احتلت مسألة العلاقة بين المعارضة والشيعة حيزاً اساسياً من المناقشات بين قوى المعارضة في اجتماعها الاخير ليل اول من امس في بلدة المختارة بدعوة من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي خصصته للبحث في موقفها من الحكومة في جلسة المناقشة العامة الاثنين المقبل على اساس حجب الثقة عنها. وعلى رغم ان البيان الصادر عن المعارضة لم يتطرق الى موقفها من الشيعة، علمت"الحياة"من مصادر فيها ان النائب باسم السبع هو اول من بادر الى طرح المسألة على بساط البحث، مشيراً الى عدم وجود تمثيل شيعي في اللقاء وانه شخصياً لا يدّعي تمثيلهم وان حركة"أمل"و"حزب الله"هما القوتان اللتان تمثلانهم، مقدراً ان لديهما اعتبارات وخصوصيات تحول دون مشاركتهما في اجتماعات المعارضة ويفترض اخذها في الاعتبار. وشدد السبع، بحسب نواب في المعارضة، على ضرورة التعاطي في هذا الظرف الدقيق الذي يمر فيه لبنان بمرونة وانفتاح مع الشيعة، معتبراً ان لا مصلحة للمعارضة في التسبب بشرخ في علاقتها ب"أمل"و"حزب الله"، مؤكداً في الوقت نفسه اهمية التوجه بخطاب هادئ من الشيعة يفسح المجال امام التوافق على مجموعة من القواسم المشتركة تحت سقف الإقرار بأن اتفاق الطائف يشكل الاساس لأي حل للمشكلات المطروحة. وأيد السبع في موقفه النائبان بطرس حرب ونسيب لحود الذي رأى ان المعارضة لا يجوز ان تتحرك الا تحت سقف الطائف الذي أمن مشاركة الجميع في السلطة وأعاد توزيع الصلاحيات. ولفت لحود، كما قال احد النواب، الى ان لا مشكلة بين المعارضة والنظام السوري في داخل سورية، معتبراً ان الامر يعود للسوريين الذين يحق لهم اختيار النظام الذي يريدونه ونحن من جانبنا لن نتدخل. ورأى ان المشكلة مع سورية تكمن في اداء ادواتها السياسية والعسكرية في لبنان والذي حال دون تطبيق الطائف الذي اصبح في حاجة الى اعادة تصحيح لوقف سوء تطبيقه خصوصاً ان هناك مسؤولية في هذا المجال تقع على سورية. وتوافق حرب ولحود على ضرورة التهدئة، مشيرين الى ان للمعارضة مصلحة في انجاز قانون الانتخاب الذي على أساسه ستجرى الانتخابات النيابية في الربيع المقبل. واذ ايد جنبلاط اقتراح السبع اعتماد خطاب ايجابي وجديد من المعارضة ليكون في وسعها التوجه الى الشيعة الذين هم جزء من الحياة السياسية ويشكلون نسيجاً في التركيبة القائمة في البلد، شدد في المقابل على التمسك بتطبيق الطائف بما فيه البند المتعلق بالوجود العسكري السوري. وحذر جنبلاط من لجوء البعض الى اعتماد سياسة عنصرية ضد المواطنين السوريين. وقال:"ان مشكلتنا مع النظام السوري سببها تدخله من خلال اجهزته الامنية في التفاصيل اللبنانية"، مؤيداً ما كان اثاره عضو كتلة"قرار بيروت"النائب وليد عيدو لجهة اعتراضه على عدم تقيد بعض القوى والتيارات السياسية بالتعليمات التي اتفق عليها بالنسبة الى المسيرة التي اقيمت الاثنين الماضي لمناسبة مرور اسبوع على استشهاد الحريري. وكان للنائب غازي العريضي مداخلة عبر فيها عن تأييده لكل المواضيع التي اثارها قبله النواب الذين تحدثوا، مضيفاً عدم وجود نية لاستهداف الشيعة في لبنان او المقاومة التي يقودها"حزب الله"، ومؤكداً ان الشيعة فريق اساسي في انقاذ البلد. ورأى ان الاسئلة التي تطرح من حين الى آخر"لا تعني ان لدينا أي تبدل في الموقف من الشيعة والمقاومة"، لافتاً الى وجهة نظر الحزب التقدمي الاشتراكي التي سبق لرئيسه ان عبر عنها وتتمثل في رفض القرار الرقم 1559 والتمسك بتطبيق الطائف لأن لا مصلحة لأحد في التخلي عنه. ورأى معظم النواب في المعارضة ان الموقف من الشيعة جاء بهدف تصحيح ما ورد على لسان جنبلاط في حديثه الى صحيفة"ليبراسيون"الفرنسية من ان الحزب صار اداة ضغط سوري على كل الرأي العام الذي سانده في معركة التحرير اضافة الى اعرابه عن مخاوفه من ان يتحول الى مجموعة مسلحة مخيفة يمكن استخدامها ضدنا. وأكدوا ان جنبلاط لم يقصد استهداف المقاومة بمقدار ما انه لم يكن مع مشاركة الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في لقاء عين التينة، خصوصاً في اجتماعه الثاني الذي جاء بعد جريمة اغتيال الحريري، مشيرين الى ان نصرالله يعتبر من أبرز القادرين على لعب دور حواري بدلاً من الجلوس مع بعض الرموز السياسية التي حملت على المعارضة. ورأوا ان من الافضل لنصرالله الذي كان خاطب جنبلاط بالزعيم اللبناني الكبير ألا يكون طرفاً في لقاء عين التينة او ان يشكل وحركة"أمل"فزاعة ضد المعارضة"مع تأكيدنا ان الرئيس بري والسيد حسن نصرالله لن يكونا كذلك". وفي هذا السياق قال السبع الى"الحياة"ان"المعارضة في لبنان يجب ان تكون مكلفة باحتضان الحماية الوطنية والسياسية للمقاومة وان هذا الامر يجب ان يوضع في اولويات عملها وتحركها تجاه الرأي العام اللبناني في ظل المشاريع المشبوهة لبعض رموز السلطة وأدواتها التي تعمل على تأجيج الحالات المذهبية وتحاول ان تلوح بقوة الشيعة ? أي الحزب والحركة في وجه القوى الاخرى". وأضاف:"ان ذلك برز من خلال تصريحات علنية لمسؤولين بارزين في الحكومة وفي السلطة تدعو من باب التحذير من الفتنة الى تصوير الحزب و"أمل"وكأنهما في الموقع المضاد للواقع السياسي المعارض في لبنان". وتوجه السبع بنداء الى قيادتي الحزب والحركة لاستيعاب المخاطر الناجمة عن المحاولات الجارية لتصوير الطائفة وكأنها فزاعة للطوائف والقوى الاخرى. وقال:"ان الشيعة هم ضمانة للاستقرار وللوفاق الوطني وان أي محاولة لاستدراج هذه الطائفة الكبيرة الى حلبة النزاعات الداخلية ما هي الا عملية مشبوهة ونحن على يقين بأن القيادتين لن تتورطا بها مهما كانت اشكال الضغوط، وان المعارضة من جهتها وبكل اقطابها البارزين وعلى رأسهم جنبلاط مدعوة الى خطاب سياسي واضح يوفر مقومات التضامن والحماية الوطنية للمقاومة في لبنان".