رأى العديد من المراقبين ان وفاة الزعيم السوداني الجنوبي جون قرنق قد تطيح باتفاق السلام الهش الذي وقع في كانون الثاني يناير الماضي ووضع حداً لحرب أهلية في جنوب البلاد اعتبرت الاطول في القارة السمراء. وتأتي وفاته في حادث تحطم مروحية بعد نحو مئتي يوم فقط على المصالحة التاريخية بين الحكومة السودانية والمتمردين الجنوبيين التي أنهت حرباً بين الطرفين دامت 22 عاماً وأوقعت نحو مليون ونصف مليون قتيل. وأصبح قرنق في التاسع من تموز يوليو الماضي نائباً للرئيس في السودان بموجب اتفاق السلام الذي وقع في التاسع من كانون الثاني في نيروبي. وأعلن الرئيس السوداني عمر حسن البشير أمس ان وفاة قرنق تعزز تصميمه على مواصلة عملية السلام مع الجنوب، وقال في بيان رسمي ان"مسيرة السلام ستظل ماضية نحو غايتها ولن يزيدنا رحيله الا قوة على اكمال المسيرة التي بدأها وزملاؤه في الحركة الشعبية". من جهتها تعهدت"الحركة الشعبية لتحرير السودان"التي كان يتزعمها قرنق"تطبيق اتفاق السلام"الموقع بين الطرفين، وقال سالفا كيري نائب قرنق في نيروبي حيث مقر الحركة ان"جنوب السودان وكل السودان فقد ابناً عزيزاً". وأضاف:"نود طمأنة الجميع بان قيادة وكوادر الحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان سيبقون موحدين وسيسعون جاهدين لتطبيق اتفاق السلام بكل صدق". الا ان اعمال شغب وقعت في جوبا كبرى مدن الجنوب، كما وقعت أعمال شغب مماثلة في الخرطوم حيث يبدو ان أنصار قرنق يرفضون فرضية الحادث ويشتبهون بمؤامرة. واعتبر ديبلوماسي اوروبي في الخرطوم ان"وفاة قرنق شكلت صدمة هائلة اثارت القلق الشديد ويمكن ان توجه ضربة قوية الى اتفاق هش"، مضيفاً ان"توتراً شديداً"يسود العاصمة الخرطوم. وينص اتفاق كانون الثاني خصوصاً على تقاسم السلطة والثروات بين الشمال والجنوب، اضافة الى قيام فترة انتقالية مدتها ست سنوات يحظى خلالها الجنوب باستقلال ذاتي على ان يقرر سكانه بنهايتها في استفتاء شعبي ما اذا كانوا يريدون البقاء ضمن الدولة السودانية او الانفصال. ويعيش نحو عشرة ملايين شخص من اصل سكان السودان الثلاثين مليوناً في جنوب البلاد حيث حقول النفط. وكانت منظمة"انترناشونال كرايزس غروب"اعتبرت في الحادي والعشرين من تموز الماضي ان اتفاق السلام بين جنوب السودان والخرطوم مهدد بالفشل اذا لم يمارس المجتمع الدولي ضغوطه على الحزب الحاكم في السودان. وقال الباحث في المنظمة جون برندرغاست في بيان نشر في نيروبي:"اذا لم يتطرق المجتمع الدولي الى المشكلات الرئيسية فان الاتفاق برمته قد ينهار مع انعكاسات اكثر دموية من الحرب التي انتهت لتوها". وأضاف بيان المنظمة لمناسبة صدور تقرير عن السودان عنوانه"اتفاق الخرطوم والمتمردين: السلام غير الاكيد في السودان"ان"العائق الاكثر مدعاة للقلق ... هو الافتقار الى الارادة السياسية لدى الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم". من جهته اعتبر المحلل في المنظمة ديفيد موزرسكي في مؤتمر صحافي في نيروبي ان اتفاق السلام"معقد جداً والسودان يشهد حالياً بعض الفوضى". واعتبر انه"ليس واقعياً الاعتقاد بامكان تطبيق هذا الاتفاق مع استمرار الحرب الاهلية في اقليم دارفور والصراع في شرق السودان.