حتى الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك يوافق على تعديل الدستور. لكن أحزاب المعارضة التي تعتبر التعديل الدستوري مطلبا أساسيا لها تختلف على توقيته. ويرى حزب الوفد أن تعديل الدستور بما يسمح بأكثر من مرشح لمنصب رئيس الدولة يعد مطلباً عاجلاً. وقال مساعد رئيس الحزب محمد علوان لرويترز «هذا التعديل مطلوب بصفة عاجلة لأن الوقت على انتهاء فترة الرئاسة الحالية لمبارك أزف ولا يمكن إجراء كافة التعديلات حاليا حرصا على تماسك البلد.» وأضاف أن «التعديل الذي يسمح بأكثر من مرشح لمنصب الرئيس عاجل لأن انتخاب رئيس في اقتراع حر ومباشر بين أكثر من مرشح يكفل اختفاء مراكز القوى الموجودة في الساحة السياسية والتي تتحكم في البلاد منذ فترة طويلة.» ويقضي الدستور المصري بأن يختار مجلس الشعب (البرلمان) مرشحا واحدا لرئاسة الجمهورية باقتراح من ثلث أعضائه على الأقل وبموافقة الثلثين على الأقل ثم يعرض المرشح على الشعب في استفتاء عام. ومنذ اعتماد نظام اختيار مرشح لرئاسة الجمهورية من خلال البرلمان بعد ثورة يوليو تموز 1952 لم يسفر أي استفتاء عن رفض مرشح. ولم تقل نسبة الأصوات التي فاز بها المرشح في أي استفتاء عن 90 في المئة. وفي كثير من الاستفتاءات كانت النسبة أكثر من 99 في المئة. ورأس مصر من خلال نظام الاستفتاء جمال عبدالناصر وأنور السادات ومبارك. وتنتهي فترة رئاسة مبارك الحالية وهي الرابعة له في أكتوبر تشرين الأول القادم. ويرى حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي وهو حزب يساري أن تعديل الدستور قبل نهاية فترة رئاسة مبارك الحالية أصبح مستحيلا. وقال رئيس الحزب رفعت السعيد «منذ عام 1980 نطالب بتعديل الدستور ليكون ممكنا انتخاب الرئيس ونائبه من بين أكثر من مرشح لكل من المنصبين ولفترتين فقط. «الحزب الوطني الديمقراطي كان يرفض التعديل بشدة. لكننا استطعنا أن نزحزح الجبل وبدأ الحزب الحاكم يعلن أنه يجب تعديل الدستور ولكن ليس في هذا الوقت.» وأضاف «المشكلة أن الوقت تآكل وربما عن عمد (من الحزب الحاكم) بحيث أصبح من المستحيل إمكانية تعديل الدستور الآن لأن الذي تبقى على ترشيح الرئيس هو فترة وجيزة.» وتابع «اقتراحنا المحدد هو أن يعلن مبارك بعد أن يرشح نفسه لفترة رئاسة جديدة برنامجا يتضمن موافقته على تعديل الدستور ويصدر قرارا فوريا بتشكيل لجنة للنظر في الموضوع. ويكون من وظيفة اللجنة تحديد المواد التي يلزم تعديلها وأساليب التعديل ووسيلة إقراره.» واقترح أن تشكل اللجنة من رؤساء الهيئات القضائية ورؤساء الأحزاب وأساتذة القانون العام في كليات الحقوق بمختلف الجامعات «حتى لا يشكك أحد في أنه جرى تشكيل اللجنة على هوى أحد.» وفي مقابلات صحفية أخيرة بدا مبارك (76 عاما) غير مستقر نهائيا على ترشيح نفسه لفترة جديدة. وترى جماعة «الإخوان المسلمون» أن يسبق تعديل الدستور توافر مناخ ديمقراطي. وقال محمد حبيب نائب المرشد العام للجماعة «نحن مع تعديل الدستور لكن في ظل جو ديمقراطي ومناخ حريات عامة يخلو من الضغوط التي يمكن أن تؤثر بشكل أو بآخر على قرار وإرادة الشعب.» وأضاف «توفير المناخ الديمقراطي يتطلب إيقاف العمل بقانون الطوارىء وإجراء انتخابات عامة حرة ونظيفة تفرز برلمانا يعبر بصدق عن إرادة الشعب. ومن خلال هذا البرلمان المنتخب انتخابا حرا ونزيها يمكن تعديل الدستور خاصة المادتين 76 و77 المرتبطتين بطريقة اختيار رئيس الدولة والفترة التي يبقي خلالها في الحكم.» ووفقا لتعديل دستوري أجري في عهد الرئيس الراحل أنور السادات ليس هناك قيود على عدد فترات الرئاسة التي يمكن أن يتولاها رئيس الدولة والتي تبلغ كل منها ست سنوات. وتابع حبيب «لكن إذا توافر تيار شعبي ورأي عام قوي وإجماع حزبي على تعديل الدستور فورا واستجاب الرئيس خاصة من ناحية تعديل المادتين 76 و77 فنحن نؤيد ذلك.» ويطالب الحزب الدستوري الاجتماعي الحر بدستور جديد لمصر. وقال رئيس الحزب ممدوح قناوي «نريد شيئا أشمل من التعديل أو الترقيع. نريد دستورا لدولة عصرية تقوم على الشرعية الدستورية والقانونية والديمقراطية ويناسب التحول الاقتصادي الذي شهدته السنوات الماضية والذي جعل البلاد تعيش في مأزق دستوري إلى حد القول إن الدستور نفسه أصبح غير دستوري.» وعن توقيت إصدار الدستور الذي يقترحه قناوي قال «نرى أن يصدر الدستور الجديد في فترة رئاسة مبارك الحالية أو القادمة. ونطالب بجبهة إنقاذ وطني تفتح حوارا يبلور وثيقة للوفاق تمثل الأهداف العليا للوطن.» وتكونت في مصر قبل أشهر حركة باسم الحركة المصرية من أجل التغيير تضغط من أجل منع مبارك من التقدم للترشيح لفترة رئاسة خامسة كما تقف ضد احتمال ترشيح نجله جمال الذي يرأس أمانة السياسات ذات النفوذ في الحزب الوطني الديمقراطي. وقد نفى مبارك أن نجله يسعى للرئاسة. وعلى الرغم من تحول مصر إلى الاقتصاد الحر منذ أواخر السبعينيات وتراكم ثروات كبيرة لدى بعض المواطنين ينص الدستور على أن الأساس الاقتصادي للبلاد هو النظام الاشتراكي ويطالب بتقريب الفوارق بين الدخول. وقالت هالة مصطفى الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ورئيسة تحرير مجلة الديمقراطية لرويترز «لا أعتقد على الإطلاق أن من الممكن تعديل الدستور في الفترة القليلة المتبقية على فترة رئاسة مبارك الحالية وهي بضعة أشهر.» وأضافت «المطالبة بتعديل الدستور تأتي في فترة حرجة وانتقالية فهي فترة نهاية ولاية وليست فترة بداية ولاية. من الصعب بدء عملية جدية على هذا المستوى تتعلق بالتوجهات الكبرى للمجتمع والدولة في نهاية ولاية رئاسية.» وتابعت «المشكلة أيضا أن المطالبة بتعديل الدستور ليسمح بأكثر من مرشح للرئاسة تأتي وسط جدل كبير حول خلافة رئيس الدولة سواء بعد فترة الرئاسة الحالية أو التي تليها خاصة في ظل عدم وجود نائب للرئيس.»