بعد شهرين تقريباً على سماح القوات الأميركية لأهالي الفلوجة بالعودة... تعج المدينة بحوالي نصف سكانها فقط ولا تزال آلاف العائلات تقيم خارجها. وجالت"الحياة"بين الناس واستمعت الى شكواهم التي راوحت بين القلق من قلة الخدمات على"بطاقة التموين"والشكوى من قلة التجارة والخوف من البطالة والبحث عن اثاث المنزل... لكن احداً لا يتحدث عن المسلحين او انصار الزرقاوي وغيره من الحركات المسلحة التي كانت المدينة تؤويها. أم احمد 54 عاماً، أرملة لها ولد واحد، متزوج ولديه سبعة أطفال، كانت تسكن معه في منزلهم في"حي نزال"عادت إثر سماعها ان الحرس الوطني يهدد من لا يعود بالغاء بطاقته التموينية وحرمانه من المخصصات الغذائية. وسكنت منزلها على رغم الدمار الذي حل فيه بعدما تخلت عن منزل كانت استأجرته في"الصقلاوية". وقالت ل"الحياة"ان"المنزل أُحرق بالكامل ما عدا غرفة واحدة نجت لأن انبوبة الغاز التي كانت فيها نفدت قبل أن تصلها النار". واضافت أم أحمد ان"حي نزال تضرر بشكل كبير وتُقدر نسبة المنازل المدمرة كلياً أو جزئياً فيه بنحو 50 في المئة ودُمر في شارعنا وحده 20 منزلاً". واشارت الى ان الحي"يفتقر إلى جميع الخدمات، ولا توجد فيه في الوقت الراهن لا ماء ولا كهرباء". وتحدثت عن عزمها على البقاء في المنزل على رغم قساوة الظروف و"تحول الفلوجة إلى سجن كبير يصعب الدخول إليه أو الخروج منه". ورات أم أحمد ان حال منزلها"أفضل بكثير من منزل أخيها جميل حميد الذي كان يسكن منزلاً في الحي العسكري ويعول عائلة مؤلفة من 12 فرداً، الذي وجد منزله وقد دُمر بأكمله وحول الجنود الأميركيون ركامه إلى ساتر ترابي". سوق الخضار وقال محمد عبد اللطيف، الذي يسكن حي المعلمين، ان"أكبر المعضلات التي تعاني منها الفلوجة هي البطالة التي سببها الوضع غير الطبيعي على مداخل المدينة ومنع أهلها من الدخول إليها والخروج منها بحرية، ما أسفر عن توقف حركة السوق في المدينة، كما ان افتقار معظم أحياء المدينة إلى الكهرباء والماء يشكل عائقاً آخر امام الحياة داخل المدينة". ورأى ان المدينة"يمكن أن تستعيد عافيتها في وقت قصير، على رغم الدمار الكبير الذي لحق بها، إذا ما أتاحت القوات الأميركية والعراقية للمواطنين حرية الدخول إليها والخروج منها"مشيراً الى ان هناك نشاطاً خفيفاً بدأ يظهر في أسواق الفلوجة خصوصاً سوق الخضر. ومع ان منزل عائلته لم يصب بأضرار كبيرة فهو رأى الحياة"بالغة الصعوبة بسبب القيود على التحركات". وقال:"من يريد أن يعمل في السوق المحدودة عليه أن يتحمل الكثير من المشقة، فضلاً عن ان الأسعار مرتفعة جداً، وغالباً ما تصل إلى ضعف ما هي عليه خارجها". واضاف:"يكاد العمل ان يكون معدوماً والسكان يعانون البطالة وينتظرون"الفرج"في وقت يستهلكون مدخراتهم البسيطة. ورأى صالح تركي مصلح، وهو رب اسرة من زوجة وعشرة أطفال كانت تسكن حي الجولان، ولجأت خلال القتال إلى منزل أهل زوجته في الصقلاوية، ان منزل جده تحول إلى"ثكنة عسكرية"لقوات الحرس الوطني، فلم يجرؤ حتى على الاقتراب منه. و"حي الجولان"أقل أحياء الفلوجة تضرراً، ومع ذلك فان نسبة الدمار الذي أصابه، كما قال خليل ابراهيم،"تصل إلى 25 من المئة". ورأى ان"الأوضاع في تحسن إذ بدأت السوق تستعيد بعض نشاطها كما أعيدت الخدمات إلى الأحياء الأقل تضرراً وهناك سيارات تدور على المنازل لتوزيع قناني الغاز". وقال خالد أحمد عبد، الذي يسكن مع والده في حي الضباط،"ان منزل العائلة لم يتضرر، إلا ان أثاثه دُمر وجدرانه أحرقت بقاذفات اللهب". واضاف:"ان نسبة الخسائر في حي الضباط من حيث الدمار لا تتجاوز 10 في المئة إذا ما استثنينا احراق الأثاث وتحطيمه، ونادراً ما سلم منزل من تدمير موجوداته". ولم يجد ربيع خميس منزله بل لم يتمكن من التعرف عليه إلا بعد ثلاثة ايام من البحث في ركام المنازل المتناثر في حي جبيل. وقال:"ان جبيل تبدو وكأنها تعرضت لزلزال مدمر حيث يندر أن تجد فيها منزلاً قائماً".