البرازيليون هم الافضل في عالم كرة القدم، حقيقة تؤكدها المباريات والبطولات والنتائج سواء في مسابقات الاندية او المنتخبات، سواء اذا شاركت البرازيل في المباريات أو اذا غابت، والدور الرئيس الذي لعبه النجم البرازيلي سابقاً والمكسيكي حاليا زينها في قيادة منتخب بلده الجديد للفوز على اليابان 2/1 ومنحه لقب أحسن لاعب في المباراة كان واضحاً للجميع، والاداء الممتع الممزوج بالفاعلية حسم الموقف لمصلحة منتخب البرازيل بطل العالم وبطل اميركا الجنوبية بالفوز 3/صفر على اليونان بطل أوروبا. وفي المباراتين كان النصر للفريق الاكثر رغبة في الفوز والاوفر هجوماً على مدار الشوطين والاقدر على الاحتفاظ بالكرة، وهي عناصر باتت مهمة في كرة القدم الحديثة. وذهب لقب نجم المباراة في الحالين الى لاعبين صغيري الحجم قليلي الوزن وكبيري المهارة هما البرازيلي روبينهو الذي لا يزيد وزنه على 60 كيلوغراماً والمكسيكي - البرازيلي الاصل - زينها الذي لا يزيد طوله على 163 سنتميراً، وهو امر جديد يؤكد أن المهارات الفنية تحتفظ دائماً بالكلمة العليا في دنيا الرياضة على حساب القامة الفارعة والقوة البدنية الزائدة. عودة من الخلف لم تمتلئ المدرجات في ملعب هانوفر في مباراة المكسيك ضد اليابان، ولكن انصار بطل اميركا الشمالية والوسطى اعطوا طابعاً جمالياً رائعاً للمدرجات بألوانهم الزاهية والقبعات المكسية الشهيرة وابتساماتهم الدائمة حتى عندما كان منتخبهم خاسراً صفر/1 في معظم لحظات الشوط الأول. حرص المكسيكيون على فرض اسلوبهم وايقاعهم على المباراة من طريق تبادل الكرة في يسر وسلاسة مع الاحتفاظ بها لأطول فترة لإرهاق منافسيهم بدنياً ومعنوياً. ولجأ اليابانيون الاسرع الى الكرات الطويلة والهجمات المرتدة الخاطفة من لمسة واحدة لاستغلال تفوقهم في السرعة في المساحات الخالية، وتباين الأداء بين اسلوبين مختلفين مع تفوق ملموس للمكسيك في الاستحواذ وبناء الهجمات والاندفاع الى الامام. وجاءت البداية ساخنة مع فرصتين للمكسيك اهدرهما باردو والمدافع المتقدم سالسيدو، ولكن الهجمة اليابانية السريعة اثمرت هدفاً مبكراً في الدقيقة 13 من 3 لمسات فقط، اخرج كاجي اكيرا الكرة من منطقة جزائه الى زميله اوغاسوارا في منتصف الملعب، ومر الاخير باقتدار من سالسيدو وارسل كرة عرضية الى يانا غيساوا الذي لم يتردد في هز الشباك، وهو هدفه الثالث في 3 مباريات متتالية بعد هدفيه المؤثرين في التصفيات الآسيوية لكأس العالم في مرمى البحرين وكوريا الشمالية. الهدف اصاب المنتخب المكسيكي بهزة عنيفة جداً، وتفوق اليابانيون لمدة ربع ساعة في كل شيء ومالت لهم السيطرة وانفتح امامهم الدفاع، وتوالت الفرص اليابانية في خطورة ملموسة ولكن من دون استغلال لا سيما من المهاجم الخالي من الرقابة ناكامورا. وعندما يهدر فريق الفرص الوفيرة بغرابة يدفع غالباً ثمناً غالياً، وهو ما حدث عندما عاد المكسيكيون الى المباراة في الدقيقة 28 مع ركلة حرة ارسلها باردو وحولها المخضرم بورغيتي برأسه وانقذها الحارس الياباني كاواغوتشي. وجاء هدف التعادل البديع في الدقيقة 39 من تسديدة هائلة في القوة والدقة والاسلوب من زينها من 25 متراً، واخذت الكرة مساراً غريباً وارتفعت عالياً بصورة اعطت انطباعاً انها ستعلو العارضة ولكنها هبطت بسرعة نحو الزاوية البعيدة وسط محاولات يائسة من الحارس. جاء الشوط الثاني مماثلاً مع تفوق مكسيكي ورغبة في الفوز وتوالى الهجوم مع محاولات للاختراق واختبارات متتالية للحارس، وتألق كاواغوتشي في الخروج من مرماه وساعده الحظ في رأسية بورغيتي التي انحرفت بعيداً من المرمى، ولكن رأسية خوسيه فونسيكا ذهبت الى شباكه في الدقيقة 64 بعد كرة عرضية من بيريز، والغريب ان مدافعي اليابان ظهروا في حال سيئة للغاية في التعامل مع الكرات العالية التي كانت من نصيب المكسيكيين في غالبية الحالات. حاول المنتخب الياباني التعادل بالاندفاع الى الامام ولكن براعة زينها في الاستحواذ والمرور والتمرير وذكاء بورغيتي في الانحراف يساراً وزيادة مساحة اللعب حتى خط التماس كانا سببين مهمين في استنفاد طاقات اليابانيين وفقدانهم أعصابهم، وظلت السيطرة الميدانية للمكسيك مع ندرة في هجماتهم المؤثرة، ولم تكن لليابان خطورة الا في كرتين للاحتياطي تامادا الذي اشترك في وقت متأخر بدلاً من تشانو، وكادت المباراة النظيفة تنتهي من دون أي بطاقات ملونة من الحكم الاسترالي الكفء ماتيو بريز لولا مخالفة المدافع الياباني اكيرا كاجي في الوقت بدل الضائع عندما امسك بقميص بورغيتي ونال الانذار الوحيد. سحرة البرازيل وفي زنترال شتاديون في ليبزيغ لم يلحظ احد أي أثر سلبي لغياب رونالدو او روبرتو كارلوس او كافو او بيليتي او ريفالدو او أي لاعب برازيلي آخر طالبت الصحافة بضمه إلى المنتخب. المدير الفني كارلوس باريرا دفع بتشكيلة من ديدا - سيسينهو ولوسيو وروكي جونيور وغيلبرتو - ايمرسون وزي روبرتو وكاكا ورونالدينهو - ادريانو وروبينهو، وقدم كل اللاعبين اداءً مهارياً أقرب الى فنون السحرة، ولاسيما الثلاثي كاكا ورونالدينهو وروبينهو. وكشف الظهيران الجديدان سيسينهو وغيلبرتو عن قدرات هجومية تمنح باريرا القدرة والشجاعة للاستغناء مستقبلاً عن خدمات كافو وروبرتو كارلوس، اما المهاجمان ادريانو وربينهو صاحبا الهدفين الاول والثاني فهما متفاهمان ولا يريد اي مدرب في العالم ثنائياً افضل منهما. دخل منتخب البرازيل المباراة ولديه هدف واحد وهو الهجوم والفوز. وركز اليابانيون على الرقابة اللصيقة وغلق المساحات واستغلال الكرات المرتدة مع اللعب للتعادل، وتفوق البرازيليون في التمرير والمراوغة والمهارات، ونجحوا في التغلب على اسلوب الرقابة اللصيقة بالانطلاق الجماعي التمرير الدقيق وخلق المساحات ما سبب مشكلات وازعاجاً للدفاع اليوناني الصلب. الجهد واللياقة والقوة كانت اسلحة ابطال اوروبا على مدار الشوط الاول المتكافئ، ونجح اليونانيون بالتزامهم التام وعطائهم الزائد في ابقاء ابطال العالم بعيدين من شباكهم، وعندما اعتقدوا ان الشوط سينتهي بالتعادل السلبي الذي سعوا اليه جاء هدف ادريانو في الدقيقة 41، وهو نقطة تحول في المباراة. الصمود اليوناني والحارس نيكوبوليديس حالا دون 3 فرص لروبينهو وادريانو وركلة حرة من رونالدينهو، بينما ظل الحارس ديدا متفرجاً. وجاء الهدف من مجهود فردي رائع لأدريانو بعدما تسلم الكرة وتخلص من كيرغياكوس وسدد من 25 متراً في المرمى، واضطر المدير الفني الالماني لليونان اوتو ريهاغل إلى إجراء تغييرين بين اللاعبين وتعديل في الاسلوب في الشوط الثاني لادراك التعادل، ودفع بالثنائي بابادوبولوس وفينترا بدلاً من فريزاس الذي لعب مصاباً وسيتاريديس، ولكن التغييرات لم تثمر مطلقاً لأن الدقيقة الاولى من الشوط شهدت هدفاً ثانياً للبرازيل قتل المباراة. واستغل روبينهو عرضية غيلبرتو وسجل بسهولة، وتحول البرازيليون الى الاستعراض بينما اندفع اليونانيون نحو الهجوم، واقدم باريرا على ثلاثة تغييرات تحمل استعراضًا جديداً لإراحة نجومه واشراك البدلاء، وأدخل ريكاردو اوليفيرا وريناتو بدلاً من ادريانو ورونالدينهو بعد 71 دقيقة وبعدهما جونينو برنامبو كانو بعد 77 دقيقة بدلاً من كاكا. ولم يبق جونينو في الملعب اكثر من 4 دقائق حتى سجل الهدف الثالث من ركلة حرة مباشرة بنفس الطريقة الجميلة التي يفعلها دائماً مع ناديه ليون بطل فرنسا الدائم، ووقف الحارس اليوناني نيكوبوليديس متفرجاً على الكرة مع الجماهير وهي تلج مرماه. وانهى الحكم السلوفاكي الكفء لوبوس ميشيل المباراة بفوز البرازيل 3-صفر وصدارتها مجموعتها وتأكيدها انها المرشح الاقوى للقب. باريرا: الفوز على بطل أوروبا أسعدني يقول المدرب المكسيكي ريكاردو لافوبي:پ"احتفظنا بأسلوب اللعب المناسب طوال الوقت وحرصنا على الحفاظ على الكرة بين اقدام اللاعبين لتفادي سرعة اليابانيين، ووضح للجميع اننا الاكثر هجوماً وايجابية على رغم تأخرنا في الفوز. وللحق لعب زينها دوراً رئيساً في التفوق والفوز وكان الفائز في غالبية ألعاب الالتحام والهواء مع اليابانيين وتفوق ايضاً في نقل الهجوم واجبر المنتخب الياباني على ابقاء عدد كبير من لاعبيه في الخطوط الخلفية في نهاية اللقاء، والبطولة تمثل إعداداً ممتازاً قبل نهائيات كأس العالم 2006 خصوصاً في وجود منتخبات قوية". أما البرازيلي زيكو مدرب اليابان فقال:"لم نتوقع الهزيمة على رغم ان المنتخب المكسيكي جيد جداً ولديه لاعبون مهرة، والبداية مالت لمصلحتنا وأهدرنا عدداً من الفرص السهلة ولو سجلنا هدفاً ثانياً لانتقل الفوز لنا مبكراً، وللحق هدف التعادل كان رائعا وزينها لاعب ممتاز وهو صنع الكثير في الشوط الثاني، وعموماً نحتاج إلى أداء افضل امام اليابان". كارلوس باريرا قال:"من المهم جداً أن نفوز في المباراة الاولى في البطولات الكبرى، والفوز اهم اذا كان على بطل اوروبا، وهو ما يجعلني سعيداً وقانعا بأداء الفريق، وأفضل ما قدمنا هو التوازن الواعي بين الدفاع والهجوم والتزام كل لاعب بواجباته على الجانبين، وخرج الخبراء والجمهور بانطباع مشترك ان لدينا فريقاً قوياً وقدمنا اداءً جيداً ونفذنا فرصاً كثيرة، واذا كان روبينهو هو نجم المباراة فهذا دليل جديد على موهبته وشخصيته ولكنه مستفيد من وجوده وسط كوكبة من النجوم الكبار". أوتو ريهاغل:"الخسارة مؤلمة وطموحاتنا لم تتحقق سواء في الاداء أو في النتيجة، وكنت اتمنى أن نقدم مباراة على غرار الاداء الارجنتيني ضد البرازيل في بوينس ايرس قبل اسبوعين، وعلى رغم الهزيمة الثقيلة الا انني غير غاضب من الاداء لأننا واجهنا اقوى المنتخبات والبرازيل هي المرشحة الاولي للقب، ولا يمكن لأي فريق في العالم ان يغلق الطريق امام البرازيل على مدار 90 دقيقة، وكنت أتمنى أن تكون مقاومتنا اكبر ولكن الاخطاء واردة في كرة القدم وسنحاول ان نتفاداها في المباراة المقبلة، ومن دون شك أن هدفي البرازيل في الدقيقتين 41 و46 اضاعا الامل وأحبطا اللاعبين".