تصادف يوم السبت المقبل 16 أيار (مايو) ذكرى اغتيال الصحافي العربي العملاق كامل مروة، مؤسس جريدة «الحياة». فقد دخل الى مكتبه، في ذلك اليوم من عام 1966 مجرم مأجور واغتاله بمسدس كاتم للصوت، داخل مبنى الصحيفة في بيروت. جريمة اغتيال مروة هزت لبنان والمنطقة العربية وكل من عرفه في أوروبا وأفريقيا والولايات المتحدة. وترك شبكة علاقات من الشرق الى الغرب خلدت اسمه بين كبار الصحافيين العالميين. واغتياله على يد مأجور لنظام عربي لم يحتمل المعارضة والنقد هو اسلوب وحشي اعتمده بعض الأنظمة في منطقتنا وبعض القوى الاقليمية لإسكات أصوات نزيهة تريد الاصلاح والتقدم لشعوب محتاجة الى ذلك. فكامل مروة وسليم اللوزي صحافيان لبنانيان كبيران نالت منهما يد الغدر الوحشية التي قتلت ايضاً زملاء وأصدقاء ومنهم الشهيد سمير قصير والشهيد العزيز جبران تويني. والاغتيالات هي الاسلوب الجبان والمريع لإسكات من يزعج، لأنه يريد الاصلاح وتغيير مجرى الأمور في بلده من أجل مستقبل افضل ومن أجل الحرية والحق والحياة الكريمة. واليوم ولبنان يعيش فترة انتخابية تشهد حملات اعلامية كريهة من جميع الجهات، نفتقد افتتاحيات كامل مروة أو سمير قصير وصوت جبران تويني وإطلالاته عبر الفضائيات منادياً بالاستقلال والسيادة والحرية للبنان. فالتراشق الكلامي بين رؤساء الأحزاب والمرشحين، الدائر حالياً في إطار الحملة الانتخابية، معيب في بلد يتعافى ويستعد لمرحلة مهمة. والحملات الاعلامية من اي جهة كانت مسيئة للبلد ولأبنائه، اما اتهامات السياسيين لبعضهم بعضاً وحملاتهم المتبادلة، فهي اسلوب متخلف بعيد عن الديموقراطية. فلا يحق لأي صحيفة أياً كانت ان تنشر أكاذيب في اطار حملة على زعيم سياسي، كما على الزعيم ان يحترم مؤسسات بلده وألا يتطرق الى شخص رئيس الجمهورية، عندما يقوم الاخير بدوره ويرفض الدخول في سجال التراشق الكلامي. واليوم ونحن على مسافة اسابيع قليلة من الانتخابات في 7 حزيران (يونيو)، من المفيد التذكير بما كتبه سمير قصير يوما عن «بيان الحلم» عندما قال انه حلم ببيان للمواطنين اللبنانيين يقولون فيه «نحن المواطنين اللبنانيين مستاؤون من مستوى تدهور الحياة السياسية ومصدومون من تزوير الحقائق التي تغشي رؤيتنا وتمنعنا من ادراك التقلبات في منطقتنا». واضاف: «في فترة تسبق انتخابات تعطينا أملا بدم جديد في مؤسساتنا البرلمانية، لقد تجمعنا من اجل صرخة منبثقة عن رغبة في تغيير سير الأمور في الدولة». وتابع: «ما نحلم به هو بلد يتعزز باختلافه وبلد يتحرر من طائفيته، ونحلم ببلد وفيّ لأبنائه ومحمي بقضاء مستقل ودعم شعبي ومجتمع حر وليس تحت وطأة انقسام يفرز وكلاء استخبارات». ومضى يقول: «نحلم بثقافة ديموقراطية تتوسع الى باقي الدول العربية، ثقافة تتبنى تحرير فلسطين ولا تخشى حرية الرأي لا في سورية ولا في العراق». حلم سمير قصير ينبغي أن يكون حلم الناخب اللبناني، فدور الصحافي العريق والقوي، هو ان يوجه ابناء بلده الى الأفضل وليس ان يقوم بحملات عشوائية على هذا وذاك. واليوم ونحن نحيي ذكرى عمالقة القلم الذين تم اغتيالهم، فلنحلم بمحكمة دولية تظهر حقيقة ما جرى في لبنان من اغتيالات بدءاً بالشهيد رفيق الحريري وكل الذين سقطوا معه وبعده. فالحقيقة عاجلا أم آجلا، ستظهر لأن الشهداء لم ينتحروا بل اغتالتهم يد الغدر. والمحكمة الدولية ستقول كلمتها! فما أجمل شعار كامل مروة «قل كلمتك وامش» ولو ان ثمنه غال في لبنان وفي المنطقة. ولذلك قتل كامل مروة وسليم اللوزي وسمير قصير وجبران تويني.