قبل أيام قليلة من وصول الرئيس محمود عباس الى غزة للمرة الاولى منذ ان الغى قبل اسبوعين زيارة كانت مقررة سلفاً، شنت"حركة المقاومة الاسلامية"حماس هجوماً عنيفاً عليه وهددت بأن كل الخيارات امامها مفتوحة، رداً على ما لمح به من انه قد يستخدم صلاحياته الدستورية ويقيل الحكومة. وردت"حماس"على تصريحات الرئيس عباس في مؤتمرين صحافيين مع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ووزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، لوح خلالها باستخدام صلاحياته الدستورية من دون ان يشير الى ماهية هذه الصلاحيات وطبيعة الخطوات التي ينوي استخدامها. وقالت"حماس"ان كل الخيارات امامها مفتوحة بما فيها ضرب كل من يتطاول على الحركة وأبنائها، محملة الرئيس عباس وحركة"فتح"مسؤولية التهرب من تشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال فوزي برهوم وهو ناطق رسمي جديد عينته حركة"حماس"قبل يومين ان الحركة لن تعترف باسرائيل مهما كلف الامر، ولن تعترف بالمبادرة العربية التي تعترف بإسرائيل. ووصف برهوم في حديث ل"الحياة"الاعتراف باسرائيل بأنه"خيانة للشعب والدين والعقيدة"، مؤكدا ان"أي حكومة وحدة وطنية يجب ان تلتزم بثوابت الشعب الفلسطيني وحقوقه". وشدد على ان"أي محددات لبرنامج حكومة وحدة وطنية يجب ان تقوم على أساس ما تم الاتفاق عليه في وثيقة الوفاق الوطني"المعروفة باسم وثيقة الاسرى. واعتبر ان الرئيس عباس"امام ازمة حقيقية"وقال ان"الخيار الوحيد امام الرئيس عباس هو حل الحكومة فقط"، في اشارة الى الصلاحيات الدستورية التي يمنحها القانون الاساسي الدستور الموقت لرئيس السلطة الفلسطينية القاضية باقالة الحكومة متى شاء. ونفى ان يكون من صلاحيات الرئيس عباس الدستورية اجراء انتخابات مبكرة فهو لا يملك هذا الحق، والذي يملكه فقط هو المجلس التشريعي". ولفت الى ان الحركة"جاءت من خلال صناديق الاقتراع ولديها برنامج حكومة ائتلاف وطني ونحن مصرون على اقامة هذه الحكومة على أساس وثيقة الاسرى". ورداً على سؤال ان كانت"حماس"ستعترف بالمبادرة العربية للسلام التي اطلقتها القمة العربية في العاصمة اللبنانية بيروت العام 2002، طرح برهوم سلسلة من الاسئلة. وتساءل:"هل المبادرة العربية حقيقة واقعة أمام المجتمع الدولي؟ وهل اسرائيل تعترف بها أو بالشرعية الدولية"، مستشهداً بقول مأثور لرئيس الوزراء السابق ارييل شارون ان"المبادرة العربية لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به". واعتبر ان ما يحصل هو ضغوط على الرئيس عباس وعلى"حماس"للاعتراف بالمبادرة التي لا تعترف بها اسرائيل اصلاً. في غضون ذلك، اصدرت حركة"حماس"بيانا شديد اللهجة ضد الرئيس عباس وحركة"فتح"مهددةً بأنها تملك"خيارات مفتوحة في التعامل مع الأزمة الراهنة"في ما بدا انه رد على تصريحات عباس التي قال فيها انه سيستعمل صلاحياته الدستورية في الوقت المناسب. ودعت"حماس"الرئيس عباس الى استئناف جهود تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتجاوز الضغوط و"الفيتو"الاميركي، و"صوغ المواقف السياسية بما يخدم شعبنا الفلسطيني ومصالحه الوطنية، مذكرين الرئيس عباس بأننا نملك خيارات مفتوحة في التعامل مع الازمة الراهنة، الا اننا نفضل تبني الخيار الوطني الاصيل المنسجم مع مصالحنا الوطنية، وندفع باتجاه تحقيق التوافق الوطني القادر على انجاز حكومة وحدة وطنية قادرة على كسر الحصار ومجابهة التحديات". وحملت"الرئيس عباس والبعض في"فتح"مسؤولية التهرب من تشكيل حكومة وحدة وطنية على قاعدة وثيقة الوفاق الوطني، وفرض شروط جديدة تنسجم مع المطالب والاشتراطات الاميركية والدولية المرفوضة وطنياً، والسعي في المقابل لتصعيد الموقف واختلاق الازمات على الساحة الوطنية بهدف ارباك الحكومة وخنقها بكتلة هائلة من الضغوط غير الاخلاقية، وصولا الى محاولة اسقاطها بشتى الوسائل، واستبدالها بحكومة ذات مقاسات مفصلة وفقاً للاهواء والاجندة الخارجية". وحذرت حركة"حماس"حركة"فتح"من"التمادي في الممارسات السوداء والسلوكيات الاجرامية التي مارستها جهات معروفة في"فتح"، وطاولت المقرات والمؤسسات والاشخاص، في شكل يؤسس لحرب اهلية واقتتال فلسطيني داخلي يطرب له الاحتلال". كما شنت"حماس"هجوماً لاذعاً على زيارة رايس التي"تحمل في طياتها بذوراً تخريبية للوضع الفلسطيني والوحدة الوطنية الفلسطينية". واعتبرت ان رايس التي زارت الاراضي الفلسطينية اول من امس"تحوي في جعبتها اهدافا معلنة ومفضوحة حول الاطاحة بالحكومة الفلسطينية المنتخبة، عبر الدعوة الى تعزيز الرئاسة الفلسطينية في مواجهة حركة حماس". وأبدت استغرابها من"التعاطي الايجابي لبعض مسؤولي"فتح"مع زيارة رايس والالتقاء بها في اطار بحث سبل تحقيق اهدافها واجنداتها". بدورها، نددت حركة"فتح"بما وصفته"تطاول ناطقين باسم حركة"حماس"وتوجيههم الشتائم والالفاظ النابية والتشهير والتخوين والتكفير ضد كل ما هو فتحاوي". واعتبرت"فتح"في بيان اصدره مكتب التعبئة والتنظيم التابع لها امس ان"قيادة حركة"حماس"تندفع نحو أسوأ الممارسات والمواقف التي تكشف حقيقة عدم القدرة على التعايش مع الآخر أو احتمال النقد او الاختلاف الديموقراطي على الساحة الفلسطينية، وهو ما رأينا نتائجه الكارثية على الارض من اعمال قتل وارهاب واختطاف وترويع للآمنين واصحاب وجهة النظر الاخرى". واضافت ان هذا التطاول"يعبر عن ضيق الافق وانعدام الرؤية، اذ ان النظام السياسي الفلسطيني كرس تجربة ديموقراطية رائعة، وعليكم الاحتكام الى اصولها في الخطاب الاعلامي والحوار السياسي، بعيدا عن الاغلاق الحزبي والفئوي".