يعود الأقطاب ال14 للحوار الوطني اللبناني الى الطاولة المستديرة اليوم، بعد غياب 8 أيام علّقوا خلالها محادثاتهم لمصلحة"مداولات في الكواليس"، كما قال عدد منهم في شأن البندين الأصعب على جدول الاعمال، وهما ازاحة رئيس الجمهورية اميل لحود الذي صنفوه تحت خانة"أزمة الحكم"كما اتفقوا، ومصير سلاح المقاومة و"حزب الله"في اطار استراتيجية دفاعية لمواجهة الأطماع والاعتداءات الاسرائيلية على لبنان راجع ص6 و7. وقدم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الى مجلس الامن تقريراً يوصي فيه بانشاء محكمة دولية مختلطة، لمحاكمة المتهمين باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. وتشمل توصية أنان في تقريره ان يجري اتفاق ثنائي بين لبنانوالأممالمتحدة على انشاء هذه المحكمة على ان يترك للسلطات اللبنانية سن تشريعات جديدة بموجب ذلك. ويشير التقرير الى تكاليف المحكمة والى مساهمة لبنان فيها ويتطرق الى فحوى المحادثات مع الجانب اللبناني حول صيغتها. ويلتئم مؤتمر الحوار الوطني مجدداً في ظل تضارب في التوقعات حول فرص نجاحه في التوصل الى توافق في موضوع الرئاسة الاولى، بين تقديرات ترجح تأجيل المؤتمر الى ما بعد نضوج الاتصالات العربية مع سورية خلال عقد القمة العربية في الخرطوم في 28 الشهر الجاري، وأخرى تبقي الباب مفتوحاً على مواصلة جلسات الحوار خلال الايام القليلة المقبلة، على خلفية النصائح العربية والدولية الملحة على إنجاح الحوار تأسيساً على نجاح المتحاورين في التوافق على البنود المتعلقة بالتحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والمحاكمة الدولية والتوسع في التحقيق في الجرائم الأخرى، ونزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وضبطه داخلها، والعلاقات اللبنانية - السورية وتثبيت لبنانية مزارع شبعا في الأممالمتحدة بوثيقة سورية. لكن الايجابيات التي تحققت منذ انطلاق الحوار في 2 آذار مارس الجاري حول هذه العناوين لم تمنع الفريق المتشائم بامكان ردم الهوة بين الافرقاء، من توقع تعليق الحوار مرة اخرى، خصوصاً بعد الاصطفاف الذي شهده لبنان خلال الايام الماضية حول ازاحة لحود، اثر هجومه المضاد السبت الماضي من على شاشة"الجزيرة"مؤكداً تمسكه بالبقاء في منصبه، والذي تضامن معه مسؤولون في"حزب الله"وزعيم"التيار الوطني الحر"العماد ميشال عون. إذ طالب الاخير بتغيير الحكومة وبانتخابات نيابية مبكرة مقابل إصرار الاكثرية على تغيير لحود، وهو ما سبب عتباً من كتلة"المستقبل"النيابية التي يتزعمها النائب سعد الحريري على"حزب الله"بسبب مساندته لحود. لكن رئيس المجلس النيابي نبيه بري طمأن زواره امس من نواب وديبلوماسيين أجانب، الى ان الحوار سيستمر ولن يتوقف، قائلاً لهم:"ان الحملات التي شهدناها خلال الايام الماضية سمعنا أقسى منها قبل الجولة الثانية من الحوار، ومع ذلك خرجنا بالتوافق على عدد من النقاط". وعلمت"الحياة"ان بري أكد لهؤلاء الزوار انه لن يغير في جدول اعمال الحوار"الذي اتفقنا عليه بالإجماع ولن نبحث بغير نقطتي ازمة الحكم وسلاح المقاومة"، في تعليقه على اقتراح الامين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله ادخال موضوعي خطة الاصلاحات الاقتصادية وقانون الانتخاب على جدول الأعمال. وأكد زوار بري ل"الحياة"انه يعتبر ان الوضع الاقتصادي وقانون الانتخاب"لهما رب يرعاهما سواء من طريق مجلس الوزراء او من طريق اللجنة التي كلفتها الحكومة في الموضوع الثاني، فاذا انتهينا من جدول الاعمال السابق بنجاح وارتأى المؤتمرون بحث غيره نفعل". وقال بري لزواره انه سيبدأ كمدير لجلسات المؤتمر، بطرح مسألة سلاح المقاومة، لأن هذا البند على صعوبته وحساسيته، يمكن التوصل الى مخارج في شأنه، بينما موضوع الرئاسة اكثر صعوبة بسبب عاملي غياب التوافق المسيحي على ازاحة لحود والمرشح البديل ولأن استقالة رئيس الجمهورية غير واردة حتى الآن وفق المواقف المعلنة. ودعا بري الى عدم التوقف كثيراً عند المواقف التي اعلنها لحود لأنه سبق ان قالها منذ سنوات، لئلا يتأثر عمل مؤتمر الحوار سلباً. الأوساط الغربية وعلى رغم رفض عدد من قادة"حزب الله"التسليم بأن ازمة الحكم تعني الرئاسة، واعتبارهم انها تشمل أداء الحكومة واجراء انتخابات نيابية جديدة قبل انتخاب رئيس جديد، كما جاء على لسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، فإن الاوساط الغربية المهتمة بفرص نجاح المؤتمر اليوم، رأت في خطاب الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله ليل اول من امس"بعض التمايز عن لهجة لحود"وتمسكه بالبقاء في منصبه. ونقلت مصادر مطلعة على موقف هذه الاوساط الغربية اقتناعها بأن"مجيء رئيس لبناني جديد مكان الرئيس الحالي الذي هو سوري الهوية، سيشكل حافزاً لدى المجتمع الدولي، لدعم هذا الرئيس وانجاحه لأنه سيكون مستقلاً عن سورية، بالتالي فإن القوى الدولية الفاعلة ستعطي الاولوية لمساعدة الحكم الجديد في لبنان على انجاح مؤتمر بيروت -1 لدعم الاقتصاد اللبناني والاصلاحات التي تنويها الحكومة، ولمحاولة تقوية الدولة اللبنانية". وأضافت المصادر ان"الاوساط الغربية المتابعة لتفاصيل الحوار ترى في التغيير الرئاسي مفتاحاً للحلول في لبنان، واذا كانت هذه الاوساط تريد نجاح الرئيس الجديد فإنها لا تريده حتماً ان يكون على صدام مع"حزب الله"، حتى لا يفشل في القضايا الاخرى، وبالتالي فإن الاوساط الغربية تعتقد بأن تركيزها على ذلك سيضع مسألة"حزب الله"في مرتبة ثانية من الأهمية، وهذا وحده سيكون دافعاً للحزب كي يساهم في المجيء برئيس جديد، لأن المجتمع الدولي سيكون مهتماً اكثر باجراءات من نوع معالجة الموضوع الفلسطيني وانهاء الوجود المسلح خارج المخيمات، ودعم الوضع الاقتصادي وتطبيع العلاقة بين سورية ولبنان، وبالحفاظ على التهدئة على الخط الأزرق وحل مسألة مزارع شبعا، أكثر من اهتمامه بنزع سلاح"حزب الله"على رغم تمسكه بهذا المطلب لأن القرار الرقم 1559 ينص عليه. وفي نيويورك، اقترح الأمين العام للأمم المتحدة على مجلس الأمن أن"ينظر في تبني قرار يطلب مني بدء المفاوضات مع الحكومة اللبنانية بهدف انشاء محكمة ذات طابع دولي على نسق الخطوط الواردة في هذا التقرير"الذي قدمه أمس الثلثاء الى المجلس، وحصلت"الحياة"على نسخة منه. وجاء في التقرير الذي حصلت"الحياة"على نسخة عنه أن المشاورات التي أجرتها الدائرة القانونية في الأمانة العامة والتي يترأسها وكيل الأمين العام نيكولا ميشال مع السلطات اللبنانية زادت فهم الأمانة العامة للمسائل التي تتطلب المزيد من النظر فيها إذا كانت ستُتخذ خطوات نحو انشاء محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة المتهمين بقتل رئيس وزراء لبنان السابق السيد رفيق الحريري وآخرين في الهجوم الإرهابي الذي وقع في 14 شباط فبراير 2005". وقال أنان في التقرير:"إذا كان الفهم المشترك الذي تم التوصل اليه بين الأمانة العامة والسلطات اللبنانية في شأن المسائل الأساسية مقبولاً لدى مجلس الأمن، قد يود المجلس أن ينظر في تبين القرار"المقترح. وجاء في تقرير أنان ان الهجوم على الحريري"والتفجيرات الأخرى المشابهة التي وقعت في لبنان"قد خلقت"مناخاً من انعدام الأمن ومن التخويف اللذين يؤثران جدياً في عمل المؤسسات السياسية في هذا البلد، كما في الحياة الاقتصادية والاجتماعية". وأكد أنان في التقرير أن المشاورات التي قامت مع السلطات اللبنانية"أبرزت حاجة لبنان الماسة للتوصل الى الحقيقة وراء قتل السيد الحريري وآخرين". واضاف ان الطرف اللبناني"اقترح أن ايجاد الحل لهذه المسائل قد يساهم في عودة البلاد الى الاستقرار والى قيام ظروف لسلام دائم". وأشار التقرير الى تجربة الأممالمتحدة في ثلاثة أنواع مختلفة للمحاكم ذات الطابع الدولي. وجاء فيه ان هناك مفهوما مشتركا بين الأمانة العامة والسلطات اللبنانية بأن أكثر السبل ملاءمة لإنشاء المحكمة هو عبر برام اتفاق بين لبنان وبين الأممالمتحدة". وتابع انان في التقرير ان"التوصل الى مثل هذا الاتفاق يترك للسلطات اللبنانية ان تصمم ما اذا كانت هناك حاجة الى اجراءات القوانين الوطنية". وأشار التقرير الى الاغتيالات الأخرى والى طلب مجلس الأمن من"اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق"في اغتيال الحريري أن تقدم المساعدة الى السلطات اللبنانية في شأنها، و"احتمال توسيع تحقيق اللجنة ليشمل جميع الهجمات الارهابية التي وقعت منذ 1 تشرين الأول اكتوبر". وجاء فيه"هذه مسألة ستتطلب المزيد من الاستطلاع الحذر". كما لمح التقرير الى ان السلطات اللبنانية تفضل أن يكون مقر المحكمة ذات الطابع الدولي خارج لبنان اذ انها ترى أن الأجواء الأمنية لا تسمح لهذه المحكمة أن تعمل بفعالية داخل لبنان، في هذا المنعطف.