تصدر "قلق إسرائيلي بالغ" من التطورات الأخيرة في لبنان مداولات الحكومة الاسرائيلية في جلستها الأسبوعية أمس، واهتمامات وسائل الإعلام العبرية كافة. وأعربت إسرائيل عن مخاوفها من"سيطرة حزب الله الكاملة على لبنان كذراع لإيران في المنطقة"، وأعطت التعليمات الى جيشها على الحدود مع لبنان"تحسباً من تصعيد يبادر"إليه الحزب. واتفق وزراء الحكومة الاسرائيلية على وجوب اتخاذ إسرائيل خطوات"لتقوية مكانة رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة". واقترح بعضهم الإقرار بملكية لبنان لمزارع شبعا والانسحاب منها، بينما دعم وزراء آخرون إيجاد حل لقضية قرية الغجر على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية. وقال رئيس الحكومة ايهود اولمرت ان جميع الأجهزة في اسرائيل تتابع التطورات في لبنان ومحاولات اسقاط الحكومة. وأضاف ان"من الأهمية بمكان ان تأخذ الحذر وتترصد ما يحصل، وثمة ضرورة لضمان الاستقرار في لبنان لأن غير ذلك يعني ان لا يكون الأمر على ما يرام". وحذرت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني من مواصلة الحديث في إسرائيل عن سبل دعم رئيس الحكومة اللبنانية، وقالت ان"هذا آخر ما يرجوه السنيورة". من جهته أبلغ وزير الدفاع عمير بيرتس الحكومة بأنه أصدر تعليماته للجهات الاستخباراتية بپ"تعقب ما يدور في لبنان في شكل متواصل حيال الوضع الهش وانعكاساته على إسرائيل"، مضيفاً ان الطلعات الجوية في سماء لبنان"ستتواصل وفقاً للحاجة". وقال وزير البنى التحتية بنيامين بن اليعيزر للإذاعة الاسرائيلية ان إسرائيل"تأخذ في الحسبان احتمال اندلاع مواجهات يبادر إليها حزب الله برعاية سورية وإيرانية". وأضاف ان ما يحصل في لبنان"يجب أن يقلق الولاياتالمتحدة وأوروبا والدول العربية المعتدلة وليس إسرائيل فحسب، لأن الاحتلال الشيعي للسلطة في لبنان معناه تغيير موازين القوى العام في العالم العربي"، معتبراً ان من مصلحة العالم"الحفاظ على استقرار لبنان والإبقاء عليه كما كان، وهذه مصلحة استراتيجية عالمية عليا". وزاد ان أحد الحلول التي يطرحها يمكن ان يتمثل بقيام واشنطن بالعمل على عزل سورية عن"دائرة ايران - حزب الله"من خلال استئناف التفاوض معها. وتابع انه يحظر على اسرائيل التدخل المباشر"لكن علينا ان نعزز جاهزيتنا العسكرية والاستخبارية ومتابعة ما يحصل في لبنان وسورية وايران لنكون مستعدين لمواجهة أي طارئ". وحذر نائب رئيس الحكومة، زعيم حركة"شاس"الدينية ايلي يشاي، من إبداء لا مبالاة إسرائيلية حيال ما يحصل في لبنان من دون ان يستبعد احتمال وقوع انقلاب في بلاد الأرز. وقال:"على رغم ان الأمور ليست بأيدينا، لكن يحظر علينا ان نكون لا مبالين". ودعم يشاي فكرة اتخاذ إسرائيل خطوات لدعم مكانة رئيس الحكومة اللبنانية، لكنه أبدى تحفظاً من انسحاب إسرائيل من قرية الغجر. وقال وزير الإسكان مئير شيتريت ان انقلاباً في لبنان"معناه سيطرة الذراع العسكرية لإيران على لبنان". وأعرب عن معارضته الانسحاب من مزارع شبعا لأنه"لا يعقل ان تقوم إسرائيل دائماً بدور من يعطي ولا يأخذ". وقال وزير شؤون المتقاعدين رافي ايتان ان"وصول ايران الى لبنان يخلق وضعاً جديداً ينطوي على خطر على إسرائيل... لكنني ما زلت أرى ان الطريق الى ذلك ما زالت بعيدة". ونصح زملاءه الوزراء بعدم اطلاق تصريحات"لا لزوم لها"مثل الحديث العلني عن دعم السنيورة،"لأن مفعول تصريحات كهذه عكسي ويدعم القوى التي نعارضها". وقال ان الولاياتالمتحدة، وليست إسرائيل هي التي ينبغي ان تدعم حكومة السنيورة. من جهتها أيدت وزيرة التعليم العمالية يولي تمير"قيام إسرائيل بدعم السنيورة وسائر الجهات المعتدلة في لبنان والعالم العربي لكن من دون محاولة التدخل في الأوضاع في لبنان". وحذرت من"عناق الدب"لرئيس الحكومة اللبنانية. وقال الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية اهارون زئيفي فركش للإذاعة العسكرية ان سقوط الحكومة اللبنانية"يعزز احتمال وقوع حرب مع إسرائيل الصيف المقبل". وأضاف انه"لا ينبغي على إسرائيل التدخل وأنها مهمة الأوروبيين منع عناصر متطرفة من الاستيلاء على الحكم وتحويل لبنان الى محافظة إيرانية". وقال النائب من حزب"الاتحاد القومي"المتشدد ايفي ايتام انه في حال سقطت الحكومة اللبنانية،"ينبغي على إسرائيل ان تقوم بعمل عسكري في جنوبلبنان للدفاع عن مواطنيها وفي الموعد المناسب". وأضاف انه ينبغي على الجيش الاسرائيلي إزالة التهديد الذي تشكله صواريخ"حزب الله"والحؤول دون تحويل مليون إسرائيلي الى لاجئين. وكشف انه توجه لرئيس الحكومة لتشكيل"حكومة طوارئ قومية"إزاء التهديدات المتزايدة على إسرائيل. الى ذلك، أفادت الإذاعة الاسرائيلية الرسمية ان الجيش الاسرائيلي على الحدود مع لبنان تلقى أوامر بإبداء اليقظة وتحسين جاهزيته خشية ان ينظم"حزب الله"تظاهرات ومسيرات حاشدة على طول الحدود مع إسرائيل. ونقلت الإذاعة عن قياديين عسكريين ان الجيش"يتابع عن كثب التطورات في لبنان ويتناول الإسقاطات المتوقعة للسيناريوهات المختلفة". وأعربت المصادر العسكرية خشيتها من سقوط الحكومة اللبنانية الحالية واستبدالها"بأخرى تتلقى الأوامر من ايران". وتابعت ان الجيش"يأخذ في حساباته مبادرة حزب الله الى التصعيد على الحدود مع إسرائيل". وكرست الصحف الاسرائيلية صفحاتها الرئيسة لتظاهرة الجمعة في لبنان. وجاء في العنوان الرئيس لكبرى الصحف"يديعوت أحرونوت":"بيروت على شفا الانفجار، حزب الله يحاول تنفيذ انقلاب... مخاوف من سيطرة إيرانية على لبنان". وجاء في العنوان الفرعي:"في إسرائيل قلقون: سقوط الحكومة سيأتي بالتهديد الإيراني الى الحدود الشمالية... تعليمات للجيش الاسرائيلي بإبداء اليقظة". وحمل العنوان الرئيس لپ"هآرتس"مخاوف في إسرائيل من انهيار حكم السنيورة. أوساط سياسية: لبنان قد يصبح تحت الوصاية الإيرانية". من جهتها، نقلت الإذاعة الرسمية عن مصدر كبير في إسرائيل قوله ان التطورات في لبنان قد تشكل"تهديداً على أمن إسرائيل". وأضاف المصدر ان إسرائيل تنظر"بقلق بالغ"الى عمق التدخل الإيراني في لبنان، معتبراً الاعتصام الذي يقوده"حزب الله"رد جميل لسورية على دعمها المتواصل له، وان التظاهرات تبغي أساساً منع تشكيل المحكمة الدولية في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري. وقال ان سقوط الحكومة اللبنانية الحالية قد يمهد الى جعل لبنان يدور في فلك"محور الشر"الإيراني - السوري وسيتيح لإيران اعادة بناء موقعها الأمامي على الحدود مع إسرائيل فتخلق بالتالي توازن رعب تجاه إسرائيل والولاياتالمتحدة يحبط محاولاتهما للتعرض الى منشآتها النووية". وزاد المصدر ان"أكثر ما تخشاه إسرائيل هو ان تضطر الحكومة اللبنانية الى استقدام قوات كبيرة من جيشها المنتشر في جنوبلبنان للحفاظ على النظام". وكتبت"يديعوت احرونوت"ان ما تخشاه إسرائيل هو أن تحل حكومة موالية لسورية وإيران محل الحكومة الحالية،"ما يعني تعاظم نفوذ المركّب الشيعي في السياسة اللبنانية ما سيقود في انتخابات مقبلة الى تشكيل حكومة تتنكر للقرار الدولي الرقم 1701". من جهتها أفادت صحيفة"هآرتس"ان إسرائيل تدرس في الأيام الأخيرة مقترحات باتخاذ خطوات من شأنها تدعيم مكانة رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة،"الذي يتهمه حزب الله بانتهاج سياسة انهزامية"امام إسرائيل. ومن المقترحات المقدمة من الاتحاد الأوروبي أن تنسحب إسرائيل من مزارع شبعا وأن تنسحب ايضاً من قرية الغجر وتنقل المسؤولية عنه الى الأممالمتحدة الى حين إيجاد حل نهائي للمشكلة. ودعت الصحيفة الحكومة الاسرائيلية الى تنفيذ الانسحاب من مزارع شبعا"ما سيعتبر إنجازاً سياسياً لحكومة السنيورة". كما دعت الحكومة الى إطلاق مفاوضات ناجعة مع سورية"لتزيل سورية عنها صفة دولة الشر الداعمة للإرهاب مقابل رفع يدها عن لبنان في شكل مطلق".