البحث الآن عن صالة أفراح لاستئجارها لليلة يكاد يكون مستحيلاً. فمن لم يحجز مسبقاً لن ينعم بليلة زفاف "على قد المقام"". اذ تشهد صالات الأفراح كل صيف اكتظاظاً وجداول مزدحمة. والأمر لا يعدو كونه "فولكلوراً" أردنياً. فالعرس موعده الصيف، والصالة يجب أن تكون قادرة على استيعاب الحضور. الشاب محمد يحاول مداراة فشله في الحصول على صالة أفراح مناسبة لشقيق صديقه. ويقول:"ذهبت مع صديقي ليحجز صالة أفراح لزفاف شقيقه. غالبية الصالات محجوزة لغاية نهاية شهر آب أغسطس. بعد هذا الشهر، تصير الأعراس بلا طعم. من يتزوج بعد انتهاء الصيف؟". لكنه يستدرك بعد أن يلمح علامات الاستهجان بالقول:"الصالات الجيدة والمناسبة محجوزة. هناك صالات فارغة، لكنها قديمة وغير لائقة. تملأها الأعمدة، فلا يرى الضيوف العريس ولا العروس. وهذا أمر سيئ". وفي كلام محمد كثير من الدقة. فالصالات القديمة التي مرت عليها أيام ذهب مهملة اليوم ولا يختازها أحد لإقامة العرس فيها، لكثرة الأعمدة فيها، ولأنها"غير عصرية". تقول سهير عن عرسها العام الماضي:"ندمت كثيراً لأنني تزوجت في صالة قديمة. كنت أجلس في طرف الصالة، ولا أرى إلا فئة قليلة من الحاضرين. كان هناك كثير من الأعمدة في الصالة، وكانت الزفة سخيفة. الصوت كان سيئاً، والمكان في شكل عام كان يبعث على الاستياء. كلما أشاهد تسجيلاً للعرس أبكي. لو أنني وزوجي حجزنا صالة أحدث في وقت أبكر، لما حدث هذا". لكن ندم سهير لا يقابل بمثله عند الشاب علي الذي تزوج قبل ثلاثة أعوام في صالة أفراح قديمة أيضاً. ويقول:"لم يكن يهمني نوعية الصالة. طبعاً الصالة القديمة تكون أرخص، خصوصاً أنني كنت أريد حجز صالتين، لأنني لا أحب الأعراس المختلطة، فجلس الرجال في صالة، والنساء في قاعة أخرى. وفرت الليلة على سلام، ولا أشعر أنا أو زوجتي بأننا ارتكبنا خطأ في ذلك". والصالات الحديثة لا يشمل ثمن استئجارها لليلة واحدة المكان فقط، بل توفير الحلويات والمشروبات و"فرقة الزفة"والتصوير بالفيديو، مع إمكان إحضار مغن وفرقة"على البيعة". وقد تزيد كلفة ليلة الزفاف"الخالصة"على ألفي دينار نحو 2800 دولار. وهذا الثمن يعد مرتفعاً جداً اذا قورن بثمن الصالات القديمة التي يشمل ثمن استئجارها لليلة الزفاف المكان والمأكولات والمشروبات، وهو لا يتعدى المئتي دينار نحو 280 دولاراً. فارق في "البهرجة" لكن الفارق في"البهرجة"التي ترافق أياً من العرسين كبير. ففي الصالات الحديثة، يخير العروسان في نوع الفرقة التي ستزفهما إلى داخل القاعة، بين أن تكون فرقة أردنية أو شامية أو فلسطينية أو مصرية. كما يشمل"العرض"إطلاقاً للألعاب النارية، وكعكة زفاف تتكون من عدد كبير من الطبقات، ليقطعها العروسان خلال الليلة. وهذا الكلام غير موجود في الصالات القديمة التي تكتفي بتأمين المكان فقط. لكن حتى الصالات الحديثة تشهد الآن منافسة من الفنادق الفخمة التي تحتضن ليالي الزفاف في شكل أقل في المملكة. فالتقليد الدارج هو إقامة العرس في صالة أفراح، تتكون من قاعتين في الغالب، واحدة للرجال وأخرى للنساء. والسبب الرئيس الذي لم يجعل الفنادق تحتضن الأفراح هو ارتفاع سعر"ليلتها"في مقابل أفخم صالات الأفراح. فتكاليف ليلة العرس في أحد الفنادق الفخمة تكاد تصل إلى ضعف المبلغ الذي تكلفه ليلة الزفاف في أفخم صالات الأفراح. ففي الفندق هناك بوفيه مفتوح، وصالات فخمة وخدمة على مستوى عال، كما أن تكلفة إقامة الحفلة فيها تتناسب مع عدد المدعوين. وهذا ما يجعل أهل العريس، المسؤولين غالباً عن تكاليف الزواج طبقاً للتقاليد في المملكة، يفكرون ألف مرة قبل"الإقدام"على مثل هذه المغامرة لا سيما أنّ عدد أفراد العائلة الواحدة يزيد على الخمسة في الغالب. وحساب التكاليف تبعاً ل"الرأس"يكاد يكون نوعاً من المقامرة، أو رمي النقود في بحر هباء. لكن لمن يبحث عن ليلة زفاف اقتصادية وعملية، فإن له العادات والتقاليد. وبهذه الطريقة يمكن له أن يقيم العرس على سطح البيت، وفي وضح النهار، فيقيم"بيت شعر"مستعجلاً في أرض فارغة قريبة من المنزل، أو حتى في الشارع بمعاونة الجيران، ليجد"المنسف"طريقه إلى المدعوين، فينتهي العرس قبل مغيب الشمس مع الكنافة، وتوفير في المصاريف.