تسأل أحدهم هل توافق على التمديد للرئيس حسني مبارك؟ فيرد قائلاً : والله المسألة نسبية، أوافق في حال كانت الانتخابات حرة ونزيهة. وتطلب استفساراً من ضيف في ندوة فكرية: هل العرب متأخرون فعلاً في مجال البحث العلمي، فيقول بحكمة المفكر: الحقيقة المسألة نسبية، فهم تأخروا تقنياً، لكنهم يملكون القدرة البشرية على اللحاق بالركب. وتنهي إحداهن خطبتها من فلان فتسألها صديقتها: هل مازلت تحبينه؟ فتتنهد وتقول: أصل الحب شيء نسبي. يتكلم الجميع بلغة اينشاتين المتعلقة بنظريتيه العامة والخاصة في شأن النسبية، لكن قليلين من يفهمون المعنى الحقيقي للنسبية Relativity عند اينشتاين، الذي يبدو شخصاً مجهولاً عند كثير من المصريين. هناك من يعتقد ان شخصيته اسطورية غير حقيقية تصور شخصاً مجنوناً بالعلم. وهناك ايضاً من يجزم بأنه عالم ذرة كاد يدفع بكوكب الأرض الى التهلكة لأنهم يعتقدون انه اخترع القنبلة الذرية. ويرجح آخرون أنه أحد أولئك الملحدين المجانين الذين برعوا في العلم الى درجة افقدتهم الاحساس الديني بوجود خالق للكون وهكذا. والمعلوم أن عام 2005 هو"عام الفيزياء"، بحسب ما تعلن الاممالمتحدة. والحال أنه يوافق الذكرى ال50 لوفاة عالم الفيزياء الأشهر ألبرت اينشتاين: مبتكر نظريتي النسبية العامة والخاصة. وتشهد القاهرة احتفالات عدة بهاتين المناسبتين، إلا أنها احتفالات"فيزيائية"بحتة، بمعنى أنها احتفالات يقيمها فيزيائيون ورياضيون ودارسون لهذين التخصصيين العلميين بالغي التعقيد. خيال الزمان والمكان أول ما يطالعك حين تخترق البوابة الرئيسية للجامعة الأميركية في القاهرة، لافتة ضخمة كتب عليها بالانكليزية"2005: عام الفيزياء... احتفلوا معنا بمرور 50 عاماً على وفاة اينشتاين الذي يدين البشر له اليوم بشكل كبير في تصورهم عن المكان والزمان. في مبنى العلوم في الجامعة، يقبع ابناء وتلاميذ ومحبو اينشتاين. ويمثلون اقلية مقارنة ببقية المجتمع الجامعي. فأعداد الطلاب، ولا سيما الطالبات، الراغبين في دراسة الفيزياء والتخصص فيها في اضمحلال مستمر. ويتولى الدكتور عمرو شعراوي استاذ الفيزياء، المسؤولية عن الاحتفالات بعام الفيزياء في الجامعة. ولا يحمل وجهه الكثير من الشبه المظهري بأينشتاين المعروف بشعره المشعث، وشاربه العملاق، ووجهه النحيف. وعلى رغم ذلك يستطرد شعراوي في الحديث عن اينشتاين كما لو كان فرداً من أفراد أسرته. ويحفظ التواريخ والمراحل التي مر بها اينشتاين في رحلة توصله الى نظريته العامة والخاصة في النسبية. والأهم أن شعراوي يفهم الأساس الفلسفي لتفكير اينشتاين. ويعبر عن ذلك بقوله :"تدرس نظرية النسبية، التي توصل اليها اينشتاين عام 1905 قوانين الطبيعة وكيفية تغيرها على أساس الحركة، وقد استنتج نظريته الخاصة من مبدأ فلسفي، اذ لم يكن يبحث وقتها عن شيء بعينه، بل اعاد النظر في قانون الفيزياء في ذلك الوقت... وحينها، كانت تلك القوانين مرتكزة على قانون نيوتن للحركة وقانون ماكسويل للكهرومغناطيسية... ودمج اينشتاين تلك القوانين. وطبق معادلات ماكسويل في الكهرومغناطيسية على قوانين الجاذبية عند نيوتن. واوصله ذلك الدمج الى نظرية النسبية الخاصة، بالاستناد الى أسس فلسفية. بالارتكاز الى أساس فلسفي. ويؤكد شعراوي على العلاقة الوطيدة بين الفيزياء والفلسفة. ويشير الى ان نظرية اينشتاين عن النسبية الخاصة اثبتت عدم صحة نظرية اسحاق نيوتن، فأطاحت بها. ومثلت تلك الإطاحة نقلة عنيفة في عالم الفيزياء على مدى عقود عدة. ويلاحظ ان" إثبات اينشتاين أن الحركة السريعة جداً، أي التي تقارب سرعة الضوء، تبطئ الزمن يعد ثورة حقيقية. ويشير شعراوي الى ان اجراء المزيد من الأبحاث العميقة على نظريات اينشتاين قد تؤدي ربما في يوم ما إلى اختراع آلة للزمن تقدر على الاتصال بالماضي، وذلك في حال التوصل الى اجهزة تعطي موجات تسير بأسرع من سرعة الضوء. وهذا قد يثير بدوره مشاكل فلسفية، لكن ليس بالضرورة اخلاقية. ويعلل شعراوي ذلك بأن التوصل الى مثل هذا الاكتشاف أمر بالغ الصعوبة وحتى في حال حدوثه، سيستغرق عقوداً طويلة جداً. ويرى انه من المبكر أن يبدأ في مناقشة تلك المسالة على خلفية أخلاقية صرفة. ويضيف قائلاً:"يستخدم كثير من رجال الدين مفهوم الزمن النسبي في احاديثهم وتفسيراتهم. لكنه يرجح أن استخدام عبارة"كل شيء نسبي"أضحت عبارة دارجة لا ترتكز على فهم واضح لمستخدمها، وأغلب الأحوال انها تستخدم للاشارة الى ما يسميه بال"نسبية إحساسية"وليس نسبية اينشتاين.