سمير قصير قتل بسبب الكلمة. سمير قصير أول من كتب ما يفكر به كل لبناني ولا يجرؤ على الجهر به. اغتياله اغتيال للحرية في هذا الوطن. لم يهادن احداً، كتب ما آمن به ودفع حياته ثمناً لذلك. يوم اسود آخر من تاريخ وطننا يوم اغتيال سمير قصير. شجاع سلاحه الكلمة الجريئة والحرة. اما الجبناء القتلة زمرة الغرف السوداء فليس لهم سوى الارهاب والعنف والقتل سلاحاً لاسكات الكلمة الحرة. عرفت سمير قصير منذ سنوات. عرفته اولاً من مكان آخر، حيث ان اولادي واولاده يدرسون في المدرسة نفسها وهم اصدقاء. كنت التقي بسمير امام المدرسة احياناً وفي السوبرماركت وفي الشارع ذلك اننا نسكن ايضاً الحي نفسه. كانت معرفة بعيدة لكنها كافية كي افرح به حين ألقاه. كنا نحيي بعضنا كأهل وكأصدقاء، أهل لاولادنا الذين هم اصدقاء. كنا اصدقاء عبر اولادنا من دون ان نحكي الكثير. ثم التقيت به بعد 14 شباط فبراير، عبر كلمته وعمله مع الناس وبخاصة الشباب. احد لقاءاتنا كان في حوار مشترك على الهواء مع اذاعة فرانس كولتور. في ذلك اللقاء شعرت بتواطئ مع سمير قصير. تواطؤ في الكلمة وفي الموقف, حينها لم يعد سمير قصير بالنسبة لي صديقاً عبر اولادنا فحسب بل شريكاً حقيقياً في الهم وفي السؤال والرغبة من بناء وطن ديموقراطي وحر لنا ولاولادنا. سمير قصير نموذج لهوية جديدة. انه عربي ديموقراطي حر. قتل لانه غير مسموح لهذه الهوية ان ترى النور، غير مسموح لهذه الصفات الثلاث ان تلتقي معاً في شخص واحد ما زال وطنه محكوماً باجهزة الامن والاستخبارات القمعية. سأفتقد كلمته كل صباح جمعة.