تحول الاحتفال بذكرى عاشوراء الدينية، لدى الطائفة الشيعية في لبنان أمس، مناسبة سياسية بامتياز، اقفلت المشهد السياسي الداخلي على خلاف لبناني- لبناني على الموقف من الوجود العسكري السوري. وشدد الامين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله "باسم هذه الحشود" التي ضاقت بها الضاحية الجنوبية لبيروت وقدرتها القوى الأمنية بنحو 300 ألف شخص، على ان "وجود القوات السورية أكثر من حاجة اقليمية وداخلية للبنان، بل هو واجب قومي على سورية...". ومثله رأى نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان ان هذا الوجود "حاجة وطنية وضرورية، وان البحث فيه مرتبط بقيادة الدولتين اللتين تتخذان القرار المناسب". واعتبر السيد محمد حسين فضل الله بالنسبة الى "مسألة الوجود السوري أو غيره ... أن لا بد من اختيار الزمن الذي نتحدث فيه لأن بعض الأزمنة تكون ملتهبة فتزيد الحديث التهاباً". راجع ص7 واعتبر مراقبون ان تجمع الحشود للاحتفال بمناسبة دينية، والتي فاقت بأعدادها السنوات الماضية، وشمل الى الضاحية الجنوبية، الجنوب والبقاع وبيروت، هو رد على احتشاد زهاء مئة ألف من المسيحيين في 27 آذار مارس الماضي، لمناسبة استقبال البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير، بعودته من السفر، ولتأييد مواقفه المطالبة بالانسحاب السوري. لكن مجلس المطارنة الموارنة الذي عُقد برئاسة صفير صباحاً، قبل خطاب نصرالله، رأى "ان المناخ الطائفي المصطنع الذي يصور اللبنانيين كأنهم منقسمون على ذواتهم يطالب قسم منهم بعكس ما يطالب به الآخر لا يترجم حقيقة الوضع اللبناني، واذا كان الواقع غير ذلك فهو يستدعي حواراً صريحاً بين الفئات اللبنانية". وأكد زعيم "حزب الله" ان الموقف من الوجود السوري يحتاج الى "اجماع وطني"، مناشداً الجميع "ان نطوي هذا الملف حتى اشعار آخر ونصارح بعضنا بعضاً، وليتحمل كل واحد منا مسؤوليته عما فعله من صواب أو خطأ، فلا نلقي بكل اخطائنا على سورية". وامتدح وقوف دمشق الى جانب عودة المؤسسات وتوحيد البلد والجيش والمقاومة لتحرير الأرض. ورأى "ان طرح الخروج السوري على أنه مطلب وطني ليس صحيحاً". وكان السجال الدائر على الموقف من الوجود السوري في لبنان مدار اتصالات أمس ايضاً. وقال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بعد لقائه رئيس الحكومة رفيق الحريري انه يوافق نصرالله على الحاجة الى الاجماع الوطني، "ولكن للوصول إليه ثمة حاجة الى الحوار". واعتبر ان التوصل الى "حلول وسط لمطالب" البطريرك صفير "ممكن". والتقى وزير الخارجية السابق فؤاد بطرس الذي وافق الرئيس بشار الأسد على ان يؤدي دوراً في ايجاد اقتراحات لمعالجة العلاقات اللبنانية - السورية، الحريري أمس، بعدما اجتمع مع رئيس الجمهورية اميل لحود أول من أمس. ولم يدل بأي تصريح "لأن الكلام لا يفيد الآن".