قد تشكل شبكة الانترنت متنفساً لتوترات السياسة ومشاعرها في معظم دول العالم العربي، كما دلت إليه تحقيقات عدة اجرتها "الحياة" قبل اسابيع قليلة. وفي بعض دول العرب، يبدو هذا الامر متوقعاً تماماً في ظل ما هو معروف عنها من تشدد في قوانين الاحزاب والصحافة والاعلام وأشكال التعبير عن الرأي. وبقي في الظن ان بلداً مثل لبنان يمثل استثناء ايجابياً، ولطالما اشتهر بانه "واحة حرية" في الوطن العربي. وفي المقابل، فالأرجح ان ثمة خوفاً لبنانياً وعربياً على مساحة الحرية في هذا البلد. واعتاد اللبنانيون والعرب ان تكون تلك المساحة واسعة وشاسعة. والاغلب ان الارث الديموقراطي لهذا البلد ما زال قوياً، ويعبر عن نفسه بوسائل عدة. وما زالت الصحافة، على سبيل المثال، حصناً قوياً لحرية الرأي. لكن ماذا عن بقية وسائل الاعلام العام ووسائطه؟ ثمة "مصارعة" حقيقية على حلبة البث التلفزيوني، تكتسب اهميتها من القوة الكبيرة التي يتمتع بها الاعلام المرئي المسموع راهناً. ولعله من اللافت ان تنهض وسائط اعلامية جديدة، اي الانترنت، بالدفاع عن أخرى اقدم منها، هي التلفزيون. وهكذا، أثبتت شبكة الإنترنت أنها منبر "آمن" ومتفلت من ملاحقة السّلطة في لبنان فبعد إقفال محطّة ال"ام تي في" mtv التي طالما اعتبرت منبراً للمعارضة، تلفتت عين الاخيرة لتتنبه الى الشبكة الدولية للكومبيوتر. ولعل الامكانات الواسعة التي تتيحها الشبكة هي من ضمن ما اغرى فئات عدة في استخدامها اداة في التعبير عن الرأي، وخصوصاً الرأي المعارض. وتزدهر على الشبكة مواقع لبنانية لتيارات وأحزاب تناقش فيها مواضيع محظورة، مثل أخبار المعارضة والإنتهاكات التي يتعرّض لها مناصروها، اضافة الى استخدامها وسيلة للتواصل بين اعضاء احزاب المعارضة وتجمعاتها. ومثلاً، انشأ حزب "القوات اللبنانية"، المحظور منذ العام 1994، موقعاً رسمياً عنوانه www.Lebanese-forces.Org . تحتلّ صفحة الإستقبال فيه صورتان لمؤسس الحزب بشير الجميل ولقائده السجين سمير جعجع، وينشر آخر الأخبار المحلية في لبنان لا سيما تلك المتعلقة بتحرّكات المعارضة. ويحتوي على أبواب عدّة تعرّف بالحزب وقادته وآرائه. ويحتل العماد ميشال عون، الذي يقود تياراً معارضاً إسمه "التيار الوطني الحر"، مواقع عدّة على الشبكة. وهناك مواقع تعارضه في مواجهة موقعه ومواقع انصاره. ويصلح موقع www.Generalaoun.Com نموذجاً لمعارضي "الجنرال". وهو مهدى الى "اللبنانيين الأبرياء الذين خسروا حياتهم بسبب الجنرال عون...". أما الموقع الآخر www.Generalaoun.Org، فتتصدّره خريطة لبنان وشعار جيشه، مع عبارة "لبنان أكبر من أن يبلع". وهو مهدى الى "ذكرى اللبنانيين الذين ضحّوا وبذلوا حياتهم على أمل العيش في لبنان الحر". وفي الموقع أغان للجيش اللبناني وخطابات للجنرال عون ومقالات لمناصرين له الى أخباره وزياراته وما الى ذلك. وللجنرال عون مواقع وصفحات عدّة يمكن الدخول اليها ومتابعة آخر أخباره منها. وعلى سبيل المثال، موقع www.10452lccc.Com الذي يرسل أيضاً مجموعة من المقالات والخطابات الخاصة بالجنرال ومعاونيه، الى شخصيات وناشطين وإعلاميين لبنانيين. ويشبه كثيراً، في تركيبته العامه وتوزيع اقسامه وكذلك محتوياته، موقع "التيار" www.Tayyar.Org ومن الأحزاب اللبنانية التي وجدت في الإنترنت فسحة إضافية لها، الحزب التقدّمي الإشتراكي وعنوانه www.psp.org.lb . ويتضمّن صورة كبيرة للمؤسس كمال جنبلاط، اضافة الى كلمات له ومقالات وكتب، فضلاً عن تغطيات الصحف اللبنانية لمواقف الحزب، وأعداد من جريدة "الأنباء" التي تنطق بلسان الحزب. ويحتوي نبذة عن منظمات الحزب، فضلاً عن تاريخه ومبادئه. وبعيداً من التيارات والأحزاب، ثمّة جمعيات ناشطة تناضل من أجل الحقيقة الخالصة وحرية التعبير منها "المركز الإعلامي المستقل". وهو مركز عالمي ينطلق من الولايات المتّحدة الأميركية عنوانهwww.indymedia.org . ويحتوي في ثناياه على "موقع خاص"، او بالأحرى قسم كبير يختص بمدينة بيروت، ويتطور باستمرار. وينتشر في افريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا والولاياتالمتحدة الأميركية. ويجنّد آلاف الصحافيين في العالم، الذين يزوّدونه بالأخبار عن بلدانهم من دون مداراة ولا تمويه. ويمكن أي شخص أن يرسل روايته لحدث ما، سواء اكان إجتماعياً أم سياسياً. من جهة أخرى، وجدت بعض المجموعات المهمّشة إجتماعياً والمرفوضة في شبكة الإنترنت حيّزاً مهمّاً للتعبير عن رأيها والدّفاع عن حقّها في الإختلاف. وتضم قائمة تلك المجموعات، بعض مثليي الجنس، من الرجال والنساء. ونظراً الى ان القوانين اللبنانية تتشدد في حظر هذا النوع من الجمعيات، تتخذ الجمعية مقراً لها في الولايات المتّحدة الأميركية وكندا وأوستراليا، ولها فروع مساندة في بلدان عدّة منها لبنان . إضافة الى حرية التعبير التي وفّرتها شبكة الإنترنت، والتي لم تتوصّل سلطة بعد الى التمكّن من لجمها، توفّر الشبكة أيضاً حرية اختيار شريك العمر. ومن المواقع اللبنانية الشهيرة في هذا المجال موقع www.absoluteagency.Com الذي يتيح للعازبين والعازبات اختيار الشريك المناسب في سرية تامّة، وللراغبين يفيد الموقع أن ثمة 30 ألف زائر كلّ عشرة أيام! يارا واكيم