في اتصال هاتفي مع "اذاعة النور" التابعة لپ"حزب الله"، دعا رجل ستيني، بحسب ما عرّف عن نفسه رافضاً الكشف عن اسمه، السياسيين اللبنانيين الى الكف عن الكذب والادعاء. وقال:"كفاكم استهتاراً بعقول الناس. كفاكم اللجوء الى اثارة العواطف الطائفية من اجل اجتذاب أصوات الناخبين. نحن في عصر الانترنت. يمكن لأي كان التأكد من أنكم غير مستهدفين من الخارج، وذلك عبر الدخول الى اي موقع الكتروني والاطلاع على مختلف المواقف الدولية والعربية، وحتى الداخلية، من الأمور كلها". الانترنت ورهاناتها الانتخابية لا يمكن انكار اهمية دعوة هذا الرجل، لأكثر من سبب. والحال ان الستيني يدعو السياسيين للكف عن"الكذب". ويدعو الناس الى الوعي وعدم الانجرار وراء المشاعر الطائفية. وتتكرس أهمية دعوته في اطار حضه الناس على الاطلاع والمطالعة والتثقف، بما يساهم في تحصينهم كمواطنين وبالتالي في تحصين وطنهم، موضحاً لهم أنها عملية تصبح بسيطة جداً بوجود الشبكة الالكترونية الدولية. وقد يمر الاستماع الى مداخلة هذا الرجل، مرور الكرام على مستمعين عدة. لكن وقعها يختلف حتماً على من يستمعها في سيارته، في اي شارع من شوارع لبنان، بصرف النظر عن المنطقة. فحينها، قد يميل المستمع لربط كلام الستيني مع صور المرشحين للمجلس النيابي التي تغصّ بها الجدران والعواميد وجسور المشاة وأبينة وواجهات و... أشجار أيضاً. تجمع تلك الصور بين"الابتسامة"، و"الاناقة"، و"الالوان"التي تستغل الاحمر والاخضر والابيض الوان العلم اللبناني من اجل لفت أنظار المناصرين. وتستعمل عبارة"معك"في اشارة الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، للقول:"نحن معك"..."كلنا معك"..."الجنوب معك"في اشارة الى الرئيس نبيه بري..."معاً"..."معكم"...."استشهاد الرئيس الحريري"،"المقاومة"،"انتفاضة الاستقلال"،"عون رجع"... يمثل ما سبق عناوين لاحداث اعتمد المرشحون عليها، غافلين عن ضرورة وضع مشروع سياسي للمرحلة المقبلة، او مشاريع للمستقبل السياسي للبلد. لا شعارات، لا أقوال ولا استشهاد ب"أفعال"، غياب تام لأي خطاب سياسي. لا بأس، قد لا تتسع الصور والجدران الى المشاريع قد يكون الحل باللجوء الى الانترنت، كما دعا"العم المتصل". بين الجدران والمواقع الالكترونية تبدأ عملية البحث عن اسماء مواقع الاحزاب في لبنان. ليست مسألة صعبة. ومثلاً، في إمكان محرك البحث الشهير"غوغل"www.google.com ان يوصلك الى تلك المواقع. تبدأ رحلة الاستكشاف عملياً مع تصفح المواقع الالكترونية للاحزاب اللبنانية، والتأمل في محتوياتها، الواحد تلو الآخر. يلفت موقع"حزب الله"بتميزه التقني. ويمكّن زائره من الوصول بسهولة الى أي معلومة عن عمليات المقاومة وانجازات الحزب، وخطب السيد حسن نصرالله. إلاّ أنه لا يحمل أدنى معلومات عن الانتخابات. وبالانتقال الى موقع"حركة أمل"www.amal-mouvement.co، نجده مقسّماً بين"الإمام القائد"موسى الصدر والأخ الرئيس نبيه بري إضافة إلى أبواب أخرى، لا يوجد بينها ما هو مخصص للانتخابات أيضاً. وفي الموقع الرسمي لحزب"القوات اللبنانية"www.lebanese-forces.org عرض مفصل لنشاطات القوات اللبنانية وتاريخها. ولا يوجد فيه أي برنامج انتخابي. وفي موقع"حزب الاحرار"www.al-ahrar.com ، تستطيع الاطلاع على كل ما يتعلق بهذا الحزب... ما عدا رؤيته للانتخابات. ويلفت توافر مواقع كثيرة ل"التيار الوطني الحر"، الذي يتزعمه الجنرال ميشال عون. بعض تلك المواقع رسمي, والاخر غير رسمي، تماماً كالحال مع تيار"القوات اللبنانية"، وتيار"المستقبل"المعبر عن الاتجاه السياسي الذي قاده الرئيس رفيق الحريري، ثم ابنه من بعد اغتياله. ومن مواقع التيار الوطني، يبرزwww.michelaoun.com وwww.generalaoun.org و www.tayar.org . ويتفرع تيار"المستقبل"الكترونياً الى مواقع عدة، ابرزها www.forlebanon.net وwww.yabeyrouth.com. ويلفت ان التفرع تزايد عقب اغتيال الرئيس الحريري. ومثلما تشابهت صور المرشحين على اختلاف انتماءاتهم السياسية، تشابهت مواقع الاحزاب السياسية على اختلاف توجهاتها، بما في ذلك اليسارية منها كالحزب التقدمي الاشتراكي www.psp.org.lb والحزب الشيوعي اللبناني www.lcparty.org . ويتميز الموقع الاخير، كحال مواقع الجنرال عون بعدم وضع صورة امينه العام او رئيسه. وفي المقابل، مالت غالبية الاحزاب اللبنانية الى وضع صورة زعيمها في صدر صفحاتها الرئيسية. وكذلك جعلت من أبوابها التعريف بهؤلاء الزعماء، اضافة الى التاريخ الحزبي لكل منها. وفي حين عُرف بعض هذه المواقع بتغطيته المباشرة للأخبار، احتوت مواقع أخرى زوايا تتناول"اخبار الحزب"من خلال عرض لنشاطاته. الانتخابات وغيابها إلكترونياً ويلفت ان جميع المواقع الالكترونية الحزبية، لم تتطرق الى العملية الانتخابية لا من قريب ولا من بعيد! لا وجود لبرنامج انتخابي، او على الاقل لصور المرشحين او التعريف بهم. وحتى ان معظم هذه المواقع لا يتناول اي أخبار تتعلق بالانتخابات. ولا يشرح مواقف من ينطق باسمهم من مجريات عمليات الاقتراع والتصويت. أو يقدم معلومات عن قانون الانتخاب المعتمد. وعلى رغم النقاش المستعر لبنانياً عن قانون العام 2000، الذي تجرى الانتخابات بموجبه، فان معظم المواقع الالكترونية"تتكتم"عن قول رأي فيه، لا تأييداً ولا شجباً. ويغيب عن معظم المواقع عرض المواقف المستقبلية للاحزاب، او تلك التي باتت معروفة، وعن ظهر قلب، لهؤلاء الأحزاب. يا"عمي المتصل"! عذراً ولكن الانترنت في بلادنا لا يزال بعيداً جداً من مساعدتنا على الاطلاع. وعلى رغم ان عدد مستخدميه في ازدياد دائم، لا سيما في صفوف الشباب الا انهم لن يستطيعوا الوصول او فهم ما يجب ان يفهموه. قد يكون غياب البرامج السياسية والانتخابية الحقيقية هو سبب غيابها عن المواقع الاكترونية. لكن الحاصل هو تغييب لهذه المرحلة الدقيقة وكأنها مرحلة عابرة ليست مرحلة تغيير كما"يدعون"، وهو في الوقت نفسه استخفاف واضح في عقول الفئة التي تتطلع على هذه المواقع ويشكّل الشباب النسبة الاكبر من مرتاديها. ويبقى الهدف الأساسي لأي حزب لبناني استقطاب الجماهير... وانما على اساس الاستعطاف، وعلى الانجازات والامجاد التاريخية!.