سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جثمان قرنق جال على مدن التمرد قبل دفنه في جوبا اليوم وموسيفيني يطرح احتمال أن لا يكون تحطم الطائرة "حادثاً" . أرملة قرنق لمناصريه : إذا كان هو قضيتكم فقد صار جثة ... وإذا كانت قضيتكم التهميش فتمسكوا باتفاق السلام
يوارى جثمان النائب الأول للرئيس السوداني زعيم"الحركة الشعبية لتحرير السودان"جون قرنق في مدينة جوباالجنوبية اليوم وسط حضور دولي واقليمي وسوداني كبير. وفي حين قال الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني ان تحطم المروحية التي كانت تقل قرنق"قد لا يكون"ناجماً عن حادث، قال مراقبون ان رحيل الزعيم الجنوبي يترك اسئلة معلقة حول مصير السلام ومستقبل الوحدة الوطنية لأكبر دول القارة السمراء في وقت يزداد فيه التوتر والهواجس من انفجار أحداث عنف جديدة كالتي حصلت في الأيام الأخيرة في الخرطوم ومدن أخرى وأوقعت مئات القتلى والجرحى بين الشماليين والجنوبيين. ورفعت السلطات السودانية من درجات التأهب في الخرطوموجوبا، عاصمة الجنوب، حيث ينتشر نحو 20 ألف جندي في هذه المدينة التي سيوارى فيها جثمان قرنق. وسيشارك في مراسم التشييع الرئيس عمر البشير والرئيس الأوغندي يويري موسيفيني ورئيس جنوب افريقيا ثابو أمبيكي ونائب رئيس نيجيريا ومبعوثون من الأممالمتحده بينهم يان برونك ووزيرة التعاون الدولي السويدية هيلدا يونسون والمبعوثة الكندية مينا جعفر ومسؤولون أميركيون وبريطانيون. كما يُتوقع مشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى. وفي وقت تم الطواف بجثمان الزعيم الجنوبي الذي قُتل السبت بتحطم طائرته الأوغندية مساء السبت في جنوب السودان، في مدن نيوسايت وبور وياي ورمبيك والكرمك، علمت"الحياة"ان مئات السياسيين الشماليين ومناصري قرنق توجهوا الى جوبا على متن طائرات خاصة، فيما يصل البشير ومرافقوه اليوم الى مقر تشييع الجثمان. وبدت ريبيكا قرنق، رفيقة الزعيم الراحل لأكثر من ثلاثين عاماً بينها اثنان وعشرون عاماً في أدغال الجنوب، متماسكة حين خاطبت مودعي زوجها بقولها:"قرنق زاركم كثيراً على رجليه، وهو يصلكم اليوم محمولاً على الأكتاف. فإن كانت قضيتكم هي قرنق، فهو الآن جثة هامدة. وإن كانت قضيتكم هي التهميش فتمسكوا باتفاق السلام واحرصوا على تطبيقه". ونفت ريبيكا ان يكون قرنق قُتل نتيجة لعمل اجرامي، قائلة ان "زوجي مثل ... أكمل مهمته وحان وقت رحيله". وتحرك جثمان قرنق عبر المدن التي كانت لفترات طويلة رمز نضاله، على متن طائرة بريطانية الصنع وسط 200 من جنوده. وكان لافتاً - على رغم هدوء الأحوال في الخرطوم - أن السودانيين يعيشون لحظات من الخوف والتوجس من اندلاع أحداث عنف جديدة في العاصمة بعد اكتمال مراسم الدفن. وسارعت الحكومة باعلان السبت عطلة رسمية في كل أنحاء البلاد لإعطاء السودانيين الفرصة للمشاركة في مراسم التشييع التي سينقلها مباشرة على الهواء التلفزيون الرسمي. ويرى مراقبون ان رحيل قرنق"قد يترك فراغاً من الصعب ملؤه، إذ عُرف الرجل بقوة الشكيمة والعزيمة والذكاء وسعة الأفق وسرعة البديهة وخفة الدم وروح النكتة"، كما قال أحد الذين عرفوه لفترة طويلة. وشكل قرنق رمزاً للنضال على مدى 22 عاماً خاض خلالها حرباً ضد الحكومة المركزية وتمكن من استقطاب مئات الالاف ليس فقط من الجنوبيين بل أيضاً من الشماليين والمسلمين الى صفوف جيشه الذي بدأ الحرب في الجنوب ثم نقل القتال الى جبال النوبة والنيل الأزرق والشرق. ومنذ ان انضم قرنق الى"التجمع الوطني الديموقراطي"متحالفاً في المعارضة مع القوى الشمالية والإسلامية، أصبح يُنظر اليه بوصفه رجلاً قومياً ومحل اجماع وطني، حتى بشهادة الزعيم الإسلامي الدكتور حسن الترابي ألد خصومه في السابق والذي نظم"الجهاد"ضده حين وصول الرئيس البشير الى السلطة في انقلاب العام 1989. وبرز قرنق بوصفه رجل سلام ووحدة حين قاد بنفسه مفاوضات نيفاشا في أيلول سبتمبر 2003 ووقع اتفاق السلام مع الخرطوم في كانون الثاني يناير الماضي منهياً بذلك أطول الحروب الأهلية في افريقيا. وهو تولى في التاسع من تموز يوليو منصب النائب الأول للرئيس لمدة 22 يوماً فقط ليصبح أول جنوبي يتولى هذا المنصب الرفيع في السودان. وبرحيله يرى مراقبون ان فرص الوحدة ربما تتضاءل وان السلام في السودان أصبح مهدداً. لكنهم يلفتون الى ان ما يطمئن هو ان الزعيم الجديد ل"الحركة الشعبية"سالفا كير ميارديت أكد تمسكه باتفاق السلام الذي وقعه سلفه قرنق. وأصدر الرئيس البشير مرسوماً يعيّن بموجبه كير نائباً له، في المنصب الذي كان يشغله الراحل قرنق. موسيفيني ونقلت وكالة"فرانس برس"عن الرئيس الأوغندي موسيفيني قوله في مدينة ياي جنوب السودان حيث تجمع آلاف السودانيين لالقاء النظرة الأخيرة على جثمان النائب الأول السابق للرئيس السوداني:"يقول البعض انه حادث، قد يكون الأمر كذلك وقد يكون شيئاً آخر"، مضيفاً ان"كل الاحتمالات وارد". وأكد موسيفيني:"قررنا تشكيل لجنة تحقيق دولية في السودان"مؤلفة من اوغندا وكينيا والولايات المتحدة وكندا وروسيا. وتفيد الرواية الرسمية حتى الآن ان جون قرنق قضى في تحطم المروحية الرئاسية الاوغندية"ام اي-72"التي كانت تقله الى جنوب السودان مع 13 شخصاً اخرين بعد اصطدامها بجبال جنوب السودان نتيجة سوء الاحوال الجوية. وأعلن موسيفيني"ان المروحية كانت مجهزة جيداً، انها مروحيتي التي كنت اتنقل بها دائما لكنني لا استبعد أي احتمال". واضاف"قد يكون الطيار أصيب بالذعر وربما كانت الرياح جانبية أو اصيبت أجهزة قيادة المروحية بخلل او ان هناك سبباً خارجياً"، مؤكداً"ان التحقيق سيشمل كل هذه الاحتمالات". ورفض الجنرال سالفا كيير الذي خلف جون قرنق على رأس"الحركة الشعبية"التعليق على تصريحات موسيفيني. وقال كيير للمراسلين:"كل الاحتمالات وارد ولا يجب استبعاد أي منها". وكان الرئيس موسيفيني والنائب الاول الجديد للرئيس السوداني سلفا كير القيا النظرة الأخيرة على جثمان الزعيم الجنوبي قرنق لدى مروره في ياي جنوب السودان أمس. وجلس موسيفيني وكير برفقة قرينتيهما في الصف الأول من الحضور الى جانب وفد اميركي ترأسه مساعدة وزيرة الخارجية لافريقيا كونستانس نيومان والممثل الخاص للسودان رودجير وينتر. ورفع آلاف الاشخاص الصلوات وهم يجهشون بالبكاء لدى استقبال الجثمان الى وسط ياي في ساحة الحرية. وياي هي احدى المدن الرمزية للحرب التي شنها"الجيش الشعبي"بقيادة قرنق. وعام 1997 استولى"الجيش الشعبي"على هذه المدينة الاستراتيجية بسبب قربها من العاصمة التاريخية جوبا حيث سيوارى قرنق الثرى اليوم السبت.