه اتصل بقيادة"حماس"لهذا الغرض. ورحب السنيورة مجدداً بالمبادرة العربية لمعالجة التأزم في العلاقات اللبنانية - السورية. كما اعتبر بعض النواب الحزب السوري القومي الاجتماعي ان اعلان رئيس"تيار المستقبل"النائب سعد الحريري من واشنطن ان موضوع سلاح المقاومة متروك للحوار اللبناني الداخلي، بمثابة انجاز. وقال مصدر نيابي رفيع المستوى ل"الحياة"ان مداولات ايجاد مخرج للأزمة الحكومية تكثفت وينتظر ان تتواصل اليوم حيث ستجرى مشاورات مهمة بين الحريري الموجود في باريس وبعض نواب"اللقاء النيابي الديموقراطي"بزعامة وليد جنبلاط، ما أدى الى صرف النظر عن اقتراح بعض النواب إصدار توصية عن البرلمان تدعو الحكومة الى الإسراع في ايجاد حل لأزمة اعتكاف الوزراء الشيعة. لكن أزمة العلاقة بين الأكثرية الحكومية والنيابية من جهة ورئيس الجمهورية اميل لحود طرحت نفسها على المجلس النيابي ازاء الخلاف المستمر بين الاخير وبين السنيورة وأكثرية الوزراء حول استكمال التعيينات في المقاعد الشاغرة في مجلس القضاء الأعلى، ما أدى الى تعطيل بعض الخطوات، ومنها تعيين محقق عدلي في جريمة اغتيال تويني. وتسبب هذا الخلاف بدعوة رئيس البرلمان نبيه بري الى جلسة ثانية فور انتهاء التصويت على الموازنة، للتصويت على اقتراح قانون يقضي بنقل صلاحية التعيين في مجلس القضاء الأعلى الى رئيسه والقضاة الخمسة الدائمي العضوية فيه لتجنب استمرار تجميد هذه الخطوات، بسبب إصرار لحود على ترشيح احد الاسماء الذي يرفضه السنيورة وأكثرية الوزراء، خصوصاً ان مرسوم التعيين لا يصدر الا بتوقيع رئيس الجمهورية. وشكل اقتراح القانون الذي وضعه النواب بطرس حرب، غسان مخيبر، روبير غانم وغسان تويني، سابقة نزعت من لحود صلاحية الاشتراك في التعيين،"لمرة واحدة"اذ صوت الى جانبه البرلمان، بحيث يتم التعيين من رئيس مجلس القضاء، بدلاً من الحكومة، مع تعديل يعطي لحود مهلة خمسة أيام للتوقيع على المرسوم فإذا رفضه ورده، على البرلمان الاجتماع ثانية ليؤكد عليه فيصبح نافذاً.