يرتبط مستقبل الاقتصاد العالمي، وخصوصاً الاوروبي، بالعلاقات الصينية - الاميركية. وهذا مدعاة قلق. فتبادل السلع ورؤوس الاموال هو لبّ العلاقات الصينية - الاميركية. ويتزامن انخفاض معدلات الانتاج في الولاياتالمتحدة مع ارتفاع واردات السلع الصينية. وعليه، بلغ العجز التجاري الاميركي سبعة في المئة من الناتج القومي، في 2006. وعلى خلاف أميركا، تصدر الصين، وهي مصنع العالم وورشته، كميات هائلة من السلع، وتسجل معدلات نمو عالية. وبلغ هذا النمو تسعة في المئة من الناتج الإجمالي، في 2006. وتستثمر الصين فائض الناتج القومي هذا في شراء سندات الخزانة الاميركية، أو تضيفه الى احتياط العملات الأجنبية. وفي الاعوام الماضية، حذر خبراء الاقتصاد من نتائج خلل العلاقات التجارية الصينية - الأميركية، ومن وشك انهيار الدولار وانكماش الاقتصاد العالمي. وعلى خلاف التوقعات، لم ينهر النظام المالي الاميركي. وفي 2006، ازدهرت سوق العقارات الاميركية. ولكن معدلات الاستهلاك الاميركية لم ترتفع، ما كبح معدلات النمو الاقتصادي. وعلى رغم ابتعاد شبح الانكماش الاقتصادي، تشير القرائن الى انخفاض قيمة العملة الاميركية، وانخفاض معدلات النمو. والحق ان الولاياتالمتحدة عاجزة عن تفادي الانكماش الاقتصادي ما لم تنتهج الصين سياسة تعزز الاستهلاك الداخلي الصيني، وتقلص حجم صادراتها. وفي الثمانينات، بلغ الإنفاق المنزلي نحو نصف الناتج القومي المحلي الصيني، بينما انخفض سهم الاستهلاك المحلي في الناتج المحلي الى 38 في المئة، في 2006، وبلغت قيمة الصادرات الصينية 125 بليون دولار، في 2005، و185 بليوناً، في 2006. وهذه المؤشرات حجة على احتياج الاقتصاد العالمي الى تولي السلطات الصينية تعديل سياستها الاقتصادية والتجارية، وانتهاجها سياسة اشتراكية تنفق معظم عوائد التصدير على الرعاية الصحية ورواتب التقاعد. فتعويضات البطالة تقتصر على 14 في المئة من موظفي القطاع الخاص الصيني، و11 في المئة من موظفي القطاع العام الموروث من عهد ماو. ومعدلات الادخار التقاعدي منخفضة، وتكاد تكون معدومة. ولا تزيد قيمة الراتب التقاعدي عن عشرين في المئة من قيمة الراتب الذي تقاضاه الموظف في أثناء سنوات خدمته. وتنفق الحكومة الصينية 2 في المئة من الناتج القومي على القطاع التربوي المتداعي. وجليّ أن غياب دولة الرعاية الصينية يثقل كاهل الصينيين. فغالباً ما يقتطع الصينيون نصف مداخيلهم المالية تحسباً لوقوع أمر طارئ. ويتجنب الصينيون الادخار بالعملة المحلية، ويفضلون الدولار الاميركي عليها، إذا هم لم يودعوا أموالهم مصارفَ اجنبية. ويستثمر الصينيون أموالهم في إنشاء المصانع، وشق الطرق. وتكاد الطرق السريعة تخلو من حركة مرور. وتفوق معدلات انتاج بعض القطاعات الطلب في الأسواق المحلية والخارجية. فتنخفض قيمة السلع، ويخسر صاحب الرأسمال قسماً من مردود منتجاته. ومن شأن توجيه عوائد النمو الصيني الى الداخل، أي تقديم خدمات صحية الى المواطنين ومساعدات زراعية الى المزارعين وإصلاح النظام التربوي، درء الازمة الاقتصادية المتوقعة. ويسع الحكومة الصينية رفع قدرة اليوان الشرائية لحمل الناس على الاستهلاك. وتلجم هذه الخطوة نمو معدلات الصادرات الصينية، وترفع نسبة السلع المستوردة، وتخفض نسبة التضخم المالي. عن ايريك لو بوشيه "لوموند" الفرنسية، 26 - 27 / 11 / 2006