تكثفت جهود القادة العراقيين في الساعات الماضية للخروج من المأزق الأمني الذي وصلت اليه البلاد. وبحث المجلس السياسي للامن الوطني مساء الجمعة"المشاركة الفعلية"لجميع الاطراف في اتخاذ"القرارات"داخل الحكومة. لكن زعيم"جبهة التوافق"عدنان الدليمي جدد التلويح بالانسحاب من العملية السياسية، فيما اتهم التيار الصدري مجدداً القوات الاميركية ب"التعاون"مع تنظيم"القاعدة"وحزب البعث المنحل ل"ضرب الشيعة"...، واعتبر حزب البعث ان لا خيار امام القوات الاميركية سوى"الاذعان لشروط المقاومة". وكان رئيس الجمهورية جلال طالباني أعلن ان المجلس السياسي للامن الوطني، الذي عقد جلسة مساء الجمعة، أبقى اجتماعاته مفتوحة لمتابعة التطورات، مشيراً الى ان الاجتماع حضره رئيس"الائتلاف العراقي الموحد"عبدالعزيز الحكيم ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ورئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري، بالإضافة إلى نائبي رئيس الوزراء برهم صالح وسلام الزوبعي ورئيس مجلس النواب محمود المشهداني. وذكرت مصادر ان بارزاني، الذي وصل الى بغداد مساء الجمعة، يحمل افكاراً حول معالجة الاحتقان الطائفي والجمع بين الفرقاء داخل الحكومة الذين تبادلوا في مناسبات سابقة اتهامات بالمسؤولية عن العنف الطائفي. لكن الخلاف بين السياسيين العراقيين يبدو انه وصل الى مراحل متقدمة، وقال زعيم"جبهة التوافق"السنية ان كتلته"ما زالت تتعامل بجدية مع خيار الانسحاب من العملية السياسية في حال فشل المالكي في التوصل الى تسوية محددة لملف الميليشيات وايجاد حالة من التوازن السياسي في تشكيلات الحكومة واولها الاجهزة الامنية". واتهم في تصريح الى"الحياة"حكومة المالكي"بالازدواجية"وان رئيس الحكومة"بات يتعامل وفق اسس طائفية ويخضع الى تأثيرات وضغوط الاحزاب الشيعية التي تملك ميليشيات مسلحة". واستبعد ان يؤدي لقاء الرئيس جورج بوش والمالكي الى"ايجاد مخرج للازمة بل انه قد يزيدها تعقيداً"، محذراً من ان"الوضع الامني والسياسي في العراق بات على حافة الهاوية". وكان الامين العام لمؤسسة"شهيد الله"صاحب العامري التيار الصدري اتهم مجدداً القوات الاميركية ب"التعاون والتنسيق"مع تنظيم"القاعدة"وحزب البعث المنحل بغية"ضرب الشيعة"في العراق. وقال للصحافيين رداً على سؤال عن قصف مروحة اميركية منصة صواريخ في مدينة الصدر، معقل"جيش المهدي"التابع للزعيم الشاب مقتدى الصدر، الجمعة:"اصبح واضحاً التعاون بين قوات الاحتلال وتنظيم القاعدة وحزب البعث المنحل". واضاف ان"قوات الاحتلال دهمت مكتب الشهيد الصدر في بعقوبة واعتقلت العاملين قبل ان تنسحب وسمحت للعناصر البعثية والتكفيرية بالدخول وحرقه وسرقة موجوداته". الى ذلك، دعا الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في العراق اشرف قاضي القيادات العراقية الى"حوار وطني حقيقي لانقاذ"بلدهم من الانزلاق باتجاه"وضع يشبه الحرب الاهلية يعرض الشعب لكارثة غير مسبوقة". وحذر من انه"بخلاف ذلك، سيستمر العراق بالانحدار نحو وضع يشبه الحرب الاهلية". كما دعا"الدول المجاورة الى مساعدة الحكومة للتغلب على التحديات الاليمة من العنف وفقدان الثقة". وكان طالباني أعلن ان المشاركين في اجتماع المجلس السياسي للأمن الوطني مساء الجمعة اتفقوا على"ضرورة تعزيز حكومة الوحدة الوطنية برئاسة المالكي، لا العمل على اضعافها، على أسس المشاركة الحقيقية والفعلية لجميع الأطراف المساهمة في الحكومة في اتخاذ القرارات وإدارة البلاد ... والتصدي للمجموعات الارهابية والتكفيريين والميليشيات المنفلتة غير المنضبطة ...". وشدد على أهمية"توحيد الخطاب السياسي للقوى العراقية المشتركة في التشكيلة الحكومية ومنع الإعلام المعادي بحيث يكون الإعلام رافضاً لافكار الارهاب والانتقام ومشجعاً على المودة والاخاء والوحدة الوطنية"، مندداً ب"المبالغات والاشاعات التي تتطاير في الأجواء"مشيراً الى ان المجلس سيعقد غداً اجتماعاً آخر لاتخاذ الخطوات الضرورية". ووصف طالباني الأزمة بأنها"امنية سياسية، لا تحل بالاجراءات الامنية فقط، ولا بد من التوافق السياسي لاتخاذ موقف موحد تجاه الارهابيين والميليشيات". وفي رده على سؤال عن زيارته المرتقبة إلى طهران، قال طالباني ان الزيارة ما زالت قائمة، وسيجريها حال فتح مطار بغداد أمام الملاحة الجوية. وفي اول رد فعل على الاحداث الدامية الأخيرة أفاد حزب البعث المحظور في بيان بأن"البعث والمقاومة المسلحة مصممان على اكمال عملية تدمير قوات الاحتلال وازالة العملاء بلا رحمة او تردد"وان"السبيل الوحيد للاحتلال للخروج من مأزقه القاتل في العراق هو قبول شروط المقاومة العراقية".