اعتبر وزير الداخلية والبلديات سليمان فرنجية ان جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري"حدث وطني كامل يطاول اطراف البلد كلها، وحدث اقليمي، لأن دوره كان اساسياً على الساحة الخارجية"، مرجحاً ان يكون انتحاري نفذ الجريمة". ورأى فرنجية ان هناك مسؤولية تقع على عاتق عائلته،"وهذا هو الامتحان الأول لوريثه الشيخ بهاء، وهو الذي يثبت قدرته على إدارة اللعبة"... ولا يمكن ان ينهي مستقبله السياسي وهو يأخذ موقفاً سلبياً من نصف اللبنانيين". وأكد ان الانتخابات النيابية"ستحصل في موعدها"وأن"تعبر الناس بديموقراطية عن كل ما لديها". لافتاً الى انها"ستكون مواجهة سياسية، المعارضة تهاجمنا ومن حقنا الدفاع عن النفس، لا نريد بالطبع ضرب بعضنا البعض". عقد الوزير سليمان فرنجية مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع وزير العدل عدنان عضوم ووزير الإعلام ايلي الفرزلي، عقب ترؤسه اجتماع مجلس الأمن الداخلي المركزي الاستثنائي. وقال فرنجية:"لا نستطيع إلا ان نأسف على ما حصل ونكرر تعزيتنا لذوي الرئيس الحريري ونقول ان ذلك يطاول كل شخص في لبنان وكل بيت في لبنان، ولا احد يعتبر ان هذا الحدث يطاوله اقل من الآخر ام اكثر منه". وأضاف:"كل تعبير ديموقراطي نؤيده، وكل من يرغب في إبداء رأيه بديموقراطية نؤيده. فسنواكب كل التظاهرات التي تحصل في الشوارع، ولن يحصل اي احتكاك بين قوى الأمن والمواطنين، وكل شخص حر في التعبير عن رأيه كما يريد. لكن، ممنوع ان يخل اي شخص بالأمن، اي ممنوع ان يحصل من خلال التظاهرات الديموقراطية او خلال التعبير الحر، دخول احد بهدف التكسير او التعدي على الأمن. ان الدولة والجيش اللبناني وقوى الأمن في جاهزية تامة، ولن نسمح بحصول تعد على امن الدولة. نحن نفهم ان الجرح كبير وأن المرحلة دقيقة وأن الناس تعبر اليوم من خلال عواطفها اكثر من اي شيء آخر، هذا الشيء نستوعبه ونفهمه". وعن موضوع التحقيقات قال فرنجية:"نحن نأخذ من المعطيات التي وضعت امامنا وأمامكم. وأفادتنا الأجهزة الأمنية بمعلوماتها الأولية وهي ان الحفرة عندما لا تكون واقعة على جانب الطريق تعني انه لم يكن هناك وجود لأي سيارة على جانب الطريق، بل سيارة كانت تقترب من الموكب. كذلك وردنا شبه تأكيد من الأجهزة انه كانت هناك سيارة مفخخة، حاولت اقتحام الموكب او ان الموكب كان يحاول العبور عنها وانفجرت. وبهذه الطريقة من المؤكد انه كان هناك سائق لهذه السيارة، قد يكون انتحارياً فجّر نفسه". وأضاف:"حتى الآن لا يتوافر لدينا اثبات ملموس في هذا الموضوع، لأن الموجود داخل السيارة اصبح اشلاء، وهذه الأشلاء ارسلناها الى المختبر لفحص الحمض النووي DNA الخاص بها، لمعرفة هوية"اصحابها". وعن الشريط المصوّر الذي بثته قناة"الجزيرة"قال:"أخذنا الشريط في الاعتبار، وكذلك ان الاتصالات التي وردت الى"الجزيرة"تعني ان هناك شبكة اكبر من شخص، والتحقيق جارٍ في هذا الاتجاه لتبيان حجم المجموعة التي تقوم بهذا العمل". وعن المطالبة بإجراء تحقيق دولي بالجريمة، قال فرنجية:"نحن دولة ولا نقبل بتحقيق دولي، لكننا نقبل باستعانة. ونحن كدولة نرى ما هو المناسب للاستعانة الدولية، قد نطلب خبراء دوليين لمساعدتنا. وهذا الأمر يحصل وفق طلب اجهزة التحقيق المختصة، التي تقرر ان كانت في حاجة الى ذلك ام لا. لكن ان يقرر احد آخر ان الدولة لا نثق بها وهي غير موجودة ونريد الاستعانة بخبراء دوليين، كأن هذه الدولة اصبحت مباحة لكل الدول بإجراء التحقيقات، فهذا موضوع غير مقبول من جانبنا. اما الاستعانة بخبراء دوليين من دول حيادية وغير معنية بالملف اللبناني او ليست طرفاً في الصراع اللبناني، فنحن نرحب بذلك لأنه يزيد التحقيق الذي نجريه غنى، ويساعده". وتابع:"كل ما يتوافر لدينا حتى الآن هو استنتاجات ومعلومات اولية. وكل من لديه اي معلومات او يرغب في مساعدتنا بأي معلومة، فالأجهزة الأمنية منفتحة على ذلك. وكنا نتمنى ألا ترمى التهم تلقائياً، وأن يكون بعض الفرقاء اللبنانيين معتدلين او واقعيين بعض الشيء. فالدول الأجنبية كانت معتدلة في مواقفها من الجريمة وكان رأيها هادئاً ومعتدلاً. تمنينا لو لم يكن رد فعل المعارضة اللبنانية تلقائياً وأن توجه اصابع الاتهام في اتجاه معين. لأن في رأيي الشخصي، من نفذ هذه الجريمة كان يفتش عن هكذا نتيجة وهكذا رد فعل وهو بحاجة إليها. لذلك انني متخوف من ان نكون نؤمّن له طلبه في هذه الحالة". وطلب فرنجية من الجميع انتظار نتيجة التحقيق والمعطيات المتوافرة، ونرى إذا كانت الدولة جدية في التحقيق، ام انها غير ذلك. وعلى اثر ذلك يحق للمعارضة ان تهاجم او تقول جرى عمل جدي في هذا الموضوع. اما الأحكام المسبقة التي صدرت على الدولة والحكم والنظام، فلن نرد عليها لأنها رد فعل. ونتمنى ألا يكون احد يتاجر بدم الرئيس الشهيد رفيق الحريري. فقد شاهدنا مجموعة من الناس كانت موجودة في منزله نعرف تماماً رأيه فيها سابقاً، ونعرف ان لا شيء كان يربطها به، فأصبحوا اليوم هم حريصين على دمه. إن الدولة هي التي عاشت معه وهو الذي بناها، وأركان هذه الدولة هم الذين رافقوه منذ دخوله الدولة وحتى اليوم. وإذا اختلفوا معه في فترة معينة في السياسة، لم يكن هناك اي خلاف شخصي بين اركان الدولة والرئيس الحريري، اما الخلافات الشخصية والعقائدية فكانت مع اركان المعارضة، ونحن وزراء الدولة كنا ننتمي الى استراتيجية واحدة مع الرئيس الحريري، وفي الخط السياسي ذاته والهدف السياسي نفسه. قد نكون اختلفنا على التفاصيل لكن ذلك لا يعني ان يجري ما جرى. وفي هذه الجريمة نعتبر اننا نحن المستهدفون وخطنا السياسي هو المستهدف". وأضاف:"كنا نتمنى ان يتم التعاطي مع الدولة وأركانها بغير رد الفعل الذي صدر من جانب اعضاء كتلة الرئيس الحريري النيابية. نحن نعتبر انفسنا اقرب من الرئيس الحريري ومن عائلته، اكثر من كثيرين الجالسين اليوم في قريطم". وذكّر فرنجية بأنه في السابق"تعرضنا نحن لعملية اغتيال في بيتنا وجاء اناس كثيرون يقولون لنا فلان مثل والدك وجاؤوا عند جدي المرحوم يوجهونه في اتجاهات معينة لكنه من خلال حكمته عرف من قتل ابنه، والمرحلة الراهنة هي التي نشهد على حكمة الشيخ بهاء وأدعوه الى عدم الإصغاء الى من يريدون ان يقولوا له ما يناسب مصلحتهم الخاصة وما يرضي توجهاتهم. اتمنى بحكمة الشيخ بهاء وعائلة الرئيس رفيق الحريري ان يتم امتصاص وضع الشارع ونتيجة اغتيال الرئيس الشهيد". لافتاً الى ان"ما يريحنا اكثر هو التعاون مع عائلة المرحوم وهم اكثر اناس تقع عليهم مسؤولية المساهمة في الوحدة الوطنية"، ومعتبراً ان"في إمكانهم تسهيل امور كثيرة واختصار كل الطرق، وإذا لم يحصل الأمر تكون المسألة اصعب". وعن رفض عائلة الرئيس الراحل اقامة مأتم رسمي قال:"هذه كلها ردود فعل نتفهمها، لكن هناك حالياً مسؤوليات وطنية عند كل واحد منا. بالأمس كنا نتخاصم سياسياً وكل واحد كان يدلي برأيه، وهذه المسائل عاشها لبنان قبل انتخابات العام 2000 وقبل العام 1996، واليوم كانت اعلى بسبب التدخل الدولي والقرار 1559 ولكن الصراع كان لا يزال ديموقراطياً. اليوم اصبحنا امام مسؤوليات وطنية وعلينا تحمّل هذه المسؤوليات". وعما اذا كان هناك خطر على البلاد قال فرنجية:"اكيد هناك خطر على المرحلة الراهنة، وأسئلة عمّن سيتدخل وعن اي جهات اجنبية ستتدخل لخربطة الوضع وعمّن يغذي هذا الجو لتحقيق مصالح دول معينة؟ الشيخ بهاء لديه حكمة كافية ليتحمل مسؤولياته الوطنية ويقرأ ما يريد كل واحد ومقاصد كل واحد". وكشف فرنجية انه رغب ان يقوم بواجب التعزية"لكن نصحوني بعدم الحضور واتصلت شخصياً بنجله بهاء ولا أزال أنتظر جواباً". واعتبر ان الفاعلين"جهات دولية"، مشيراً الى ان"التحقيقات تنطلق من مكان معين وإذا وصلت الى طرق مسدودة تتوقف، والجرائم الكبيرة صعب كشفها ولا احد يمكنه التكهن بالنتيجة". ونفى ان يكون المكان الذي حصل فيه الانفجار خارج النطاق الأمني، إذ"تعرضتپاميركا لاعتداءات في 11 ايلول سبتمبر 2001 وهذا لا يعني عدم وجود امن فيها، هناك ثغرات استغلها المجرمون كما يحصل في كل مكان". ولفت وزير العدل القاضي عدنان عضوم الى انه"لا يجب نسيان المحاولات التي تمت في السابق مثل تفجير سفارات في وسط بيروت وعمليات تنظيمية فلماذا اليوم نتعجب من إمكان وجود تنظيم". وبالنسبة الى النقص في الخبرات الفنية قال عضوم:"لدينا في قوى الأمن الداخلي جهاز علمي من الطراز الرفيع المستوى في ميدان الأدلة الجنائية، والأجهزة القضائية المتخصصة هي التي تقرر اذا كنا في حاجة الى الاستعانة بخبرات دولية، ونحن ليس لدينا اي اعتراض على هذا الموضوع. ومبدأ المساعدة وإظهار الحقيقة للملأ ليس لدينا اي اعتراض عليه. ولبنان سبّاق في الكشف عن الكثير من الجرائم". أضاف:"ان الرئيس الحريري شهيد لبنان واغتياله هو اغتيال للبنان وللمؤسسات، ومحاولة لعدم وجود دولة وهدمها وهذا ضمن لعبة الصراع القائم". الفرزلي: تضخيم من جهته، قال الوزير الفرزلي:"نحن نعتبر ان الاستقرار هو من الإنجازات المميزة التي حققتها الدولة اللبنانية وأحد اركانها دولة الرئيس الحريري، منذ عام 1992 حتى اليوم وان استهداف هذا الرمز الكبير هو محاولة واضحة لاستهداف هذا الإنجاز لكي تسقط فكرة الدولة المستقرة التي تستطيع ان تستفيد حتى من المردود الاقتصادي". وعن الخطوات التي يمكن للدولة ان تقوم بها في مواجهة الجو الذي أوجدته المعارضة قال الوزير الفرزلي:"هناك تضخيم لتحميل الدولة المسؤولية. احد الوزراء السابقين وهو احد اعضاء لقاء المعارضة قال اول من امس ان تحميل المسؤولية للدولة هو تحميل مبدئي. ونحن لا نستطيع ان نتصور إلا التحميل المبدئي والقانوني لأنه كان هناك تحميل لا يستند الى وقائع مادية ملموسة. ومن دون ان تملك الأدلة، يكون الاتهام جرماً بحد ذاته".