قال القيادي البارز في"الحركة الشعبية لتحرير السودان"السيد عبدالعزيز آدم الحلو ان الحركة ستواصل السير على خطى زعيمها الراحل الدكتور جون قرنق و"لن تتراجع عن السلام". وأكد الحلو الذي يُوصف بأنه"رجل المهمات الصعبة"في الحركة والمكلّف ملف قطاع الشمال والخرطوم فيها، ان الزعيم الجديد ل"الحركة الشعبية"السيد سالفا كير ميارديت"له شخصيته المستقلة ولن يكون نسخة عن قرنق". وقال ان الحركة ستثير مع الحزب الحاكم في الخرطوم المؤتمر الوطني ملابسات منع الرئيس الارتري اسياس أفورقي من المشاركة في مراسيم تشييع قرنق في جوبا الأسبوع الماضي. واعتبر تصريحات الرئيس الأوغندي يويري موسفيني عن احتمال ان لا يكون تحطم طائرة قرنق نتيجة حادث بأنها"حديث سابق للتحقيقات ونتائجها". وفي ما يأتي نص المقابلة مع الحلو: هل تعتقدون ان قرنق ترك أي فراغ في"الحركة الشعبية"، وهل يمكن ملء هذا الفراغ؟ - في الواقع ترك رحيل الدكتور جون قرنق فراغاً حقيقياً نظراً الى سموق قامته فكرياً وطول باعه تنفيذياً، وكان نسيجاً فريداً إذ جمع التفوق الأكاديمي والفكر السياسي والانضباط العسكري، وتمكن من توليف كل هذه القدرات وتوظيفها لمصلحة مشروع بناء السودان الجديد وتحقيق وحدة وطنية على أسس جديدة تجنب السودانيين العودة الى مسلسلات حروب أهلية واتفاقات سلام هشة وانقلابات عسكرية وأزمات هوية. وعزاؤنا ان الزعيم الراحل تمكن من صب كل رؤيته ومبادئه التي قاتل من أجلها في اتفاقية السلام الشاملة التي ترجمت إلى الدستور الانتقالي. لذلك يكون قد خط لنا طريقاً واضحاً توجه خطاه نحو سودان جديد وتحقيق غاياته في أنسنة المجتمع السوداني. كذلك اتخذ قراراً في آخر أيامه وفّر على"الحركة الشعبية"مشقة اختيار خليفته إذ عيّن القائد سالفا كير ميارديت نائباً له وجنبنا أسباب الخلاف. هل تعتقد أن"الحركة الشعبية"متماسكة الآن؟ - نعم إن الحركة متماسكة وموحدة على رغم الصدمة التي سببها الرحيل المفاجئ للدكتور جون قرنق. ويظل قرنق فرداً داخل مؤسسة مع تأكيد قدراته العالية وقيادته الفذة وشخصيته التي تجد الإجماع من كل قيادات وأعضاء الحركة الذين كانوا يكنون له الحب والتقدير. وهو زعيم تاريخي من الزعامات النادرة في السودان وأفريقيا. بعضهم يتخوف من غموض سالفا كير، فيما يعتبره آخرون رجلاً انفصالياً. كيف تسير"الحركة الشعبية"في تحقيق أهداف قرنق الواضحة وحدوياً؟ - سالفا كير هو الأجدر بهذا الموقع قيادة الحركة نظراً الى قدراته وامكاناته الذاتية وصفاته الشخصية، إذ عُرف عنه الحكمة والهدوء والاتزان والثبات على مبادئ الحركة. فقد رافق الزعيم الراحل طيلة الاثنين وعشرين عاماً وقاد معه تجربة الكفاح المسلح بأكملها، وكذلك مسيرة السلام حيث ترأس وفد الحركة في المفاوضات عشر سنوات. وكما يعلم الجميع، فسالفا كير كان رئيس وفد الحركة الشعبية الذي وقع برتوكول مشاكوس في تموز يوليو 2002 وهو البروتكول الذي بُنيت عليه كل تفاصيل اتفاق السلام الشامل الذي وقعه قرنق عام 2005. ومن جانبنا، نؤكد ان الحركة الشعبية عازمة كل العزم على تنفيذ اتفاقية السلام نصاً وروحاً، وللحركة مؤسسات قوية تعمل بهذه الرؤية. وقد أكد سالفا بنفسه هذا الالتزام والسير في الطريق الذي بدأه قرنق، ونقول ان سالفا سيسير في الخط نفسه ولكنه لن يكون نسخة عن جون قرنق لأنه يتمتع بصفاته الخاصة وشخصيته المستقلة. نعود الى ملابسات تحطم طائرة قرنق. إذ صرّح الرئيس الأوغندي موسفيني باحتمال وجود عمل مدبر استهدف الطائرة الرئاسية التي كانت تقل قرنق. ما ردكم على مثل هذه التصريحات؟ -حسب علمي تشكّلت لجنة وطنية مشتركة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني للتحقيق في ملابسات الحادث. وجاء في أمر التكوين ان للجنة الحق في الاستعانة بأي جهة يمكن ان تقدم لها أي معلومات مفيدة. وقد عرضت دول ومنظمات المساعدة اذا ما طُلب منها ذلك. واعتقد ان تصريحات موسفيني سابقة لأوانها وجاءت قبل شروع اللجان في التحقيق. *حرمت السلطات السودانية الرئيس أسياس افورقي من المشاركة في تشييع جثمان الدكتور جون قرنق والقاء النظرة الأخيرة على أحد اصدقائه، فما هو موقف الحركة الشعبية؟ - لا علم لي بذلك، لكن الحركة الشعبية ستثير القضية في أول اجتماع مع المؤتمر الوطني الحزب الحاكم لما للقضية من حساسية. ومعروف ان اتفاق السلام نص على ضرورة علاقات خارجية متوازنة مع كل الدول وأرتريا واحدة من هذه الدول التي تربطنا بها علاقة مميزة، وسنسعى الى تطوير العلاقة معها وهي حليفة للحركة الشعبية. أفورقي ليس حليفاً فقط وانما من اصدقاء قرنق الشخصيين وكان من الطبيعي ان يشارك في تشييعه. واذا ثبت منع السلطات لطائرته من عبور الاجواء سيعد الامر تجنّياً على روح الشراكة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وعلى اتفاقية السلام. تأجل تكوين الحكومة القومية لاسباب معروفة. فمتى تعاود اللجنة السداسية المشتركة اعمالها وأين وقفت هذه اللجنة؟ - جمّدت اللجنة اعمالها بسبب الحادثة الفاجعة ورحيل الدكتور جون قرنق. وقد قطعت اللجنة المركزية المشتركة المكونة من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية شوطاً كبيراً في اعمالها وبدأت الاتصال بالقوى السياسية كما فرغت الحركة من ترشيح وتصنيف الأشخاص لملء المواقع التنفيذية والتشريعية في الحكومة المركزية وفي الولايات. وستعاود اللجنة اعمالها بعد أداء القائد سالفا كير القسم الدستوري نائباً أول للرئيس ورئيساً لحكومة الجنوب. متى يؤدي سالفا كير القسم؟ - قريباً. متى؟ - سنعلن ذلك في حينه. وهل أعدت الحركة الشعبية استقبالاً شعبياً لسالفا في الخرطوم؟ - لا لن نستقبله شعبياً لكن سيتم استقباله رسمياً. لماذا؟ - بسبب الظروف الأمنية التي تمر بها الخرطوم وللشرخ الاجتماعي المؤسف الناتج عن الأحداث الأخيرة. كنت من القريبين جداً الى قرنق. كيف كان يتخذ قراراته؟ - كان ديموقراطياً يشاور الجميع ويتدخل في الوقت المناسب والحاسم. مثل ماذا؟ -مثل أحداث الانشقاق التي حصلت للحركة في بدايات التسعينات حيث أصر على مواصلة الكفاح المسلح في وقت ضعفت فيه عزيمة الكثيرين وخارت قواهم، كما أصر على رفع شعار السودان الجديد والوحدة في وقت ارتفعت فيه الاصوات الانفصالية المنادية باستقلال جنوب السودان لتثبت الأيام صحة رؤاه. وما هو دوره الشخصي في اتفاقية السلام؟ - كانت الوفود المفاوضة للحركة حين تزداد العقبات تلجأ اليه فيذلل هذه العقبات بآرائه السديدة، وكان لا ييأس ويصر على تحقيق السلام في احلك اللحظات والبعض يتوقع انهيار المحادثات. ونذكر تحركاته بعد الوثيقة الشهيرة التي تقدم بها الوسطاء والمعروفة بوثيقة ناكورو في تموز يوليو 2003 حيث اوشكت مفاوضات السلام على الانهيار ووصلت الى طريق مسدود. كما نذكر ايضاً الاجتماع الذي عقدته قيادات الحركة في ايلول سبتمبر2003 في الجنوب حيث كان بعض القيادات يرفض ذهاب قرنق لمقابلة نائب الرئيس السوداني السيد علي عثمان محمد طه باعتبار ان قرنق مرجعية للتفاوض يرجع اليها حين يعجز المفاوضون وذهابه شخصياً يعني ذهاب المرجعية، واذا فشلت المرجعية يعني ذلك ان العملية برمتها فشلت، فيما أصر آخرون على ذهابه وحسم قضية السلام. وكان قرنق صامتاً معظم الاجتماع يعطي الفرصة للجميع، وفي آخر المطاف احتكم الى رأي الغالبية ليذهب الى نيافاشا ويقود التفاوض بنفسه مع طه لتنتصر ارادة السلام. هناك معلومات حول ترشيح السيدة ريبيكا قرنق لمنصب مرموق تكريماً لزوجها ولما ابدته من صلابة في المحنة الأخيرة. ما صحة ذلك؟ - ريبيكا أبدت جلداً في الأحداث الأخيرة وهي امرأة مميزة والأحداث اثبتت صلابة معدنها وقوة شكيمتها، وهذا ايضاً يشير الى تأثرها بالزعيم الراحل قرنق وبفكره ورؤاه لأنها أقرب الناس اليه انسانياً. وفي رأيي ان ريبيكا مؤهلة لأي موقع وستشرفه ولا تحتاج الى تشريف المواقع. وليس لي اعتراض على أي قرار تصدره الحركة بخصوص السيدة ريبيكا، لكن لا علم لي بأي قرار في هذا الإطار مع انني اتمنى صدوره.