علمت «الحياة» أن واشنطن وبغداد تجريان مفاوضات سرية حول تمديد بقاء قوات أميركية بعد نهاية العام الحالي، وتضطلع بها اللجنة المشتركة التي شكلت بموجب الاتفاق الأمني بين البلدين نهاية عام 2008. وكان الجانبان العراقي والأميركي شكلا هذه اللجنة برئاسة وزير الدفاع العراقي وقائد القوات الأميركية في العراق، ومهمتها الإشراف على تنفيذ عمليات الانسحاب. وقال مستشار رئيس الحكومة عادل برواري ل «الحياة» أمس إن «المفاوضات لحسم مصير القوات الأميركية بعد عام 2011 بدأت الأسبوع الماضي فور تخويل الكتل السياسية رئيس الوزراء نوري المالكي مهمة التفاوض على ضوء التقويمات الفعلية للقادة الميدانيين العراقيين». وأوضح أن «مهمة المفاوضات أنيطت باللجنة العليا لبحث ترتيبات الانسحاب وتسليم القواعد الأميركية إلى القوات العراقية». وأشار إلى أن «هذه اللجنة تعقد اجتماعات مكثفة للبحث في ترتيبات بقاء قوات وعددها وأماكن انتشارها». ولفت برواري إلى أن «رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية أبلغ بصراحة المالكي ورئيس الجمهورية جلال طالباني خلال زيارته العراق الجمعة قبل الماضي ضرورة اتخاذ قرار نهائي حول بقاء القوات وعددها ونوعها وأماكن انتشارها قبل نهاية آب (أغسطس) الجاري». وعن بعض التصريحات التي أطلقها مقربون من رئيس الحكومة أن عدد المدربين الأميركيين الذين سيبقون في العراق لا يتجاوز 70 مدرباً، أعرب برواري عن «استهجانه لتلك التصريحات» وقال إنها «إعلامية تنم عن جهل في الأمور العسكرية». وأوضح أن «القوات الجوية العراقية في حاجة إلى دعم كامل، فضلاً عن الدروع في القوات البرية فهناك المئات من دبابات «إبرامز» الأميركية يحتاج العراقيون إلى خبرات لقيادتها وصيانتها». وكان القيادي في «دولة القانون» حسن السنيد أبلغ وسائل الإعلام أن عدد المدربين الأميركيين في العراق لن يتجاوز 70 مدرباً. وأعلنت «جبهة الحوار الوطني» بزعامة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك «رفضها بقاء القوات الأميركية في البلاد بعد عام 2011 تحت أي مسمى حتى وإن كانوا مدربين». وقال القيادي في الجبهة حامد المطلك في مؤتمر صحافي عقده أمس إن «الجبهة ترفض أي وجود للمدربين الأميركيين في العراق»، ورجح «لجوء الشعب العراقي إلى المقاومة المسلحة، في حال بقاء قوات الاحتلال داخل الأراضي العراقية». ولفت إلى أن «قوات الاحتلال الأميركي عملت على تدمير البلاد خلال السنوات الماضية ولم يجنِ الشعب العراقي غير العنف». وزاد أن «إخراج المحتل سينعكس إيجاباً على الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد». وعن الوزارات الأمنية الشاغرة أوضح المطلك أن «العراقية لم تحسم أمرها بعد» . وكان زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر الرافض بقاءَ القوات الأميركية توعد أول من أمس بمعاملة المدربين الأميركيين الذين سيتم الاتفاق على بقائهم في العراق بعد نهاية عام 2011 معاملة «المحتلين». إلى ذلك، اتهم نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي أطرافاً لم يسمها بالسعي إلى إجهاض مبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وإعلان شهادة وفاتها، وحذر من انعكاسات «كارثية» على مستقبل العراق ووحدته في حال تطبيق مشروع الأقاليم من دون توفير عناصر نجاحه. وقال الهاشمي في بيان صدر عن مكتبه أمس إن «هناك من يعمل على إجهاض مبادرة أربيل ويسعى إلى إعلان شهادة وفاتها»، مشيراً إلى أن «العراق اليوم بأمس الحاجة إلى مثل هذه الاتفاقات، ونتمنى على راعي المبادرة متابعتها باعتبارها مكسباً للجميع، خصوصاً أن تأجيل تنفيذها ليس في مصلحة العراق». وأشار إلى أن «الخلاف بين العراقية ودولة القانون ليس شخصياً كما يحاول البعض أن يختزله بل الحقيقة أنه خلاف فلسفي حول إدارة الدولة وتوصيفها، وهذا هو أصل الخلاف». وأكد نائب رئيس الجمهورية أن «موضوع تشكيل الأقاليم دستوري وقانوني والمادة 119 نظمت هذه المسألة ونحن لا نعترض عليها ولا نملك الحق في الاعتراض عليها»، مستدركاً أن «كل مشروع يحتاج إلى مستلزمات نجاح وعمل منهجي وتوافق في الرأي». وأوضح أن «الموضوع في حاجة إلى دراسة متأنية وأن تتوافر له وسائل ومستلزمات النجاح»، متسائلاً «هل هذه الشروط متوافرة اليوم في هذا المشروع، وهل أجرينا حوارات واستطلاعات للرأي وعرفنا التوجه الحقيقي للناس في هذه المسألة».