بدا امس أن مساحة الاتفاق بين الفصائل الفلسطينية التي تتحاور في القاهرة برعاية مصرية أكبر من مساحة الخلاف، فمبدأ تثبيت الهدنة يكاد يكون أُقرّ فعلاً، وخلال الساعات المقبلة سيتم الاتفاق على مداها، وإن كانت المؤشرات ترجح أن تكون حتى نهاية السنة الحالية أو لمدة عام على الأقل، على أن يُلتزم عدم خرقها مع أول استفزاز اسرائيلي. أما اذا زادت الاستفزازات، فإن"حركة المقاومة الاسلامية"حماس وحركة"الجهاد"لا تقبلان بالالتزام في ظل استمرار الاستفزازات. وكان لافتاً تصريح رئيس جهاز الاستخبارات المصري السيد عمر سليمان بأن فكرة إقامة دولة فلسطينية موقتة"فكرة مرفوضة"وأن العام الحالي هو"عام العودة الى خطوط 28 ايلول سبتمبر عام 2000"، وأن الانطلاق نحو الوضع النهائي"يجب أن يتم بأسرع وقت ممكن". راجع ص 7 وتواصلت الاجتماعات في القاهرة امس في وقت كان الفلسطينيون يستعدون لاستلام مدينة اريحا بعد الانسحاب الاسرائيلي منها، وهو انسحاب تأخر في اللحظات الاخيرة عندما امتنع القائد العسكري الاسرائيلي لمنطقة الاغوار عن التوقيع على بروتوكول الانسحاب ل"اسباب تقنية"، كما افادت الاذاعة الاسرائيلية. لكن على ذمة الموقع الالكتروني لصحيفة"هآرتس"، فإن سبب التأخير هو ان القائد العسكري الاسرائيلي"نسي"احضار اوراق الانسحاب معه. وتحدثت مصادر فلسطينية عن وقوع"خلافات حادة"بين قائد قوات الامن الوطني في الضفة اللواء اسماعيل جبر ووزير الداخلية اللواء نصر يوسف في شأن الانسحاب، فالاول يتهم الثاني بالموافقة على"شروط امنية اسرائيلية"تتعارض وتفاهمات شرم الشيخ التي دعت الى انسحاب من"مناطق"وليس من"مدن". وفيما راوحت المرحلة الاولى من الانسحاب الاسرائيلي من الضفة مكانها، عملت الجرافات على ست الثغرات المتبقية في الجدار الفاصل الذي تبنيه اسرائيل على طريق القدس - رام الله بين حاجزي قلنديا وضاحية البريد. وسيؤدي استكمال بناء الجدار في هذه المنطقة الى تحويل بلدتي الرام وبير نبالا الى كانتونين معزولين، وسيعزلهما عن مدينة القدس، وسيدمر مصدر رزق الالاف من الفلسطينيين. وفي القاهرة، اكدت مصادر تشارك في الحوار ان"حماس"و"الجهاد"سعتا الى الهروب من الضغوط من اجل اعلان هدنة واللجوء الى التركيز على مسألة"ترتيب البيت الفلسطيني"، ما اعتبره آخرون محاولة لإغراق الحوار في تفاصيل خارج قضية"الهدنة". ولم يجد ذلك الأمر ترحيباً لدى الجانب المصري الذي رأى أن حسم الهدنة أولاً كفيل بحل باقي القضايا والتوجه نحو اتفاق، حتى لو في المستقبل، على تفاصيل تتعلق بمسائل أخرى، خصوصاً أن مشاركة"حماس"أو"الجهاد"في آلية صنع القرار الفلسطيني أمر يحتاج الى مزيد من الوقت. وعلى الارجح فإن اتفاق هدنة لمدة عام سيتم التوصل اليه في هذه النقطة، على أن تبحث التفاصيل بعد الانتخابات التشريعية في تموز يوليو المقبل. ولعل ذلك يفسر وجهة نظر سليمان الذي أبدى رغبة في"بحث ما هو مباشر"، و"ألا نشغل انفسنا بقضايا ليست مطروحة بشكل مباشر".