وجدنا دعاية انتخابية حكومية بدأت مع بداية التعديل الدستوري مفادها ان الرئيس مبارك هو الوحيد الصالح لهذا المنصب، وأصبح من يرفض التعديل الدستوري يواجه بمقولة غريبة حقاً، تقول عدم وجود من يصلح للمنصب إلا مبارك، وهو أمر شديد الغرابة، لأنه يعني ضمناً اختفاء الكوادر السياسية من مصر. صحيح ان عهد مبارك تميز بعدم ظهور قيادات سياسية بارزة في الحكمة المتعاقبة، كما حدث في العهود السابقة، إلا أن الكوادر السياسية توجد في مختلف التيارات، على رغم الحصار السياسي الشديد المفروض على العمل السياسي بعامة، ونلاحظ هنا ان حال الجمود السياسي المخطط التي فرضها نظام مبارك ادت في الواقع الى تلك الحال التي يصبح فيها المشهد السياسي قائماً على شخص واحد وما عاداه مجرد مساعدين غير قادرين على الفعل السياسي المستقل. ثم رأينا الإعلام يطالعنا بمصطلح المنصب الرفيع، ويضيف حوله هالات تحوله الى حال شبه مقدسة، وكأنه لمنصب أعلى من البشر بعامة، ولا يجوز تناوله من العامة، ويجب الحفاظ على وقاره، وربما قدسيته، وبهذا حصن المنصب حتى لا يتعالى أحد ويتصور في نفسه القدرة على بلوغه، وفي الوقت نفسه سمح لقيادات الاحزاب القائمة بالتطاول وترشيح أنفسهم، فإذا بالمشهد يتحول الى كوميديا سوداء. فالمنصب الذي حرمت من الترشيح له قيادات سياسية مرموقة، ولها حظ في النجاح، اصبح المرشحون له: الرئيس مبارك، وهو الشخص الوحيد الصالح له، وعدداً من القيادات لأحزاب ليس لها أي وجود سياسي ملحوظ، أي انها قيادات ليس لها قواعد جماهيرية، ولهذا هلل الاعلام الرسمي لترشيح الدكتور نعمان جمعة لما لحزب الوفد من رصيد في العمل السياسي عبر التاريخ، فأصبح المشهد أكثر توازناً. عن رفيق حبيب: مسرحية المنصب الرفيع ، الأسبوع المصرية. 22/8/2005