على رغم الكساد الذي ضرب القطاع السياحي في تونس وبلدان الضفة الجنوبية للمتوسط بسبب الأوضاع الدولية، إلا ان السياحة انتعشت في الواحات والمدن الصحراوية خلال الموسم الحالي. وأظهرت احصاءات رسمية ان الإقبال ظل يتزايد اعتباراً من "اليوم الوطني للسياحة الصحراوية" الذي يقام سنوياً في الثاني عشر من تشرين الثاني نوفمبر في واحة توزر، والذي يستقطب كل عام وفوداً سياحية تأتي من المانيا وبلجيكا وفرنسا، لتصل الى الذروة خلال المهرجان الدولي للصحراء في مدينة دوز نهاية ذلك الشهر. وتشارك في فعاليات المهرجان الذي يستمر خمسة أيام كل عام فرق موسيقية ومسرحية من مصر والإمارات والكويت وقطر وليبيا، اضافة الى وفود من النمساوالمانيا وفرنسا. والطريف ان الوفود الأوروبية ضمت العام الماضي متبارين شاركوا في سباق الإبل الذي يعتبر احدى ميزات هذا المهرجان الذي يتابعه عدد متزايد من السياح في شغف كبير. فنادق حديثة ويرتاح السياح الأوروبيون لمناخ الواحات التونسية شتاء لأنه ينسيهم زمهرير مدنهم التي تضربها موجات البرد القارس، فهنا يستمتعون بدفء الشمس وينطلقون على متن السيارات الرباعية الدفع الى جولات استكشافية في أعماق الصحراء لا يعودون منها إلا في المساء. ولعل أحد عناصر الجذب الرئيسية يتمثل بتوافر سلسلة من الفنادق الحديثة من فئتي أربع وخمس نجوم في الواحات الرئيسية خصوصاً توزر التي فيها مطار يستقبل الرحلات الدولية، ونفطة التي تعتبر مركزاً عريقاً للثقافة، ودوز وقبلي اللتين تربط بينهما غابة شاسعة من النخيل، اضافة الى مدن ساحلية على تخوم الصحراء مثل جرجيس وجربة واللتين تعتبران من أهم المراكز السياحية في البلد. وكان لافتاً ان ألفاً ومئة وكيل أسفار ألماني يعملون مع مكتب السفريات "تور" وصلوا الى توزر منتصف الخريف على متن ثماني طائرات تابعة للخطوط التونسية نقلتهم من مدن المانية مختلفة، للاحتفال تحت أفياء النخيل بمرور خمسة عشر عاماً على انشاء مكتب السفريات. وقال مدير عام الشركة "ستيفن ديبر" ان أحد أهداف العملية يتمثل في انعاش تدفق السياح الألمان على تونس التي أكد انها معروفة بالانفتاح والاستقرار وحسن الضيافة. متحف ومعالم تاريخية وزار الوكلاء السياحيون خلال الأسبوع الذي أمضوه في الواحات التونسية متحف "دار شرىط" الذي يعكس ألواناً مختلفة من الحضارات التي تعاقبت على المنطقة منذ أيام الرومان الذين اختاروا موقع عاصمتهم "سوفيطلة" سبيطلة حالياً غير بعيد عن توزر، وكذلك نماذج من الأزياء والأواني والسجاد والمشغولات التقليدية المقتبسة من البيئة الصحراوية والمخطوطات الاسلامية، اضافة الى نماذج مصغرة من المعالم الأثرية الكثيرة المنتشرة في المنطقة. وتشكل المهرجانات الصحراوية مناسبة لممارسة ألعاب خاصة بالمنطقة يقبل عليها السياح وأشهرها سباق العربات الشراعية فوق كثبان الرمل، اضافة الى قوافل الجمال التي يمتطيها السياح في جولات استكشافية داخل الصحراء، اذا لم يركبوا السيارات الرباعية الدفع المنتشرة بكثرة لدى مكاتب تأجير السيارات في محيط المطار. ويتوقع ان يتكثف التدفق السياحي على المنطقة بعد تشغيل "الخطوط التونسية" رحلتين اسبوعيتين بين توزر وباريس اعتباراً من شهر آذار مارس 2003، اذ تشير حجوزات مكاتب الأسفار الفرنسية والأوروبية عموماً الى تزايد الإقبال على الواحات التونسية، لا سيما توزر ونفطة اللتين تزورهما شخصيات سياسية ونجوم فنية في الشتاء والربيع لتمضية الاجازات فيهما، وفي مقدم هؤلاء الرئيس الفرنسي جاك شيراك، ورؤساء ايطاليون سابقون ووزراء كثر.