ما زال القتل الرحيم مثار جدل بين دول العالم الأكثر تطوراً والأكثر ايماناً بحقوق الانسان، فكل الشرائع السماوية والقوانين الأخلاقية تستنكر هذا الفعل لكونه ينتمي الى الجريمة مهما كانت الدوافع الانسانية. وتقف منظمات دينية وأخلاقية وحقوقية وحتى المنظمات العلمية والطبية ضد هذا الفعل غير الانساني. وعلى رغم كل المحاذير الدينية والأخلاقية، فقد اقرت هولندا أول دولة في العالم، القتل الرحيم منذ نيسان أبريل 2001. وينص القانون على منح الرحمة للمريض الذي يبدي رغبة واضحة بالموت عندما تكون معاناته كبيرة ولا شفاء منها. كما ان على الطبيب ان يطلب رأي طبيب آخر، ويؤكد القانون ضرورة ان تمر كل الحالات بلجان تضم حقوقياً وطبيباً ومختصاً في الأخلاق. كما ان القانون البلجيكي أصدر قراراً بمنح الرحمة للمريض الذي لا شفاء منه، وكذلك أقرت بريطانيا هذا القانون، وأجازته لذوي الامراض المستعصية. تتعدد الآراء في شأن القتل الرحيم، تقول غزل:"لا يحق لأحد ان يحرم المريض من هذا الأمل، فهناك حالات مستعصية شفيت بأعجوبة بعد سبع سنوات". المحامي سمير يؤكد دور القانون بالمعنى الحرفي للكلمة:"القتل الرحيم هو جريمة قتل يعاقب عليها القانون بموجب نصوص صريحة، فالمادة 335 من قانون العقوبات السوري ينص على ما يأتي: يعاقب بالاعتقال عشر سنوات على الاكثر من قتل انساناً قصداً بعامل الاشفاق بناء على الحاحه بالطلب، بمعنى آخر، ان القانون السوري يجرم فعل القتل الرحيم بنص صريح من دون حاجة الى تفسير". الجرّاح حسام يرى أنّ هذه قضية خطيرة، دينياً وأخلاقياً، وإنسانياً، وطبياً، إذ يقف الإنسان إزاءها حائراً. ويضيف:"رأيت أناساً كثيرين بحكم المهنة، وهم يتألمون، لكن لماذا اقوم بفعل القتل طالما ان الله منحهم الحياة؟ لماذا أرتكب جريمة؟ الأمل موجود ولا أحد ييأس من رحمة الله، فالطب لم يتوقف عن التطور، ربما وجد حلاً، الا اذا كان الانسان لا يؤمن بمقدرات الطب وتقدمه". القتل الرحيم قضية محسومة سلفاً في الدين الاسلامي، فقتل النفس حرام مهما كانت الأسباب. كما أن هناك دائماً باباً للأمل حتى مع أكثر الامراض استعصاء ويأساً. في ما مضى كان مرض السل يقتل الملايين في بدايات القرن العشرين، ثم أصبح يشابه الزكام في نهاية القرن العشرين.