تفجر الوضع الامني العراقي امس بعد تفجير مقام إمامين شيعيين في سامراء. وأعلنت الحكومة إلقاء القبض على عشرة مسلحين يشتبه بضلوعهم في الحادث، وحصلت اعتداءات على المساجد السنية ومراكز الاحزاب، فيما شهدت المدن العراقية تظاهرات غضب عارمة استنكاراً للعملية، ودعت المرجعيات الدينية الى ضبط النفس. وانفجرت عبوتان ناسفتان داخل ضريح الامامين علي الهادي والحسن العسكري، في الساعة السادسة و45 دقيقة صباح امس، زرعها مسلحون مساء الثلثاء في السابعة و55 دقيقة، بحسب ما اعلنت وزارة الداخلية. وأحدث الانفجار اضراراً بالغة في القبة الذهبية من دون وقوع خسائر بشرية. واصدر وزير الداخلية باقر جبر صولاغ الزبيدي بياناً توضيحياً للحادث بعد زيارة قام بها مع اللواء حسن فليح، قائد قوات المغاوير واحمد السامرائي رئيس ديوان الوقف السني، واكد البيان اقتحام مجموعة مسلحة مساء أول من أمس الضريح"احدهم يرتدي ملابس عسكرية مرقطة وثلاثة يرتدون بدلات سوداء وزرعوا عبوتين ناسفتين داخل الضريح ما أدى الى هدم القبة بشكل كامل وجزء من الجدار الشمالي للضريح". وقال جبر في بيانه ان المجموعة المسلحة من"جماعة التكفير والارهاب"اقتحمت الحرم، بعدما قيدت شرطة حماية المرقد المكونة من خمسة افراد وزرعت المتفجرات تحت القبة ثم تفجيرها عن بعد، صباح امس". واشار البيان الى ان عديد قوة حماية المنشآت المسؤولة عن حماية الضريح 35 عنصراً. ولم يشر الى اسباب عدم وجودهم جميعاً وقت حدوث الاقتحام وزرع العبوتين. وأعلن موفق الربيعي، مستشار الامن الوطني ان المسؤول عن تفجير المرقدين"هم التكفيريون المسلحون الذين يحاولون جر العراق الى اقتتال أهلي وفتنة طائفية". وقال ان مسلحين كانوا يرتدون زي أجهزة الامن العراقية، قيدوا حرس المرقد وزرعوا عبوتين تي ان تي شديدتي الانفجار، واكد ان"القوات الامنية العراقية في سامراء لواء المغاوير ألقى القبض على 10 من المشتبه بهم بعد معلومات أدلى بها احد الذين ضبطوا في مكان الحادث وقت الانفجار"، من دون الإشارة الى هوية المسلحين. وقال جواد المالكي، الناطق باسم الائتلاف الشيعي ان"المعتقلين العشرة هم من عناصر حماية المرقد وقد ضبطوا واثار البارود والمتفجرات على ايديهم ما يعني مبدئياً تورطهم بالحادث". ولفت إلى ان هذه"المعلومات تقارير أولية من غرفة العمليات الخاصة المشتركة في مجلس الوزراء". الى ذلك، دعا موفق السامرائي، المستشار الامني للرئيس جلال طالباني عشائر صلاح الدين السنية الى التكاتف مع الحكومة لطرد الغرباء من مدن المحافظة تكريت وسامراء وبيجي. وقال:"بصفتي أحد أبناء سامراء ادعو عشائرها الى الاستنفار لطرد التكفيريين الذين يملكون نشاطات واضحة شرق سامراء". واضاف:"أطالب باستقالة المحافظ الذي فشل في تأمين حماية لأهم الرموز الدينية في المدينة". وتأتي تصريحات السامرائي وسط معلومات أمنية عن وجود جماعة ابي مصعب الزرقاوي زعيم"تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين"في منطقة حمرين. واكد السامرائي ان"الجهة التي تتبنى العملية تريد تحويل العراق الى مكان للإرهابيين ومنطلق لعملياتهم الى بقية دول العالم". وافادت شرطة صلاح الدين انها بدأت تحقيقاً في الموضوع بعدما اعتقلت القوات الاميركية جميع العناصر الامنية المسؤولة عن حماية المرقدين. وقدم عبدالله الجبارة، نائب محافظ صلاح الدين شرحاً للحادث، وقال في مؤتمر صحافي عقده في مبنى المحافظة ان مسلحين"اوثقوا حراس الضريح وزرعوا المتفجرات ثم فجروها ولاذوا بالفرار"، واكد ان القوات الاميركية فرضت طوقاً أمنياً على مداخل المدينة وشبه حظر تجول داخل احيائها. وأوضح ان"القبة الذهبية سقطت وتناثرت صفائح الذهب في كل مكان". وقال الشيخ محمد السامرائي من شيوخ عشائر البوباز السنية في سامراء ل"الحياة"ان الانفجار"يحمل بصمة الزرقاوي وهو موجه ضد السنة في صلاح الدين الذين اعلنوا تكفيره وطرد فلوله"، واكد ان"منزلة الامام علي الهادي كمنزلة الشيخ عبدالقادر الكيلاني لدى السنة واستهدافه لعبة مدروسة يراد بها زرع الفتنة من التكفيريين ومحاولاتهم متواصلة منذ عهد الخلفاء". وشدد على ان أهل سامراء"طردوا المتعاونين مع الارهاب من المدينة إلى منطقة جزيرة العيز شرق سامراء بعد مقتل الشيخ حكمت الممتاز شيخ عشيرة البوباز وهم ذاتهم الذين وجه اليهم موفق السامرائي دعوته الى طرد الزرقاويين". وفيما دعت الاطراف الشيعية السياسية والدينية الى ضبط النفس، حدثت اعتداءات مسلحة واعمال شغب ضد مساجد سنية في بغداد لاسيما في المناطق الشيعية. وقال اللواء حسين كمال، وكيل وزارة الداخلية ان مساجد السنة تعرضت"لهجمات مسلحة ومحاولات لطرد أئمتها والاستيلاء عليها واعتداءات على مواطنين". واكدت"هيئة علماء المسلمين"وقوع انتهاكات لما يقارب الثلاثين مسجداً في بغداد، وقال الشيخ محمود الصميدعي، عضو الهيئة ان الجوامع السنية 28 مسجداً شهدت اعتداءات متفرقة. وتابع ان عدنان الدليمي زعيم جبهة"التوافق"السنية اجرى اتصالاً مع رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري لتهدئة الوضع عبر فرض حماية حكومية على المراقد ودور العبادة. ونفى التيار الصدري قيام جيش المهدي باستهداف مساجد السنة على خلفية انفجار سامراء، ودعا في بيان له اتباعه الى التوجه لحماية المساجد وائمتها.