تحت سيول من الأمطار في كوريا الجنوبيةواليابان أكد منتخب فرنسا بطل كأس العالم لكرة القدم 1998 وأمم أوروبا 2000 سيادته على عرش اللعبة الشعبية الاولى، و فاز بجدارة بكأس القارات الخامسة التي اقيمت في الدولتين الآسيويتين للمرة الاولى ضمن استعداداتهما لاستضافة كأس العالم 2002، وهي سابقة جديدة في تنظيم الكأس الكبرى بين دولتين، والمرة الاولى التي تفوز فيها فرنسا باللقب. لم يتأثر الفرنسيون بغياب عدد كبير، واعتمد المدرب روجيه لومبير على مجموعة من النجوم الكبار الذين اسهموا في الفوز بكأس العالم وأمم أوروبا. البطولة الخامسة جمعت منتخبات استرالياوالبرازيلوالكاميرون وكندا وفرنساواليابان والمكسيك وكوريا الجنوبية، وكعادتها منحت البرازيل لعدد من اللاعبين الصاعدين الفرصة في البطولة التي يضعها الاتحاد البرازيلي دائماً في المستوى الثاني. وعلى رغم الغياب العربي التام عن البطولة - وللمرة الاولى ايضاً- إلا أن الحكمين العربيين الكبيرين الاماراتي علي بوجسيم، والمصري جمال الغندور حفظا الأعلام العربية خفاقة. الطريف ان الفرنسيين لم يفرضوا بصمتهم فقط في الفوز باللقب، ولكنهم سجلوا عدداً كبيراً من الانجازات، وجمعت المباراة النهائية بين اثنين من المدربين الفرنسيين، إذ تولى فيليب تروسيه مهمة المدير الفني لليابان، وتوج النجم الفرنسي روبرت بيريس بلقب الكرة الذهبية لأحسن لاعب في البطولة محققاً 249 نقطة وبفارق شاسع عن أقرب منافسيه، ولم يترك الفرنسيون الكرة الفضية بعيداً عنهم ونالها باتريك فييرا برصيد 184 نقطة. وتقاسم ثلاثة من لاعبي فرنسا - بيريس وفييرا مع سيلفان ويلتورد - لقب هداف البطولة برصيد هدفين مع الكوري الجنوبي هوانغ سو هونغ، والياباني سوزوكي والاسترالي مورفي. وأكمل الفرنسيون تألقهم وتفوقهم بإحراز أكبر عدد من الأهداف - 12 هدفاً في 5 مباريات - والفوز وللمرة الاولى في تاريخ البطولات الدولية على الدولة المنظمة في مناسبتين غريبتين، اولاً علي كوريا الجنوبية في الافتتاح وأخيراً اليابان في الختام، واحتكر خمسة من لاعبي فرنسا نصف التشكيلة للبطولة. وشهدت البطولة رقماً قياسياً عالمياً جديداً للمدافع المكسيكي وكابتن بلاده كلاوديو سواريز الذي وصل الى 159 مباراة دولية ناسخًا الرقم القياسي السابق للمصري حسام حسن، وأصبح سواريز عميداً للاعبي العالم، ونال تكريماً خاصاً من الاتحاد الدولي. لقب وفاجعة غطت فاجعة الموت المفاجئ للنجم الكاميروني مارك فيفيان فويه في ملعب غيرلان في ليون مساء 26 حزيران يونيو 2003 في منتصف الشوط الثاني من مباراة الكاميرون ضد كولومبيا على كل جميل في كأس القارات السادسة التي احتضنتها فرنسا حاملة اللقب.وهي المرة الاولى في تاريخ البطولات الكبرى التي تشهد المباريات حادثة أليمة على هذا النحو، ولم تحل الفاجعة من دون انجاز الكاميرون في الوصول الى المباراة النهائية واحتلال المركز الثاني وهو الأفضل لأي منتخب أفريقي في المسابقة الكبرى. الواقعة المؤلمة شهدتها الدقيقة 75 من المباراة، وسبقها تقدم الكاميرون مبكراً بهدف في الدقيقة التاسعة عن طريق بيوس نديفي، وحافظت عليه بقوة طوال الشوط الاول، ولكن كولومبيا مارست ضغطاً شديداً في الشوط الثاني بعد نزول المهاجم ايلسون بيسيرا، ونال بيسيرا ركلة جزاء غير صحيحة من الحكم الالماني ماركوس ميرك وأهدرها زميله، وواصل المنتخب الكولومبي ضغطه وتحول الافارقة الى الدفاع، ولاحظ المدرب الالماني للكاميرون شافير هبوط سرعة ولياقة فويه، واستشار طبيب الفريق الذي أكد التأثر السلبي لفويه بحرارة الجو وفقدانه للجهد، وارسل شافير الى فويه لتغييره ولكن الأخير أكد قدرته ورغبته في البقاء لقيادة فريقه الى النهائي، ولم تمر دقيقتان حتى سقط فويه على الأرض من دون أن يكون أحد بجواره، وتوقف اللعب ونزل طبيب منتخب كولومبيا مسرعاً نحو فويه واكتشف أنه يتنفس بصعوبة وطلب نجدة طبية، وحملته سيارة اسعاف الى مستشفى قريب حيث لفظ أنفاسه الأخيرة في حادثة مأساوية، و صمم لاعبو الكاميرون على إكمال البطولة حتى النهاية تنفيذاً لرغبة زميلهم الراحل في الوصول الى النهائي، وأدوا جميعاً تدريبات الاحماء في الملعب قبل مواجهة فرنسا في النهائي وهم يرتدون الفانلة الخضراء رقم 17 وعلى ظهرها اسم فويه، وحملوا صورة عملاقة له اثناء نزولهم قبل اللقاء مباشرة. جمعت البطولة الحزينة 8 منتخبات، وتكرر ظهور فرنسا حامل اللقب والدولة المنظمة مع الكاميرونواليابانوالبرازيل للمرة الثانية على التوالي، ودخل الى النهائيات للمرة الاولى منتخبات نيوزيلندا وكولومبياوتركيا، وعاد الاميركيون مجدداً. المجموعة الاولى ضمت فرنساوكولومبياواليابان ونيوزيلندا، وعلى رغم غياب الفنان زيدان للدورة الثانية على التوالي إلا أن المنتخب الفرنسي كان مكتظاً بالنجوم الكبار بارتيز وترام وديسايي وليزارازو وهنري وويلتورد من الذين اسهموا في فوزه بكأس العام 1998. السقوط البرازيلي في كأس القارات هذه المرة كان مدوياً، وبعد تقهقره الى المركز الرابع خلف استرالياواليابان عام 2001 لم يتمكن نجوم السامبا من اجتياز الدور الاول في 2003 وعجز أبطال كأس العالم 2002 عن تحقيق شيء على رغم وجود النجوم لوسيو ورونالدينهو وكليبر سون من نجوم المونديال، ولكن النقص الحادث هز البرازيل بعنف، ولقي بطل العالم هزيمة مفاجئة في المباراة الاولى ضد الكاميرون، و هو أول فوز لمنتخب أفريقي على البرازيل في تاريخ كرة القدم، واثبتت تركيا ثالث كأس العالم جدارتها بالفوز على الولاياتالمتحدة 1-2 واستفاد منتخب تركيا من انسحاب المانيا من البطولة لتحل بدلا منها. وفي المرحلة الثانية استرد ادريانو قليلاً من ماء الوجه للبرازيل بفوز محدود على الولاياتالمتحدة 1- صفر وواصل منتخب الكاميرون انجازاته بالفوز على تركيا 1- صفر، والطريف ان الافارقة لعبوا فقط للتعادل، ونجحوا في قيادة المباراة الى التعادل السلبي حتى الدقيقة الأخيرة، ومن هجمة معاكسة نالوا ركلة جزاء أحرز منها جيريمي وفازت الكاميرون 1- صفر على عكس سير اللعب. المرحلة الثالثة كانت حاسمة، لأن تركياوالبرازيل دخلا الى المواجهة برصيد متساو من النقاط ومن فارق الأهداف، ولكن رصيد الاتراك من الاهداف كان أفضل، وهو ما يمنحهم فرصة التأهل في حال التعادل، وهم لم يركنوا له، ولعبوا للهجوم، ولم يهتزوا أمام هدف لادريانو في الشوط الأول، وردوا بهدفين في الشوط الثاني، ولم يسمحوا للبرازيل بالتعادل إلا مع صافرة النهاية، وصعدت تركيا وخرجت البرازيل. نصف النهائي الاول كان حزيناً وانتهى بفوز الكاميرون 1- صفر، ونصف النهائي الآخر كان ساخناً جداً بين فرنساوتركيا، وتقدم أصحاب الملعب بقوة بهدفين لهنري وبيريس قبل أن يعيد غودينز الاتراك إلي أجواء المباراة بهدف. ولكن ويلتورد اعاد الفارق لفرنسا بهدف ثالث قبل أن يحرز نونكاي هدف الشرف لتركيا، واكتفى فريقه باللعب على المركز الثالث، ويبدو ان الأتراك متخصصون في الميدالية البرونزية واحرزوا الفوز على كولومبيا 1-2، المباراة النهائية لفرنسا ضد الكاميرون في ملعب ستاد دي فرنسا في باريس، حضرها 52 ألف متفرج، وشهدت مشاعر جياشة ودموع كثيرة بعد رحيل فويه، وحظي منتخب الكاميرون بتشجيع هائل من الفرنسيين في بادرة رائعة، وعجز الجانبان عن هز الشباك طوال المباراة، واضاف الحكم الروسي ايفانوف شوطاً ثالثاً وفقاً للائحة وحسمه تييري هنري بهدف ذهبي، وأبقى الكأس في فرنسا.