ما يجري في مصر يهم كل مواطن عربي ليس لأن مصر تضم أكبر كتلة سكانية في الوطن العربي، بل لأن مصر قيمة حضارية وإستراتيجية وفكرية مؤثرة مهما عصفت بها الأحداث ونال الضعف منها بسبب أخطاء سياسييها. لهذا فإن كل العرب يتابعون (معركة انتخابات الرئاسة المصرية) وبعيداً عن كوميديا الترشيحات التي ضمت إلى جانب المفكرين والسياسيين ورجال الدولة المشهود لهم، مغنياً وراقصة وصاحب قهوة وغيرهم ممن ركبوا الموجة إرضاء لغرور نفسي، أو لتحقيق مكسب دعائي مثل صاحب أغنية (أحبك يا حمار) بعيداً عن كل ذلك فإن القائمة التي سيتداول المصريون أسماءها تضم كوكبة لا أحد يشكك في علمها وخبرتها وإخلاصها لمصر، وإن كانت هناك حسابات سياسية وانتخابية، فإن معسكر كل مرشح له أدواته سواء في دعم حظوظ مرشحه أو لإسقاط المنافس. التحالفات في الانتخابات أمر اعتاد عليه الناس، فكل جماعة أو حزب وتيار تتكاتف وتتجمع لمساندة المرشح الذي يحقق مصالحها, أو أهدافها. والآن وبعد عرقلة ترشيح المرشح السلفي صلاح أبو إسماعيل بسبب حصول والدته على الجنسية الأمريكية، وإبعاد خيرت الشاطر مرشح الإخوان المسلمين لوجود أحكام قضائية لم تسقط عن سجله الجنائي رغم العفو عنه، وهو نفس ما تعرض له مرشح حزب غد الثورة أيمن نور، مما أفسح المجال للآخرين خاصة بعد إزاحة أبو إسماعيل والشاطر اللذين كانا فرسي الرهان لأصحاب ومؤيدي التيار الإسلامي. ويأتي إعلان اللواء عمر سليمان نائب الرئيس حسني مبارك في الأيام الأخيرة، ورئيس جهاز المخابرات ليربك المشهد الانتخابي، إذ تتداول الأوساط السياسية المؤيدة لهذا الترشيح والذين يعارضونه بأنه إذ ما استطاع تلبية شروط الترشيح بجمع 30 ألف مواطن مصري من 15 محافظة مصرية يؤيدون ترشيحه، يكون قد أصبح واحداً من أهم المرشحين وأكثرهم حظاً في نيل المنصب، أما منافساه فهما على التوالي عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية ووزير الخارجية الأسبق، والفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس حسني مبارك، فيما يحاول المرشح الإسلامي المستقل عبدالمنعم أبو الفتوح أن يكسب أصوات التيار الإسلامي يشاطره في هذا المسعى المفكر الإسلامي محمد سليم العوا. عموماً يرى كثير من المصريين غير المؤدلجين بأن عمر سليمان رغم كل الانتقادات الموجهة له بأنه قادر على حماية الهوية المصرية من هجمة المتشددين وأنه سيعيد هيبة الدولة المصرية. أما عمرو موسى فهو يمتلك نصيباً وافراً من الوصول إلى المنصب، فمثل ما ينافس عمر سليمان عمرو موسى ينافسه هو الآخر بعد أن خلا لهما المسرح بعد إبعاد نجوم التيار الإسلامي.