تركز تونس على تطوير البنية السياحية في المدن المتاخمة للصحراء بعدما اظهرت احصاءات حديثة ان السياحة الصحراوية حققت نمواً نسبته 21 في المئة خلال السنة الماضية. وأفاد مسؤولون ان حملات الترويج في الاسواق التقليدية في اوروبا الغربية وكذلك في الاسواق الجديدة وفي مقدمها اليابان وكندا والصين والولايات المتحدة ستمنح الاولوية للواحات والمناطق الصحراوية. وأظهرت الاحصاءات ان 750 ألف سائح زاروا المناطق الجنوبية وأمضوا فيها مليون ليلة في السنة المنقضية مما حقق نسبة اشغال قدرت ب27 في المئة. الا ان خبراء اعتبروا تلك النسبة اقل من المتوسط الوطني وعزوها الى كون السياحة الصحراوية ما زالت سياحة للعابرين الذين يأتون لتمضية ليلتين في المتوسط. ويتجه "الديوان الوطني للسياحة" الى استقطاب السياح لفترات اطول باقامة مهرجانات ثقافية وفولكلورية دورية وتوسعة البنية الفندقية وانشاء متاحف ومزارات طبيعية. وأتى الفرنسيون في مقدم السياح الذين زاروا الجنوب في السنة الماضية والتونسيون في الرتبة الثانية لشدة ولعهم بزيارة الواحات في اجازة آخر السنة وأعياد الميلاد، فيما أتى بعدهم الاسبان والايطاليون والبريطانيون. وعززت "الخطوط التونسية" رحلاتها من المطارات الاوروبية وبخاصة الفرنسية والايطالية والاسبانية لتكثيف الاستقطاب السياحي مع ايجاد حوافز جديدة بينها انشاء ملاعب غولف ومحطات استشفائية ومتاحف متخصصة للوصول الى شرائح جديدة من السياح. وتعكف حالياً مكاتب دراسات متخصصة على التخطيط لاقامة محطة استشفائية حديثة في مدينة الحامية التي تضم عدداً كبيراً من الحمامات الطبيعية بغية استثمار المياه الجوفية الساخنة والتي لم تستثمر سياحياً حتى الآن، خصوصاً انها قريبة من المطار الجديد الذي اقيم في مدينة قابس الساحلية. كذلك تجرى تهيئة ملعب للغولف في محيط واحة توزر، اضافة الى اقامة "متحف الحضارة التونسية" المعروف ب"دار شريط" والمتخصص بالمحافظة على ذاكرة المنطقة، وهو عبارة عن بيت عتيق يتسع لاختزال الحضارات التي تعاقبت على البلد. وتقام حالياً حديقة شاسعة في الطرف الآخر من الواحة تحمل اسم "شاق الواق" وتروي من خلال قصة السندباد اطوار الحضارة الانسانية والأديان الرئيسية في العالم. ولوحظ اتجاه لتكثيف المهرجانات الثقافية وفي مقدمها مهرجانا الصحراء والواحات اللذين يقامان في فصل الشتاء في واحتي قبلي وتوزر، اضافة الى مهرجان القصور الذي يقام في آذار مارس في منطقة تقع في قلب الصحراء بعيداً من الواحات. والقصور هي بيوت فسيحة مؤلفة من اربع او ثلاث طبقات اقامتها القبائل العربية في جنوبتونس لتستقر فيها الاسر فيما يقود الرجال ابلهم ومواشيهم الى المراعي البعيدة. ويتضمن برنامج الدورة المقبلة السابعة والعشرين من المهرجان عروضاً لسباق الهجن واستعراضاً ضخماً للفرسان والفروسية ومسابقة في الرماية اضافة لندوة دولية عن "تحديات المنتوج الثقافي الرقمي" وقراءات شعرية ومعارض للمشغولات التقليدية. ويقام في الفترة نفسها مهرجان الواحات الجبلية الذي يستهوي السياح. وتعتبر قرى تمغزة والرميثة وميداس والشبيكة واحات معلقة في الجبال حيث تكثر الينابيع الطبيعية وتنتشر غابات النخيل. ويشتمل المهرجان الذي يستمر اسبوعاً في اواخر آذار على عروض مسرحية وفعاليات ثقافية وسباقات ومباريات رياضية تعكس نمط الحياة المحلي والتقاليد الاجتماعية في المنطقة, خصوصاً تنقلات القوافل وأزياءها وأهازيجها ورقصاتها وأشعارها ومشغولاتها العتيقة.