لم تقمع أصوات الانفجارات في العاصمة صنعاء، زغاريد أعراسها، ولم تمنع الحواجز الأمنية مواكب الزفة من الاحتفاء بالعرسان، كما لم تغير عادات أهلها في تخصيص ما بين العيدين مواقيت مخصصة لموسم حفلات الزفاف. وتزدهر فترة ما بين عيدي الفطر والأضحى وخلالهما بحفلات الزفاف، إذ تحجز فيها صالات المناسبات بصورة قد تكون يومية، وتنتعش الحركة في محلات تزيين السيارات، وفي محلات تأجير الخيام المتنقلة التي تلجأ غالبية الناس لإقامة حفلة العرس فيها. هذا العام، ومع ما تشهده البلاد من أحداث، لم يتوقف الناس عن إقامة حفلاتهم بخاصة أن كثراً من اليمنيين يحددون موعد حفلة الزواج ما إن تتم الخطوبة، وعلى ذلك يتم الترتيب بحجز الصالة ومستلزمات العرس وتسليم العرابين، ما يجعل التراجع مكلفاً. وإن كان الناس حرصوا على الالتزام بالموعد كما خطط له، إلا أن بعض التغييرات طرأت على شكليات الحفلة، وجرى أحياناً تقديم تنازلات عن طقوس معينة كانت لازمة في السابق، والطريف أن تجاوزات لل «ممنوع» فرضتها الأوضاع الأمنية غير المستقرة في البلاد. فحفلات الرجال (تقام حفلة الزفاف بصورة منفصلة للعروسين في اليمن) احتفظت باكتظاظ مدعويها وسهراتها المميزة التي يتناول فيها المدعوون نبتة القات، ويتسامرون حتى وقت متأخر من الليل، وحتى بعد أن يزفوا عريسهم. لكن حفلات النساء طاولتها بعض التغييرات، إذ تقلص عدد المدعوات، فكثيراً ما تعتذر النساء عن تلبية دعوة العرس بسبب بعد المسافة وتعذّر الوصول والعودة الآمنة أو وجود الصالة في مناطق مناوشات، كما أن الاحتفال يختتم قبل الثامنة وفي النادر ما تستمر الحفلات إلى ما بعدها. وتبعاً للارتفاع في أسعار كل شيء ارتفعت أسعار خدمات صالونات التجميل، ما زاد في التكاليف، بخاصة أن غالبية هذه المحال لا تعتمد على الكهرباء العامة لانقطاعها لساعات طويلة، ما دفع مالكاتها إلى شراء مولدات كهربائية. وتقول مديرة أحد صالونات صنعاء: «يجب ألا تشكو الزبونات من رفعنا التكاليف، نحن نواجه ضغوطاً بسبب ارتفاع أسعار مستلزمات المكياج، كما أننا نضطر للعمل بالمولد فالكهرباء غير متوافرة غالباً وهذا يحملنا كلفة اضافية». ومثلما تحايلت صالونات التجميل على مشكلة الكهرباء بالمولدات، كانت المولدات الكهربائية الصينية الصنع هي الحل لأصحاب صالات الأعراس، ما دفعهم إلى رفع تكاليف حجزها، كما استخدمها الأهالي لإنارة خيم حفلات الرجال وإضاءة الزينة للحفاظ على بهجة الاحتفال. ويقول صالح، وهو والد لشابين تزوجا أخيراً: «لا عرس من دون لمبات الزينة وفنان يغني ويزف العريس، لذا كان لا بد من المولد». ويضيف: «يوم عرس ابني كانت الحارة كلها غارقة في الظلام، إلّا خيمة عرسنا لكنها كانت حفلة رائعة». ويجد الجميع في ارتفاع الأسعار مبرراً ليرفع أسعاره، إلّا أن ذلك لا يحول دون إشهار اليمنيين فرحتهم بالعروسين، فتجدهم حريصين على تزيين سياراتهم واستئجار كاميرات لتصوير الاحتفال، وإطلاق الألعاب النارية ما إن تصل زفة العروس. و «سمحت» حال عدم الاستقرار الأمني، لكثيرين بالاحتفاء بحرية إضافية من دون التفكير في التعرض للمساءلة القانونية، وبات مألوفاً أن يطلق الرصاص الحي مع الألعاب النارية في حفلات الزفاف، بعد أن كان مُنع تنفيذ هذا التقليد في المدن منذ سنوات طويلة، وتعرض متجاوزوه للعقاب القانوني، لما يسبّبه من حوادث تطاول الأرواح. وتتعرّض سيارات زفة العرس في كثير من الأحيان للتفتيش إذا صادف مرورها على حاجز أمني، إلا أن القائمين على هذه النقاط يتغاضون في بعض الأحيان بخاصة إن كانت السيارات تحمل نساء ما يجعل إيقافها وتفتيشها يتنافى مع العادات اليمنية والتي تعامل النساء باحترام.